سوريا: ما الذي يعرقل عملية التعافي وتدفق المساعدات الدولية؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

أكد محللون سياسيون في حديثهم لمنصة “سوريا ٢٤“، أنه بعد أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط نظام الأسد السابق، تواجه سوريا، تحت قيادة الرئيس أحمد الشرع، تحديات جمّة تعيق تدفق المساعدات والاستثمارات الأجنبية اللازمة لإعادة إعمار البلاد.

ورغم الجهود الدولية المتصاعدة لدعم الحكومة الجديدة، تظل العقوبات الاقتصادية والتوترات الإقليمية والمخاوف الدولية حول الاستقرار السياسي والاجتماعي عوامل رئيسية تؤخر عجلة التعافي.

وفي هذا السياق، يعقد الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين مؤتمراً للمانحين في بروكسل، بحضور ممثلين عن الحكومة السورية لأول مرة، في خطوة تاريخية تهدف إلى حشد الدعم الدولي.

واقع اقتصادي وأمني متردٍ

وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإن الوضع في سوريا لا يزال متردياً، حيث دمرت 14 عاماً من الحرب الاقتصاد، ويعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، وربع السكان عاطلون عن العمل، بينما يعتمد 16.5 مليون شخص على المساعدات الإنسانية. في الوقت ذاته، يعاني البنك المركزي من نقص حاد في السيولة، فيما باتت الليرة السورية نادرة جداً.

أمنياً، تكافح الحكومة السورية بقيادة الشرع من أجل فرض الاستقرار، فقد أسفرت اشتباكات بين فلول النظام السابق وقوات الأمن عن مئات القتلى، خاصة في الساحل السوري، بينما تواصل إسرائيل غاراتها الجوية وبناء مواقع عسكرية على الحدود.

المصالح الدولية تحكم التدفق

ويرى الكاتب السياسي أحمد العربي في حديثه لمنصة “سوريا ٢٤“، أن: “ما يحكم تدفق الاستثمارات والمساعدات الأجنبية إلى سوريا المنتصرة وحكومتها الجديدة هو المصالح الدولية عامة، أهمها أمريكا وحلفاؤها، وكذلك مصالح كل دولة غربية على حدة”.

ويضيف في تصريحاته أن هناك “اندفاعاً أمريكياً وأوروبياً، وحتى من كندا وكوريا الجنوبية، لاحتضان الحكم الجديد في سوريا والعمل على رفع العقوبات عنه وتسهيل تحويل الأموال”، لكنه يشير إلى أن “تفاعل الدول مع متغير بحجم ما حصل في سوريا يحتاج إلى مزيد من الضوابط لمصالحها وهواجسها، خاصة في موضوع الأقليات والحريات والديمقراطية”.

ويؤكد العربي أن “كل الدول الأوروبية تقريباً ساعدت وتعد بالمساعدة في إعادة نهضة سوريا”، مشيراً إلى أن “أمريكا تقود القاطرة الغربية الإيجابية مع سوريا، حيث رعت اتفاق قسد بقيادة مظلوم عبدي مع الرئيس أحمد الشرع”.

ووفقاً للعربي: “لا ننسى الاحتضان الكامل من تركيا وقطر والسعودية وحتى مصر للدولة السورية الجديدة وقيادتها، فقد كان إمداد سوريا بالغاز القطري أول الغيث، حيث تعاد الكهرباء لساعات يومية لكل المدن السورية، كما أن إمداد النفط من شمال شرق سوريا لمصافي حمص وطرطوس يعيد عجلة الاقتصاد للعمل بشكل إيجابي جداً”.

لكن العربي يحذر في ذات الوقت من أن “ما ينغص على السوريين هو إيران التي حاولت مع فلول النظام إعادة عقارب الساعة للخلف على حساب الدم السوري في الساحل وفشلت، وكذلك إسرائيل التي ما زالت تصر على تقسيم سوريا حسب مصالحها، تلعب بالورقة الدرزية السورية ولن تنجح لأن أهلنا الدروز الوطنيين لن يسمحوا بذلك بالتعاون مع الدولة السورية”.

