أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان رسمي، عن توقعات بإصدار إعفاءات محتملة من العقوبات المفروضة على سوريا، مشيرة إلى دعمها لتشكيل حكومة مدنية شاملة ومتعددة الأطراف تُعنى بمحاربة الإرهاب في البلاد.
وأكدت الخارجية أنها تراقب سلوك النظام السوري وتطورات العملية السياسية، خاصة توقيع الإعلان الدستوري من قبل الرئيس أحمد الشرع، معتبرة أن هذه المستجدات “تُسهم في رسم ملامح السياسة الأميركية المستقبلية تجاه سوريا”.
وفي منشور له على صفحته الرسمية على فيسبوك، علّق الدكتور بكر غبيس، مدير منصة “غلوبال جاستس” والناشط في اللوبي السوري في الولايات المتحدة، على التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، معتبرًا أن “السياسة الأميركية لم تتغير، ولا يوجد أي إعفاء شامل من العقوبات المفروضة على سوريا”. وأوضح أن الترخيص رقم 24 يندرج ضمن ما سمّاه “إجراءات تسهيل إنساني” تهدف إلى دعم بعض الأنشطة التي تساهم في الاستقرار، دون أن تعكس تحولًا في الموقف السياسي الأميركي تجاه دمشق.
وفي تعليقه على البيان، اعتبر فاروق بلال، رئيس المجلس السوري الأميركي، أن التصريحات الأميركية “جيدة جدًا”، لافتًا إلى أن أهميتها تكمن في أمرين: أولهما أن “الحكومة الأميركية بدأت تنظر بإيجابية إلى حكومة دمشق، وهو ما يُعد شكلًا من أشكال الاعتراف بوجودها”، وثانيهما “عدم وجود سياسة أميركية واضحة حتى الآن تجاه سوريا”، وهو ما يفسّر – بحسب بلال – تأجيل تعيين المبعوث الأميركي الخاص، جو رابين، الذي كان من المفترض أن يباشر مهامه هذا الشهر، قبل أن يُؤجَّل إلى الشهر الخامس أو السادس من العام الجاري.
ورأى بلال أن هذا التأجيل يعكس بدء انخراط أميركي فعلي في الملف السوري، عبر رسم سياسة أكثر وضوحًا وتعيين مندوب خاص معني بالقضية السورية.
ويأتي هذا البيان في وقت وجّه فيه عضوان في الكونغرس الأميركي، هما السيناتور إليزابيث وارن (ديمقراطية – ماساتشوستس)، والنائب جو ويلسون (جمهوري – كارولاينا الجنوبية)، رسالة مشتركة إلى وزيري الخارجية ماركو روبيو والخزانة سكوت بيسنت، دعوا فيها إلى تحديث نظام العقوبات الأميركية على سوريا.
وأعرب المشرّعان عن قلقهما من أن العقوبات، التي فُرضت قبل أكثر من عقد واستهدفت نظامًا لم يعد موجودًا بصيغته السابقة، باتت تهدد الأهداف الاستراتيجية للأمن القومي الأميركي، وتعيق جهود إعادة إعمار سوريا، فضلًا عن أنها تدفع السوريين نحو الأسواق غير المشروعة، مما يعزز نفوذ خصوم الولايات المتحدة كإيران وروسيا.
وفي هذا السياق، قال زكي لبابيدي، عضو مجلس التحالف الأميركي من أجل سوريا، لمنصة سوريا 24، إن بيان الخارجية الأميركية جاء متزامنًا مع الرسالة البرلمانية، التي كانت نتيجة جهود جماعية تقودها منظمات الجالية السورية في الولايات المتحدة، وعلى رأسها تحالف المنظمات الأميركية من أجل سوريا والمجلس السوري الأميركي.
وأوضح أن هذه المبادرة انطلقت قبل نحو شهرين، وتم خلالها جمع دعم وتواقيع من جهات متعددة لحثّ العضوين على إرسال الرسالة. كما أشار إلى أن الحكومة الأميركية من المتوقع أن تتفاعل مع مضمون الرسالة، خصوصًا في ظل استعداد عدد من أعضاء الكونغرس لطرح أسئلة رسمية بشأنها.
وأكد لبابيدي أن هذه الخطوات تصبّ في دعم ملف رفع العقوبات عن سوريا، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن التحرك يتم بحذر، في ظل وجود تيار داخل الإدارة الأميركية – من بينهم رئيسة الاستخبارات الحالية – يعارض أي تقارب مع الإدارة السورية الجديدة، ويحظى هذا التوجه بدعم من شخصيات بارزة في المؤسسة الأميركية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن العمل مستمر لتعزيز التأثير في السياسات الأميركية، بما يخدم تطلعات السوريين ويدفع نحو تحقيق العدالة والمساءلة.
في المقابل، اعتبر الصحفي والباحث السياسي أيمن عبد النور أن الرسالة البرلمانية الأخيرة لا تُشكّل تحولًا جوهريًا في الموقف الأميركي. وقال لمنصة سوريا 24 إن الرسالة ذات طابع تحفيزي للإدارة الأميركية، وليست مشروعًا جادًا لتغيير أو إلغاء العقوبات، لافتًا إلى أن الموقعين عليها لا يملكون ثقلًا سياسيًا كافيًا لفرض تغيير في السياسة.
وأضاف عبد النور: “الرسالة لم تُطرح للتصويت، ولم تتضمن طلبًا صريحًا بإلغاء العقوبات. وبالتالي فإن تأثيرها العملي محدود”.