أصدر وزير العدل، القاضي شادي محمد الويسي، تعميمًا يهدف إلى تعزيز الحصانة القضائية والوظيفية الممنوحة للقضاة والمحامين، في خطوة تؤكد حرص الوزارة على توفير بيئة عمل قانونية مستقرة خالية من الضغوط والتأثيرات الخارجية.
وجاء التعميم استجابةً لتقارير وشكاوى وردت من نقابة المحامين حول تجاوزات تعرض لها بعض المحامين من قبل عناصر أمنية، مما أثار مخاوف بشأن انتهاك الحصانة الممنوحة لهم بموجب القانون.
وأوضح التعميم أن الحصانة المقررة للقضاة والمحامين تهدف إلى تمكينهم من أداء رسالتهم السامية باستقلالية وحرية، بعيدًا عن الادعاءات الكيدية أو الإجراءات التي قد تعيق عملهم.
وشدد الوزير على أن هذه الحصانة ليست مطلقة، بل هي إجرائية تكفل ضمانات قانونية دون أن تنال من حقوق الغير أو تشرّع المخالفات والجرائم التي قد يرتكبها أي منهم، بل تحيط التحقيق والملاحقة بإجراءات تضمن نزاهة العملية.
خلفية التعميم وتجاوزات بحق المحامين
وصدر التعميم عقب كتاب وجهه نقيب المحامين في سوريا بتاريخ 4 آذار/مارس 2025،، أشار فيه إلى وقوع تجاوزات من بعض عناصر الأجهزة الأمنية بحق عدد من المحامين،
وتضمنت الإهانة والإساءة، وصولاً إلى خلع أبواب مكاتبهم والعبث بمحتوياتها، في خرق واضح للمادة 78 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي تكفل حصانتهم الوظيفية، واعتبرت هذه الحوادث تهديدًا لاستقلالية العمل القانوني وسلامة النظام القضائي.
وينص قانون السلطة القضائية على حصانة القضاة، التي تمنع إلقاء القبض عليهم أو التحقيق معهم أو تفتيشهم أو تحريك دعوى عامة بحقهم إلا بإذن من لجنة خاصة يرأسها رئيس محكمة النقض.
كما يحدد قانون تنظيم مهنة المحاماة حصانة وظيفية تمنع تفتيش المحامي أو مكتبه أو حجزه أو استجوابه دون إبلاغ رئيس مجلس فرع النقابة التابع له، الذي يحق له الحضور أو توكيل من يمثله، مع استثناء حالات الجرم المشهود التي تتطلب إجراءات فورية.
وأكد التعميم أن توفير بيئة عمل قانونية مستقرة يعد ركيزة أساسية لتحقيق العدالة وضمان نزاهة النظام القضائي، مشيرًا إلى أن هذه الضمانات تعزز اطمئنان القضاة والمحامين أثناء ممارسة مهامهم، مما ينعكس إيجابًا على المتقاضين من خلال حماية حقوقهم والدفاع عنها بحرية وشفافية.
توجيهات صارمة للنيابات والضابطة العدلية
ووجّه التعميم النيابات العامة وعناصر الضابطة العدلية، بما في ذلك الشرطة والأجهزة الأمنية، بالالتزام التام بالحصانة الممنوحة للقضاة والمحامين، محذرًا من اتخاذ أي إجراءات تفتيش أو تحري أو توقيف دون التقيد بالإجراءات القانونية الأصولية.
كما ذكّر الوزير بأن أي مخالفة لهذه الأحكام ستترتب عليها مسؤولية قانونية.
ويُعد هذا التعميم خطوة بارزة نحو تعزيز استقلالية القضاء وحماية العاملين فيه، في وقت تواجه فيه المنظومة القانونية تحديات تتعلق بالضغوط الخارجية.
ويؤكد التعميم التزام وزارة العدل بضمان بيئة عمل تحترم القانون وتحافظ على كرامة وحقوق المتقاضين والعاملين في الحقل القضائي على حد سواء.