“خسرت إيران حربها في سوريا”، هي حقيقة حتى نظام طهران ذاته بات يدركها وربما يتعامل مع مجريات الأمور على أساسها، فبعد سنوات من القتال واستنزاف مئات المليارات من الدولارات، كانت رسالة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي واضحة جداً بأن لا مكان لأي قوة إيرانية سواء عسكرية أو سياسية في سوريا وأن طريق القدس المزعوم في سوريا بات مسدوداً.
عملياً الحديث عن معادلة هزيمة وانتصار إيران في سوريا لا يرتبط بحجم القتلى والاستنزاف المالي، وإنما العنصر الأهم هنا هو قدرتها على تحقيق أهدافها في تحويل سوريا أو دمشق على أقل تقدير إلى نسخة من ضاحية بيروت الجنوبية، وإنشاء قوة عسكرية قادرة على تأمين مصالحها في سوريا، الأمر الذي يشكل حجر الزاوية في الحكم على وضعها الحالي.
اليوم وبكل واقعية أصبحت إيران بلا وزن سياسي في القضية السورية، بعد سيطرة موسكو التامة على القرار السياسي داخلياً وخارجياً على حد سواء، بالإضافة إلى استلامها قيادة دفة المفاوضات مع المجتمع الدولي حول شكل الحل النهائي، فيما اقتصر دور طهران بالمشاركة في مفاوضات أستانة التي يُجمع الكثير من المحللين والمتابعين بأنها كانت تهدف للحد من العمليات العسكرية وترسيخ حالة لوقف إطلاق النار بعيداً عن سيناريوهات الحل وفرضياته.
اليوم وبكل واقعية أصبحت إيران بلا وزن سياسي في القضية السورية، بعد سيطرة موسكو التامة على القرار السياسي داخلياً وخارجياً على حد سواء، بالإضافة إلى استلامها قيادة دفة المفاوضات مع المجتمع الدولي حول شكل الحل النهائي، فيما اقتصر دور طهران بالمشاركة في مفاوضات أستانة التي يُجمع الكثير من المحللين والمتابعين بأنها كانت تهدف للحد من العمليات العسكرية وترسيخ حالة لوقف إطلاق النار بعيداً عن سيناريوهات الحل وفرضياته.
أما عسكرياً، فحال طهران على الأرض ليس بأفضل فالغارات الإسرائيلية الأخيرة كشفت عن الحجم الحقيقي للقدرات العسكرية التي دأبت إيران على تشكيلها وتأسيسها طيلة السنوات السبع الماضية، والتي لم تحتج إلى أكثر من 25 غارة لتدمر بشكل كامل، بحسب تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفغدور ليبرمان؛ الذي أكد أن الغارات دمرت القواعد العسكرية التي بنتها إيران في سوريا بالكامل، ما يعني أن ما تبقى لطهران عملياً هو مجرد جيوب ومناطق انتشار ميليشوية، ناهيك عن تحييد دور ميليشياتها في معظم العمليات العسكرية التي شهدتها سوريا خلال العام الفائت، لاسيما في حمص وحماة والغوطة الشرقية.
أعلم صعوبة اقتناع المتابع للشأن السوري بهذا الواقع، لاسيما في ظل مظاهر التشيع التي تبدو على العاصمة دمشق بشكل خاص، ولكن ما يمكن قوله هنا أن هذه المظاهر ليست إلا وضع مؤقت تحاول إيران من خلاله استعراض وجودها في سوريا، لاسيما وأن انتهاء الحرب أو على الأقل المظاهر العسكرية في سوريا سيعيد موسكو وطهران إلى حالة العداء التاريخي وينهي حالة التوافق بينهما التي كانت مرتبطة بالموقف من المعارضة المسلحة، واجتماع مصلحتهما بمواجهتها وعدم السماح لها بإسقاط الأسد، وهو ما يعتبر بدوره أيضاً عاملاً إضافياً في إقصاء إيران من سوريا، ويشير إلى أن هذا الإقصاء سيشكل في مرحلة لاحقة وربما قريبة جداً هدفاً ومصلحةً روسية بامتياز، بما فيها الحد من مظاهر التشيع.
ما أريد قوله باختصار، بأن الوضع الإيراني اليوم في سوريا بعد كل هذه السنوات والجرائم ينطبق عليه المثل الشعبي “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”، وأن خروج إيران من سوريا عسكريا على الأقل، لن يكون أكثر من مجرد وقت، لاسيما وأن هذه الخطوة تحولت إلى مصلحة دولية في ظل السياسة الأمريكية الحالية الأكثر تشدداً من سابقاتها حيال النفوذ الإيراني.