الساحل السوري: حركة اقتصادية متباينة بين الانتعاش والتحديات

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

مع اقتراب نهاية شهر رمضان المبارك، تتعدد المشاهد الاقتصادية والمعيشية في مدن الساحل السوري، حيث تتراوح الأوضاع بين انتعاشٍ خجولٍ في بعض المناطق وحركةٍ شبه معدومة في أخرى.

وتستمر الحياة في اللاذقية وجبلة وبانياس في محاولةٍ لاستعادة نبضها الطبيعي بعد سنواتٍ من التحديات، لكن ارتفاع الأسعار، ونقص السيولة، وتردي الأوضاع الاقتصادية لا تزال تُلقي بظلالها على السكان، خاصةً مع اقتراب عيد الفطر.

بانياس وجبلة: حركة اقتصادية ضعيفة وقلق أمني

في مدينة بانياس، يصف ماهر سلمان، أحد السكان، في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤، الحركة الاقتصادية بأنها “خجولة بشكل عام”، مرجعًا السبب إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية.

وقد بدأت الأسواق في المدن تستعيد نشاطها تدريجيًا، بينما تبقى القرى المحيطة، خاصةً تلك التي نُشرت فيها الحواجز الأمنية، تعاني من شبه انعدامٍ للحركة التجارية: “الناس هناك تعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الغذائية”، حسب سلمان.
ورغم أن السلع والبضائع متوفرة، فإن القدرة الشرائية ضعيفة جدًا، وفي كلٍّ من بانياس وجبلة، تتوقف الدوائر الحكومية عن العمل بشكلٍ كبير، بينما يتركّز النشاط الاقتصادي في مركز المحافظة، أي في طرطوس واللاذقية.

ويُبرز سلمان مخاوف السكان من “الفلتان الأمني” في بعض المناطق، إلى جانب الضغوط المعيشية التي تفاقمت مع أسعارٍ تفوق بكثير الرواتب الشهرية المتدنية، والتي تُقدَّر بـ 350 ألف ليرة سورية كحدٍّ وسطي: “حركة الشراء خفيفة، وأسعار الملابس والحلويات مع اقتراب العيد تجعل الراتب الشهري يبدو مجرد رقم رمزي”.

اللاذقية: ازدحام الأسواق واعتماد على الحوالات

في المقابل، يبدو المشهد في اللاذقية أكثر حيوية، حيث يرى أدهم أبو الحسام، أحد سكان المدينة، في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤، أن الحياة عادت إلى طبيعتها بشكلٍ ملحوظ: “الأسواق فتحت أبوابها ليلًا ونهارًا منذ يوم الخميس، والحركة الاقتصادية جيدة مع ازدحامٍ واضح”.

ولفت إلى أن هذا الازدحام لا يعكس بالضرورة قوة شرائية حقيقية، بل يعتمد بشكلٍ كبير على الحوالات الخارجية، ويوضح أن شركة “الفؤاد”، المعتمَد الوحيد لاستلام حوالات “ويسترن يونيون” في المحافظة، تشهد طوابير طويلة تصل إلى 100 شخص يوميًا، مع انتظارٍ قد يمتد لأكثر من أربع ساعات.

وعلى صعيد الأسعار، يشكو أبو الحسام من تفاوتٍ كبير بين الرواتب وتكاليف المعيشة، حيث يبلغ سعر بنطلونٍ عادي 100 ألف ليرة سورية، بينما تصل تكلفة كيلو السمن الحيواني إلى 110 آلاف ليرة، مقابل 25 ألفًا للسمن النباتي المستخدم في تحضير الحلويات المنزلية: “الحلويات الجاهزة لا توازي الرواتب أبدًا، لكن المنزلية أرخص بكثير”.

ومع تحسنٍ طفيف في الكهرباء، التي باتت متوفرة لثماني ساعات يوميًا، يرى أصحاب المحلات أن الإقبال أفضل مقارنةً بسنوات الثورة الأولى، رغم أن نقص السيولة يبقى العائق الأبرز.

جهود رسمية لاستعادة الاستقرار

من جانبها، أكدت الجهات الرسمية عودة الأمان إلى اللاذقية بعد الأحداث الأخيرة، حيث أعلن مجلس المحافظة أن وزارة الدفاع وقوى الأمن تمكّنت من استعادة الاستقرار.

وفي خطوةٍ ميدانية، قام محافظ اللاذقية، محمد عثمان، بزيارة أحياء المنتزه والحمام للاطلاع على أوضاع السكان، حيث استمع إلى مطالبهم وأكد التزام الحكومة بتحسين الخدمات الأساسية وضمان الأمن.

كما شهدت منطقة الحفة جولاتٍ تفقدية من مدير المنطقة ومسؤول العلاقات العامة، لمراقبة الأسواق والوقوف على احتياجات الأهالي.

وفي سياقٍ متصل، أعلنت مديرية النقل في اللاذقية استئناف حركة السرافيس والبولمان وتنظيم الرحلات، في محاولةٍ لتسهيل التنقل ودعم الحركة الاقتصادية.

مساعدات إنسانية لدعم المحتاجين

وفي جبلة، وزّعت منظمة الأغذية العالمية، بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري وبإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، سِلالًا غذائية على سكانٍ في مناطق محيطة بمدينة جبلة، في خطوةٍ تهدف إلى تخفيف الضغط المعيشي على الفئات الأكثر احتياجًا.
ومع اقتراب العيد، يبدو الساحل السوري مزيجًا من التناقضات: أسواقٌ مزدحمة تعتمد على الحوالات في اللاذقية، وحركةٌ شبه متوقفة في بانياس وجبلة، مع استمرار التحديات الأمنية والمعيشية.

ورغم الجهود الرسمية لاستعادة الاستقرار، تبقى الأسعار المرتفعة ونقص السيولة العقبة الأكبر أمام انتعاشٍ اقتصادي حقيقي، فيما يتطلّع السكان إلى عيدٍ يحمل معه بعض الفرج.

مقالات ذات صلة