لم تعد السيارة في سوريا حلمًا بعيد المنال كما كانت في السنوات الماضية، بل أصبح امتلاكها خيارًا متاحًا لشريحة واسعة من المواطنين.
ويُعزى ذلك إلى الانخفاض الكبير في قيمة الجمارك، من 400% إلى 10%، ما فتح الباب أمام استيراد عدد كبير من السيارات الحديثة، وأحدث تغييرات جذرية في السوق المحلي.
تنوع في الأسعار وتعدد في المصادر
يؤكد وسام الحسن، صاحب مكتب لاستيراد السيارات في دمشق، في حديثه لمنصة “سوريا 24“، أن الأسعار تختلف حسب الموديل، وتتراوح حاليًا بين تسعة آلاف دولار ومئة ألف دولار.
ويضيف أن السيارات المستوردة تأتي من أسواق متعددة، كالسوق الأميركي والخليجي والكوري والألماني، مشددًا على أن انخفاض الجمارك سهّل عملية الاستيراد بشكل ملحوظ، ما غيّر ملامح السوق تمامًا.
وأوضح الحسن أن القوانين الجديدة تشترط على التاجر امتلاك سجل تجاري ورخصة استيراد، بالإضافة إلى وجود مقر فعلي للشركة. وتشمل آلية الترخيص تقديم وثائق مثل عقد إيجار المكتب، والسجل التجاري، وإيداع نقدي في البنك بنسبة 40% من رأس مال الشركة، إضافة إلى الاشتراك في التأمينات الاجتماعية، وتُقدَّم هذه الأوراق إلى وزارة النقل.
تراجع قيمة السيارات القديمة
من جهة أخرى، يشير عبد العزيز مخزوم، مالك سيارة قديمة، إلى أن الطلب على السيارات المستعملة تراجع بشكل ملحوظ، وتراجعت معها أسعارها في السوق.
ويقول إن غالبية الناس باتوا يتجهون نحو شراء السيارات الحديثة ذات المواصفات الأفضل، مستفيدين من الأسعار الجديدة التي أصبحت في متناول اليد.
وفي السياق ذاته، يرى راكان عبد الله، في حديثه لـ”سوريا 24“، أن هذا الانخفاض أتاح له تحديث سيارته القديمة وشراء أخرى أحدث بسعر مقبول نسبيًا، وهو ما لم يكن ممكنًا في السابق.
السيارة لم تعد وسيلة ادخار ورفاهية
بحسب محمد علي، المهتم بشراء السيارات المستعملة، فإن السيارة لم تعد وسيلة ادخار كما كانت في فترة حكم النظام السابق، حين كانت تحافظ على قيمتها أو حتى ترتفع، نتيجة شح المعروض ومنع دخول سيارات جديدة بسبب الحصار وارتفاع الضرائب.
ويؤكد علي أن السيارة اليوم أصبحت سلعة استهلاكية وليست استثمارية، مشيرًا إلى أن من كان يدّخر 8 آلاف دولار عبر سيارته، لم يعد يحتفظ منها إلا بربع تلك القيمة.
وطالب الحكومة بالتدخل لحماية المواطنين من الخسارة، عبر قرارات تسمح باستبدال السيارات القديمة بالجديدة وفق الأسعار السابقة، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تساهم أيضًا في التخلص من السيارات المتهالكة وتخفيف الضغط على الطرقات.
ويتوقع علي أن تنخفض الأسعار أكثر مع احتمالية فتح باب “التقسيط” (الشراء بالتقسيط) من قبل الشركات الكبرى التي عادت إلى السوق أو تدرس العودة إليه.
تحولات عميقة في سوق السيارات السوري ، بعد سقوط نظام الأسد، تمثلت في انخفاض كبير بالأسعار، وتسهيل الاستيراد، وزيادة المعروض من السيارات الحديثة.
لكن هذا التغير السريع لا يخلو من التحديات، وأبرزها تنظيم السوق قانونيًا، حماية المواطنين من الخسائر، والتخلص من السيارات القديمة غير الآمنة.
وعليه فإنّ المرحلة القادمة تتطلب تشريعات ذكية توازن بين تحفيز السوق وضبطه، بما يخدم مصلحة المواطن والمستثمر على حد سواء.