انطلقت في مختلف المحافظات السورية حملة تضامن شعبية واسعة مع محافظة درعا، جنوب غرب سوريا، التي تتعرض لانتهاكات مستمرة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي هذه الحملة في أعقاب المجزرة التي وقعت في مدينة نوى بمحافظة درعا، وأسفرت عن استشهاد عدد من المدنيين وإصابة العديد من الجرحى، ما أثار موجة غضب عارمة في أرجاء البلاد.
“كلنا درعا“.. هاشتاغ يجمع السوريين
وأطلق ناشطون سوريون هاشتاغ “كلنا درعا” على منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن تضامنهم مع أهالي المحافظة التي اجتاحتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، مخلفةً دمارًا وخسائر بشرية كبيرة.
وكتب أحد الناشطين: “يا درعا حنا معاكي للموت، قلناها من أول الثورة وسنبقى نقولها”، فيما أكد آخرون أن “درعا كانت وما زالت وستبقى منبع الأبطال ومقبرة الغزاة على مرّ التاريخ”، مشيرين إلى دورها التاريخي كرمز للمقاومة والصمود.
وفي استجابة شعبية واسعة، دعت فعاليات مدنية إلى تظاهرات حاشدة اليوم الجمعة في عموم الأراضي السورية تحت شعار “درعا تردع العدوان”، وذلك للتنديد بالمجزرة الإسرائيلية وللتعبير عن الوفاء لشهداء المحافظة.
وفي إدلب، خرج المحتجون، أمس الخميس، إلى دوار الساعة رافعين شعار “من إدلب إلى الجنوب كلنا درعا”، مؤكدين وحدة الموقف السوري ضد الاحتلال الإسرائيلي.
كما شهدت محافظة السويداء تضامنًا شعبيًا كبيرًا مع أهالي درعا، حيث أصدر ناشطون سياسيون بيانًا جاء فيه: “لم تكن سوريا يومًا إلا في الطليعة المقاومة ضد أي اعتداء ينال الوجود والانتماء العربي لهذه الأمة، وها هي حوران، قلب سوريا الكبير، تزفّ كوكبةً من شهدائها جراء الاعتداء الصهيوني الغادر”.
درعا منبع الوطنية وهدف دائم لإسرائيل
الكاتب والمحلل السياسي، جمال الشوفي، علّق على الأحداث قائلًا في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “درعا كانت ولا زالت منبع الوطنية الصادقة منذ بدء الثورة وحتى اليوم، تحمّلت الكثير، واليوم تتحمّل تبعات ما نحن فيه بعد أربعِ عشرةَ سنةً”.
ولفت إلى أن: “إسرائيل تستغل ضعف سوريا حاليًا، بدأت بانتهاكاتها بأكثر من مئة حملة جوية، ثم تغلغلت بريًا في القنيطرة، وأمسَ في درعا، محاولة فرض شروطها عبر بوابة الجنوب”.
وتابع: “درعا ليست مجرد منطقة جغرافية، بل جزء من سوريا، وأي اعتداء عليها هو اعتداء على الجميع، وإن لم تكن الدولة قادرة على رد العدوان، فعلينا التضامن مع درعا ونصرتها، فقد قدّمت شهداء وصمدت أمام التغلغل الإسرائيلي، فالسهل والجبل يدًا واحدة لإحياء الروح الوطنية”.
صلاة الغائب ووقفات احتجاجية
وفي محافظة الرقة، دعت جميع المساجد إلى إقامة صلاة الغائب بعد صلاة الجمعة على أرواح “شهداء الكرامة” الذين قضوا في مدينة نوى، مع دعوات للمساجد في مناطق الجزيرة السورية ونبع السلام للمشاركة في هذا الشعائر، كما حثّ الناشطون على الخروج في مظاهرات عامة لدعم درعا وأهلها.
وفي منطقة مصياف، أعلن ناشطون عن تنظيم وقفة احتجاجية اليوم الجمعة عند دوار الشهداء وسط المدينة، للتنديد بالانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة، وللتأكيد على التضامن مع عائلات الشهداء في درعا ومناطق أخرى من سوريا.
ويصف السوريون درعا بـ”درع الوطن”، مؤكدين أنها ليست مجرد محافظة، بل رمز للصمود والكرامة الوطنية.
وقال محمد عبد الحق من فريق “كن أملًا” العامل في إدلب، في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “أول ما أود قوله: رحم الله شهداء درعا وشهداء سوريا الحرة، وأحب أن أقول لإسرائيل إن أيامكم معدودة، فلا تظنوا أنفسكم باقين طويلًا، وكما أزلنا بشار وأعوانه، سنزيلكم أنتم ورؤساءكم مهما طال بنا الزمن، فبقوة الله وقوتنا سنقضي عليكم بإذن الله”.
قافلة شعبية إلى درعا لتقديم العزاء
وتلبيةً لنداء الواجب الوطني والإنساني، نظّمت (حملة الطائفة السورية) قافلةً من مختلف المحافظات السورية بهدف التوجه إلى مدينة درعا يوم السبت، لتقديم واجب العزاء لأهالي المدينة إثر العدوان الإسرائيلي الغادر.
صوت من حماة يعبر عن الوحدة السورية
وقالت الناشطة الإعلامية، ابنة مدينة حماة، علا محمد في منشور على حسابها في منصة فيسبوك: “عندما نحزن لا يختلف الحزن، وعندما نجوع لا يختلف الرغيف، وعندما نحب لا يختلف الفرح، وكما تتسع السماء لكل الطيور، تتسع الأم سوريا لكل أبنائها، وكل ما حدث في درعا، والله، هو في جسد الأم سوريا، فهي كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
ويتوقّع أن تشهد سوريا، اليوم، حراكًا شعبيًا غير مسبوق، يعبّر عن غضبها وتضامنها مع درعا، “قلب سوريا النابض”، في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر، مع استمرار التحضيرات للقافلة الشعبية التي ستعزّز من رسالة الوحدة والوفاء لشهداء الوطن.