الرقة: إهمال صيانة الأراضي الزراعية يهدد بخسارة مساحات واسعة

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

يعاني فلاحو محافظة الرقة من تدهور مستمر في جودة أراضيهم الزراعية، نتيجة إهمال صيانة مصارف المياه وعدم تعزيل خطوط الصرف الجوفي، ما أدى إلى تملّح آلاف الدونمات وخروجها عن الخدمة، وسط غياب الحلول من الجهات المعنية.

وفي السياق، فشلت جميع محاولات محمود الجمعة، البالغ من العمر 45 عامًا والمقيم في قرية حمرة ناصر بريف الرقة الشرقي، في إصلاح أرضه التي بدأت بالتملّح منذ عدة أعوام، بسبب عدم تعزيل خطوط الصرف الجوفي ومصارف المياه الزراعية في الحقول.

وتُعدّ مصارف المياه الزراعية، وهي قنوات عميقة تُحفَر بين الحقول لتصريف المياه الزائدة، سببًا رئيسيًا في استصلاح الأراضي، لا سيما المروية منها، نظرًا لدورها في إخراج المياه الزائدة عن حاجة التربة ومنع تجمعها، ما يساهم في الحدّ من التملّح وتلف الأراضي.

وقال الجمعة في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “لم يتم تعزيل أي مصرف حقلي في منطقتنا منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية، الأمر الذي أدى إلى انسدادها وخروج الكثير منها عن الخدمة”.

وأضاف: “تبلغ مساحة الأراضي المروية في قريتنا قرابة 40 ألف دونم، وقد خرج أكثر من ثلثها عن الخدمة بسبب التملّح، وخصوصًا تلك الواقعة في المناطق المنخفضة”.

ويطالب الجمعة الجهات المعنية باتخاذ خطوات جادة لتعزيل المصارف وإيجاد حلول فعالة لاستصلاح الأراضي، مؤكدًا: “تحتاج هذه المصارف إلى تعزيل دوري كل عامين، وهذه المهمة تقع على عاتق مديرية الري، نظرًا لحاجتها إلى حفارات ضخمة لا يستطيع الفلاحون تحمّل نفقاتها”.

من جهته، أوضح موسى الجاسم، من قرية الخيّالة بريف الرقة الغربي، أن مديرية الري لم تولِ أي اهتمام لأعمال صيانة الأراضي الزراعية، ما انعكس سلبًا على الفلاحين والإنتاج الزراعي، قائلًا في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “يجبروننا على دفع رسوم الري والصيانة في كل موسم، لكن دون تقديم أي خدمات تُذكر، فما فائدة تلك الرسوم؟”.

وتبلغ قيمة الرسوم المفروضة على الفلاحين نحو 2000 ليرة سورية عن كل دونم من الأرض، وتُقتطع تحت بند “الصيانة”، رغم غياب أي أعمال صيانة فعلية على أرض الواقع، الأمر الذي أثار سخط الفلاحين، الذين باتت أراضيهم مهددة بالخروج عن الخدمة في حال استمر الوضع على ما هو عليه.

وأشار الجاسم إلى أن تكاليف حفر وتعزيل المصارف باهظة جدًا، وغالبًا ما تكون غير مجدية: “يبلغ سعر حفر المتر الواحد من المصارف باستخدام الحفارات الصغيرة أو المتوسطة نحو 2 دولار، ولكن هذا لا يعطي النتائج المطلوبة، لأن المشكلة تكمن في المصارف الرئيسية، التي تحتاج إلى حفارات ضخمة، وعمل جماعي، ومصاريف باهظة”.

وفي السياق نفسه، أوضح مصدر مسؤول في قسم الصيانة والري في الرقة، أن أعمال صيانة المصارف الحقلية تحتاج إلى عشرات المعدات الثقيلة والحفارات الكبيرة، للسيطرة على المساحات المروية وتغطيتها بشكل دوري، مؤكدًا أن مكتب الري لا يملك سوى حفارتين فقط، رغم أن مساحة الأراضي المروية في الرقة تتجاوز 100 ألف هكتار، موزعة على ضفتي نهر الفرات والمناطق المروية عبر القنوات.

وأشار المصدر في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن مكتب الري أبرم عدة عقود مع منظمات عاملة في مدينة الرقة لتعزيل المصارف، وقد أُنجز بالفعل تعزيل مسافات طويلة من المصارف الرئيسية في مناطق وادي الفيض، والسلحبية، والكرامة.

أما الحفارات التابعة لمكتب الري، فتُستخدم بشكل رئيسي في الأعمال الطارئة، كصيانة القنوات وغيرها من التدخلات السريعة، حسب ذات المصدر.

تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 80% من سكان مدينة الرقة يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، ما يجعل استمرار سياسة التهميش الزراعي تهديدًا حقيقيًا لمعيشتهم واستقرارهم الاقتصادي.

مقالات ذات صلة