تعهدت الدول المانحة في مؤتمر بروكسل بتقديم 5.8 مليار يورو خلال مؤتمر المانحين الدولي، الذي عُقد بهدف حشد الدعم لسوريا ودول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين.
ركز المؤتمر على ثلاثة مجالات رئيسية للمساعدات: المساعدات الإنسانية العاجلة، وإعادة الإعمار المبكرة، ودعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة. وشدد على عدم توجيه المساعدات عبر السلطات السورية حاليًا، بل عن طريق منظمات الأمم المتحدة والإغاثة. وتشمل المساعدات الإنسانية توفير الإغاثة الطارئة للسوريين داخل البلاد وللاجئين في الخارج، مثل الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى، والمياه النظيفة.
أما إعادة الإعمار المبكرة، فتشمل إصلاح البنية التحتية الأساسية واستعادة الخدمات الحيوية، كالكهرباء ومياه الشرب، في المناطق الأكثر تضررًا، إلى جانب دعم جهود إنعاش الاقتصاد المحلي وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية.
وفيما يتعلق بدعم اللاجئين، تعهّد المانحون بتمويل برامج تساعد اللاجئين السوريين في دول الجوار من خلال تحسين خدمات التعليم والصحة في المجتمعات المضيفة، وتوفير فرص “النقد مقابل العمل” لتمكين السوريين من كسب العيش.
لقاءات دبلوماسية على هامش المؤتمر
شارك وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في المؤتمر، وهو أول تمثيل رسمي للحكومة الانتقالية في المحافل الأوروبية منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وعلى هامش المؤتمر، عقد الشيباني عدة لقاءات دبلوماسية مهمة مع عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين والعرب. حيث التقى بوزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، وناقشا القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما اجتمع بـمريم المسند، وزيرة الدولة للتعاون الدولي في وزارة الخارجية القطرية، لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين.
وفي لقاءات جانبية، اجتمع الشيباني مع نظيره البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، ونظيره الروماني، إميل هوريزيانو، بالإضافة إلى وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفوت، حيث تم تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية.
كما عقد لقاءً ثنائيًا مع كايا كالاس، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي، تناول سبل تعزيز التعاون بين سوريا والاتحاد الأوروبي.
وفي إطار اللقاءات الدولية، التقى الشيباني بوزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، هاميش فالكونر، والمبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا، آن سنو، ومدير التنمية البريطانية السورية، بيتر ماكديرموت، حيث جرى بحث التطورات الإنسانية والسياسية في سوريا.
واختتم الشيباني لقاءاته باجتماع مع نظيره اللبناني، يوسف رجي، لمناقشة التطورات على الحدود اللبنانية – السورية.
الملف السياسي ومستقبل سوريا
أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي مستعد للعمل مع الحكومة الانتقالية السورية لدعم جهود إعادة الإعمار، شريطة تحقيق انتقال سياسي شامل يمثل جميع أطياف المجتمع السوري. كما رحبت بتوقيع الدستور الانتقالي والاتفاق بين الحكومة الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية، معتبرة ذلك خطوة مهمة نحو الاستقرار.
من جانبه، شدد الشيباني على التزام الحكومة الانتقالية بالمصالحة الوطنية، مؤكدًا أن سوريا الجديدة لن تتسامح مع أي محاولات لزعزعة الاستقرار، كما أعلن عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في أحداث العنف الأخيرة التي شهدها الساحل السوري.
التحديات الإنسانية والاقتصادية
مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 2.5 مليار يورو لدعم السوريين داخل البلاد وفي الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان والعراق وتركيا. كما أعلن عن تخفيف العقوبات المفروضة على القطاع المصرفي السوري، في خطوة تهدف إلى دعم الانتعاش الاقتصادي.
في المقابل، أثارت التقارير الحقوقية حول أعمال العنف في بعض المناطق السورية قلقًا لدى المانحين، حيث طالبت العديد من الدول الأوروبية الحكومة الانتقالية بضمان المحاسبة ومنع تكرار الانتهاكات.
مستقبل الدعم الدولي لسوريا
رغم التعهدات المالية المعلنة، فإن تحديات كبيرة ما زالت تواجه سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، خاصة مع خفض الولايات المتحدة لمساعداتها الإنسانية والتنموية. ورغم الجهود الدولية لدعم الاستقرار، إلا أن أعمال العنف الأخيرة تلقي بظلالها على المرحلة الانتقالية.
مع استمرار هذه التحديات، يأمل المجتمع الدولي أن يتمكن مؤتمر بروكسل من وضع خارطة طريق واضحة لدعم سوريا في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.