أثار قرار نقابة المحامين في سوريا، الصادر بتاريخ 26 فبراير 2025، والقاضي بعدم اعتماد هويات المجالس المحلية للحصول على سند توكيل قضائي، جدلاً واسعاً بين الأهالي في شمالي سوريا. ونص القرار على اعتماد الهوية السورية أو هوية حكومة الإنقاذ أو جواز السفر فقط، مع إمكانية قبول بيان قيد نفوس فردي مرفق بصورة شخصية مختومة رسمياً.
ويعود السبب وراء هذا القرار، بحسب مصادر قانونية، إلى التخوف من تداعيات التوكيل، خاصةً فيما يتعلق بالتصرفات العقارية كالبيع أو نقل الملكية، إذ ترى النقابة أن بعض الجهات قد تساهلت في عملية التوثيق، مما قد يؤدي إلى حدوث عمليات تزوير أو انتحال شخصية.
المحامي نادر المطروح، في تصريح خاص لمنصة سوريا 24 أكد أن الجغرافيا السورية تشهد تعدداً في وسائل إثبات الشخصية، والتي تشمل عدة وثائق مثل الهوية السورية، هوية حكومة الإنقاذ، هوية المجالس المحلية، جوازات السفر، وإخراجات القيد المختلفة. ويرى أن جميع هذه الوثائق تحمل قيمة ثبوتية لا يمكن إهدارها، مشدداً على أهمية تحقيق توازن بين حماية الحقوق ومنع التزوير.
ولتحقيق هذا التوازن، يقترح المطروح عدة تدابير، منها:
1. إنشاء قاعدة بيانات مشتركة بين الجهات المصدرة للوثائق، لضمان التحقق من صحتها.
2. فرض تحقق مزدوج في المعاملات الحساسة، كتقديم أكثر من وثيقة عند إجراء التصرفات العقارية.
3. تشكيل لجنة قانونية مستقلة تعمل على مراجعة الوثائق وتوحيد معايير الاعتراف بها.
وأشار المحامي إلى أن القرار لا يحمل بعداً سياسياً، بل هو تقني قانوني بحت، إذ تسعى الجهات المختصة للموازنة بين الواقع القانوني القائم في الشمال السوري، حيث أصدرت عدة جهات وثائق وهويات مختلفة، وبين ضرورة ضمان دقة التوثيق ومنع أي تلاعب أو تزوير قد يضر بالحقوق المدنية للمواطنين.
وعقب الجدل الواسع والاعتراضات التي قوبل بها القرار، صدر تعميم لاحق يقضي بقبول هويات المجالس المحلية في معاملات الوكالات الشرعية والعادية والجزائية، بينما لا تزال المعاملات العقارية، مثل البيع ونقل الملكية، مشروطة بإرفاق بيان قيد مدني رسمي مع صورة شخصية مختومة أصولاً، إلى جانب حضور معرفين للشهادة على هوية الشخص المعني.
وقال المحامي كامل أطلي، رئيس فرع نقابة المحامين في حلب في حديث خاص لمنصة سوريا 24 إن النقابة تتفهم واقع الهويات الصادرة عن المجالس المحلية، ولذلك فقد تم الاتفاق على قبولها في الدعاوى الجزائية والشرعية. أما فيما يتعلق بالقضايا العامة، كالبيوع والهبة، فقد أوضح أنه يمكن قبول هذه الهويات بشرط إرفاق وثيقة داعمة، ويفضل أن تكون بيان قيد فردي يحمل صورة مختومة رسمياً، مع تقديم معرفين، على أن تتم هذه الإجراءات تحت مسؤولية المحامي الوكيل وبمعرفته.
ويرى المحامي نادر المطروح أن هويات المجالس المحلية تتمتع بميزات تقنية متطورة، حيث تحتوي على بيانات بيومترية دقيقة، تشمل بصمات الأصابع وصوراً بانورامية لحامليها، مما يعزز موثوقيتها ويقلل من احتمالات التزوير. كما أشار إلى أن هناك نحو مليوني شخص في شمال سوريا يحملون هذه الهوية، ومن غير الواقعي أن يُطلب منهم جميعاً الحصول على وثائق رسمية جديدة خلال فترة قصيرة، نظراً للتحديات الإدارية واللوجستية التي تواجه إصدار هوية وطنية لهم.
وبناءً على ذلك، يؤكد المطروح أن الحل الأمثل يكمن في إيجاد صيغة تضمن الاعتراف بهويات المجالس المحلية ضمن ضوابط معينة، بما يحفظ حقوق المواطنين ويحقق الاستقرار القانوني في المنطقة.