في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية ونقص الدعم الدولي للمخيمات السورية، قام أهالي مخيم الكراج في بلدة سجو بريف حلب بمبادرة تطوعية لمواجهة تحديات النظافة بعد توقف المنظمات الإنسانية عن تقديم خدماتها الأساسية.
وجاءت هذه الحملة خطوة استباقية لتفادي انتشار الأمراض بين سكان المخيم، خصوصًا الأطفال، ولتحسين البيئة المعيشية التي أصبحت شبه مهدّمة بسبب تراكم القمامة.
مدير المخيم، وليد كبصو، أكّد في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤ أن القرار الذي صدر نهاية كانون الثاني/يناير 2023 بشأن تقليص التمويل الأمريكي للمنظمات الإنسانية، أدى إلى توقف العديد من الخدمات الحيوية، بما في ذلك جمع القمامة.
وأوضح كبصو أن سكان المخيم لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الواقع الصعب، فجمعوا مبلغًا ماليًا متواضعًا من الأهالي واستأجروا جرّارًا زراعيًا لنقل القمامة خارج المخيم: “قمنا بهذه الخطوة تفاديًا لتفشي الأمراض، وحفاظًا على صحة أطفالنا وأسرنا، خصوصًا أن القمامة أصبحت تملأ الشوارع وتتسبب برائحة كريهة ومنظر غير لائق”.
مصطفى درباس، أحد سكان المخيم، عبّر في حديثٍ لمنصة سوريا ٢٤ عن معاناة السكان في ظل غياب الدعم الدولي، مشيرًا إلى أن توقف دعم المنظمات لم يقتصر على النظافة فقط، بل شمل أيضًا المياه والخدمات الأساسية الأخرى.
وأضاف درباس: “القمامة كانت منتشرة في كل مكان، ما يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الأطفال وكبار السن، وبفضل الروح المعنوية العالية وتكاتف الشباب، تمكّنا من نقل القمامة خارج المخيم، لكننا نأمل أن تعود المنظمات لدعم المخيمات في الشمال السوري قريبًا”.
يُشار إلى أن القرار الذي اتخذته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) نهاية عام 2023، والذي أثّر على برامج التمويل في جميع الدول باستثناء مصر وإسرائيل، أثار موجة من القلق بين المنظمات الإنسانية والمرافق الصحية في سوريا.
ومع بداية عام 2024، بدأت تداعيات القرار تظهر بشكلٍ واضح، إذ أعلنت العديد من المنظمات الدولية تعليق أنشطتها مؤقتًا. وقد أثّر هذا الانخفاض الملحوظ في التمويل بشكل مباشر على المناطق الشمالية من سوريا، حيث أُغلِقَت العديد من المستشفيات والمراكز الصحية.
وفي بيانٍ صادر عن منسقي استجابة سوريا مطلع عام 2025، أُشير إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق.
وأكّد البيان أن المدنيين يواجهون نقصًا حادًا في المياه الصالحة للشرب، والرعاية الصحية، والتعليم، مطالبًا المنظمات الدولية بإعادة النظر في أولوياتها والتركيز على الاحتياجات الأساسية للنازحين، بدلًا من الأنشطة الشكلية التي لا تلبي احتياجات السكان.
ورغم الجهود الذاتية التي بذلها أهالي مخيم الكراج، فإن الوضع الحالي لا يزال هشًّا وغير مستدام، فالاعتماد على المبادرات الفردية لا يمكن أن يكون حلًا طويل الأمد في ظل غياب الدعم المؤسسي، ومن هنا يبقى الأمل معقودًا على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لإعادة النظر في سياساتها وتقديم المساعدات العاجلة لدعم المخيمات في شمال سوريا.