جهود دولية متصاعدة

وفي ظل هذه التحديات، يحتضن الاتحاد الأوروبي اليوم مؤتمر المانحين التاسع في بروكسل، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في خطوة تهدف إلى تعزيز الدعم الدولي لسوريا.

وتسعى الدول الـ27 إلى حشد مساعدة المجتمع الدولي لإعادة بناء البلاد، في تحول ملحوظ عن النسخ السابقة التي ركزت فقط على المساعدات الإنسانية.

وفي هذا السياق، تعهدت ألمانيا، اليوم، بتقديم 300 مليون يورو كمساعدة جديدة لسوريا.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: “في سبيل هذه المهمة الهائلة، ستوفر ألمانيا للأمم المتحدة ومجموعة من المنظمات 300 مليون يورو إضافية في إطار هذه العملية السلمية ومن أجل الشعب السوري وشعوب المنطقة”.

وأضافت: “بوصفنا أوروبيين، نقف معاً من أجل الشعب السوري، ومن أجل سوريا حرة وسلمية”، مؤكدة ضرورة وجود عملية سياسية شاملة لضمان مستقبل مستقر.

العقوبات أداة سياسية مستمرة

من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي علاء الدين زيات في حديثه لمنصة “سوريا ٢٤“، أن: “سلاح العقوبات الاقتصادية والمالية المسلط كماكينة كبح سياسية واجتماعية لن يحال للتقاعد قريباً”.

ويوضح زيات أن هذه العقوبات “تتحرك اليوم هبوطاً أو صعوداً في استراتيجيات إدارة ملفات المنطقة وفق توازنات جغرافية أوسع من مساحة الجغرافيا السورية، ومن هنا يبدو التأرجح غير قابل للتفسير إذا انطلق من زاوية سورية ضيقة”.

وحسب زيات، فإن: “المصلحة الوطنية السورية ومصالح المجتمع غائبة عن أهداف تلك العقوبات، إذ تقدم الدول الفارضة لها شروطاً مستمدة من سياسات صندوق النقد التي تبقي الاقتصاد المحلي والسياسات الاجتماعية رهينة العجز، وفي حال سوريا، البقاء في عوز المساعدات وبالتالي فرض شروط سياسية أكبر”.

ويتابع زيات: “النماذج في تطبيق العقوبات، سواء العراقي أو الليبي أو السوري، ساهمت في حرمان بنى الأنظمة من موارد كبيرة ووضع معيقات أمام أي هندسة اجتماعية تنموية، لكن نتائج انهيار الأنظمة الثلاث لم تكن فاتحة نهضة تنموية، بل كانت بوابات لمزيد من التشتت الاجتماعي والتراجع الاقتصادي”.

واعتبر زيات أن “المشكلة الملحة المتعلقة بسوريا اليوم هي عمق تسييس الملف الإنساني، الذي يضغط بقوة استناداً لسنوات الصراع الطويلة والتآكل التدريجي للسيادة، مما جعل البلاد في دوامة استباحة حدودية ونهب وتشتت أصولها، ويأتي سلاح العقوبات ليجعل أي مشروع نهوض للانتقال من الدولة الفاشلة إلى الدولة السيدة أقرب للمعجزة”.

ويختتم حديثه بالقول: “ما زالت سوريا ساحة صراع إقليمي ونموذجاً فاقعاً للاحتدام الدولي، والمأساة أن سخونة الصراعات تنعكس بطرق مختلفة في البيئة الهشة السورية، في حين لا يبدو أن انعكاسات إيجابية تتبلور بحال تبريد تلك الصراعات”.

العقوبات: العائق الأكبر

ورغم تخفيف بعض الدول للعقوبات، كالاتحاد الأوروبي الذي علق قيوداً على قطاعات الطاقة والمصارف، وبريطانيا التي رفعت عقوبات عن 24 كياناً سورياً، لا تزال العقوبات الأمريكية الصارمة، بما فيها قانون قيصر، تشكل عائقاً رئيسياً، حيث تتردد دول مثل قطر في تقديم الدعم المالي خوفاً من انتهاك القوانين الأمريكية، مما يعيق تدفق الاستثمارات والمساعدات اللازمة لإنعاش سوريا.

مقالات ذات صلة