داريا تحيي ذكرى أول مظاهرة: احتفال بالنصر واستعادة للأمل

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في ليلةٍ استثنائية بين أبنية داريا المدمّرة وأزقّتها التي دمّرتها البراميل، اجتمع أبناء ريف دمشق ليُحيوا ذكرى أول مظاهرة خرجت في المدينة يوم 25 آذار 2011. كانت المناسبة مزيجًا من الفرح والأمل، ووفاءً لشهداء المدينة الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الحرية. هذه الذكرى، التي كانت رمزًا لانطلاق الثورة السورية، باتت اليوم إعلانًا لصمود داريا واستمرار مسيرتها رغم كل المحن.

إعلانُ انتصارٍ بعد 14 عامًا

ياسر جمال الدين، من المكتب الإعلامي لمدينة داريا وأحد منظّمي الحفل، أكّد في حديث خاص لمنصة سوريا 24 أن الاحتفالية لم تكن مجرد ذكرى، بل إعلان لانتصار المدينة بعد 14 عامًا من النضال. وأضاف: “اليوم نقف في داريا شامخين بعد أن سقط النظام الذي حاول كسر إرادتنا، ونؤكّد أن تضحياتنا لم تذهب سُدىً”.

شهدت المناسبة حضور شخصيات محلية وفعاليات مدنية، بالإضافة إلى شباب الثورة من مختلف المناطق السورية، من دمشق وحوران إلى الغوطة الشرقية ووادي بردى. كما شهدت المناسبة مشاركة إعلاميين وفنانين وعلماء، إضافةً إلى حضور أهالي داريا، سواءً من داخل المدينة أو عبر مشاركاتهم وتفاعلهم من الخارج.

ذكرى الشهداء والتضامن مع غزة

وعلى وقع الهتافات، كان الحضور يستذكر الشهداء الذين امتزجت دماؤهم بتراب داريا، من أبناء المدينة ومن أبناء جميع البلدات التي شاركتها التضحية. هذا الامتزاج في الدماء كان رسالة واضحة بأن الثورة لم تكن يومًا حراكًا محليًا، بل مشروعًا وطنيًا يتشارك فيه الجميع. كما لم يغب عن الحدث استذكار شهداء مدينة درعا والتضامن مع غزة، حيث رُفعت لافتاتٌ دعمًا لأهلها، إلى جانب المطالبة بتحقيق العدالة الانتقالية.

وختم ياسر جمال الدين بقوله: “كما كنا يدًا واحدة في الثورة، علينا أن نكون يدًا واحدة في بناء سوريا، لأن المستقبل لن يصنعه فرد أو مدينة بمفردها، بل نحتاج إلى تكاتف أبناء الريف وأبناء المدن جميعًا لننهض بسوريا من جديد”.

كلمات وشهادات من قلب داريا

محافظ ريف دمشق ألقى كلمة خلال الفعالية، تلتها جلسة ودّية جمعت بعض وجهاء الحضور. أمّا محمد سليم الكسم، أحد أبناء داريا، فقد استذكر في حديثه مع سوريا 24 التضحيات التي قدّمها أهل المدينة، قائلًا:

“داريا استُشهد فيها ابن أختي معتز بالله الشعار إعدامًا ميدانيًا يوم الجمعة العظيمة 22 نيسان 2011، وكان أول شهيد في دمشق، وبعد دقائق تبعه شهيدان آخران من داريا”.

وأضاف: “هذه المدينة التي احتضنت ذكرياتي، حيث كان فيها معلمي وبيوت إخوتي وأصدقائي، وحيث قاتلنا وجُعنا وعطشنا وحوصِرْنا… داريا لم تكن مجرد مكان، بل كانت معركة من أجل البقاء. كل حارة فيها تحمل قصة بطولة كاملة”.

ورغم الدمار الذي أصابها، لا تزال داريا تنبض بالحياة في قلوب أبنائها، كما عبّر كسم عن مشاعره قائلًا: “مدمّرةٌ لكنها جميلة، فيها روح، وتعشقها حين تتنفس هواءها… ربما لهذا السبب أصبح نصف أهل داريا من الشام.”

روح داريا باقية رغم الدمار

كانت داريا، وما تزال، رمزًا للصمود السوري، وذكرى أول مظاهرة خرجت منها لم تُمحَ رغم القصف والحصار والدمار. في هذه الذكرى، لم يكن الاحتفال مجرد استذكار للماضي، بل تأكيدًا على استمرار النضال من أجل الحرية، ورسالة بأن روح داريا لن تموت، بل ستبقى تنبض في قلوب أهلها، حتى لو غابت معالمها تحت الركام.

مقالات ذات صلة