بعد أكثر من ثلاثة أشهر على التحرير وسقوط النظام السابق في سوريا، يعيش الشباب السوري حالة من التطلّع إلى المستقبل وسط تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة.
البحث عن فرص العمل في ظل الغلاء
مع توقّف معظم المنظمات الإغاثية بعد التحرير، أصبح تأمين العمل هاجسًا يوميًا للشباب وسط ارتفاع الأسعار، يقول موفق أبو الفداء: “أبرز طموحات الشباب هي تأمين فرص عمل”، مشيرًا إلى صعوبة تلبية احتياجات المنزل كَتَحدٍّ مُلِحّ.
ويضيف في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤، أن “واقع الحكومة الجديدة يعاني من ضعف الموارد وعدم الاستقرار الاقتصادي والأمني، وهي عوامل تجعل تحقيق هذا الطموح بعيد المنال حاليًا”.
الحلم بدولة عادلة ومزدهرة
بعد سنوات من الصراع، يرى كثيرون أن التحرير فتح الباب لأحلام كبيرة بإعادة بناء سوريا على أسس جديدة، وفي هذا الجانب يقول عبد الكريم العمر في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤: “الشباب لا يزال يعيش نشوة الانتصار، لكنه يحلم بحياة سعيدة في بلدٍ يسوده القانون والعدالة والحرية السياسية والإعلامية”.
ويتابع قائلًا: “نطمح لإعادة الإعمار وجذب الاستثمارات لتكون سوريا نموذجًا جديدًا بين دول الربيع العربي”.
استقرار شخصي وسط الدمار
الدمار الذي خلّفته الحرب جعل امتلاك منزلٍ حُلمًا مشتركًا لكثير من الشباب السوري، يقول حسين بويضاني في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤: “أطمح لامتلاك منزل سكني ولو صغير”، معبّرًا عن واقع الخراب في المدن.
ورغم أن بويضاني لم يتطرّق إلى تحديات محددة، فإن طموحاته البسيطة تكشف عن رغبة عارمة في استعادة الحياة الطبيعية: “أتمنى العمل في منطقتي وتأسيس أسرة مستقرة”.
إحباط بسبب غياب الدعم
غياب الدعم المؤسسي يترك الشباب، سواء في الداخل أو المغتربين، في حالة من العجز عن تحقيق أحلامهم، يقول طلعت معروف في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤: “طموح أي شاب هو العودة إلى العمل والمساهمة في بناء البلد”، لكنه يشير إلى أن الشباب في الداخل “لا حول لهم ولا قوة بسبب غياب السيولة وعدم وجود جهاتٍ تُقدّم الرعاية”، ويضيف أن المغتربين يفتقرون إلى “جهة تضعهم على الطريق الصحيح أو تقدّم وعودًا”.
طموحات مهنية وتحديات وظيفية
الشباب ذوو الطموحات المهنية يواجهون بيئة عمل تعاني من الروتين وقلة الفرص، حيث يسعى محمد نور حسين وطفة إلى أن يكون محررًا صحفيًا باللغتين العربية والإنجليزية ومعلّمًا في المؤسسات التربوية، لكنه يواجه تحديات مثل الروتين الوظيفي، وإهمال الجانب الإبداعي، وغياب الحوافز، والدخل الضعيف الذي لا يكفي المواصلات، إلى جانب المحسوبيات وعدم تكافؤ الفرص، حسب ما ذكر في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤.
أحلام إعلامية في ظل منافسة غير عادلة
الشباب الحاصلون على شهادات جامعية يطمحون لاستغلال مؤهلاتهم، لكن المنافسة غير العادلة تعيقهم، وفي هذا الصدد يحلم علي مهنا حمامة بأن يكون مراسلًا إعلاميًا أو مدير فريق إعلامي، والحصول على وظيفة حكومية أو خاصة تستند إلى شهادته في ريادة الأعمال، لكنه، وحسب ما أفاد في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤، يواجه المحسوبيات والمنافسة غير العادلة بسبب تضخيم السِّيَر الذاتية وقلة فرص العمل برواتب لا تكفي المواصلات، مع عدم استقرار الوضع الاقتصادي، حسب تعبيره.
حياة كريمة بعيدًا عن الاستغلال
تدنّي الأجور وقلّة الوظائف يجعل الاستقلال المادي تحديًا كبيرًا للشباب، يقول قصي عبد الباري في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤: “أبرز الطموحات هو إيجاد فرصة عمل تضمن حياة كريمة بعيدًا عن الاستغلال في الرواتب”، ويضيف أن التحديات تكمن في “قلة الشواغر وتدني الأجور، مما يجعل تحقيق هذا الهدف صعبًا في ظل الواقع الحالي”.
رؤية شاملة لإعادة البناء والعدالة
ويرى الشباب في التحرير فرصة لإعادة بناء سوريا ماديًا ومعنويًا على أسس عادلة، تقول مي سباهي في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤: “الشباب يطمحون لإعادة الإعمار ببناء البيوت وإصلاح الطرقات، وتأسيس دولة قانون وعدالة، وتوفير التعليم والتأهيل، وتحسين الوضع المعيشي بفرص عمل بعيدة عن الفساد، إلى جانب محاسبة المسؤولين عن الجرائم وعودة اللاجئين في بيئة آمنة”.
تحديات شاملة تهدّد الاستقرار
ورغم التحرير، تبقى التحديات الأمنية والاقتصادية عائقًا أمام استقرار سوريا، حيث يقول محمد شاوردي في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤: “التحديات تشمل الوضع الأمني غير المستقر، والأزمة الاقتصادية مع ضعف الليرة وارتفاع الأسعار، والدمار الكبير، وقلة الخبرات الإدارية، والتدخلات الخارجية، وملف العدالة والمحاسبة، ورفض السلطات مشاركة الشباب خارج تيارها”.
رؤى متباينة وأمل حذر
وتتفاوت الآراء بين أحلام الشباب بدولةٍ عادلة، وإحباطِ آخرين بسبب التحديات، بينما يركّز شباب آخرون على الاستقرار الشخصي، في حين يصطدم البعض الآخر بعقبات مهنية، إلى جانب الطموحات رغم الواقع الاقتصادي الذي يعيشونه.
ووسط كل ذلك، يقف الشباب السوري بين طموحات كبيرة وتحديات ضخمة، من استعادة الحياة الطبيعية إلى بناء دولة مزدهرة. تتطلب هذه الأحلام تعاونًا بين الحكومة الجديدة، والمجتمع الدولي، والشباب، إلا أن التحديات الأمنية والاقتصادية قد تعيق التقدّم، لكن إصرار هذا الجيل قد يكون مفتاح إعادة الحياة إلى سوريا بعد الدمار.