في حدث ثقافي مميز، نظم المجلس الإداري العام في مدينة يبرود، ممثلاً بالمكتب الإعلامي، مهرجان يبرود المسرحي في دورته الأولى، ليكون بمثابة نقطة انطلاق لإحياء النشاط الثقافي في المدينة بعد سنوات من التهميش. وشهد المهرجان، الذي أقيم في المركز الثقافي بيبرود، تفاعلاً جماهيرياً كبيراً، حيث امتلأت المقاعد بالكامل، مما دفع العديد من الأهالي لمتابعة العروض وقوفاً، في مشهد يعكس شغف الجمهور وتعلقه بالحدث.
عروض مسرحية تجسد آلام وآمال الثورة
امتزجت دموع الحزن بدموع الفرح خلال العروض المسرحية التي قدمها أطفال المدينة بإبداع لافت، حيث تضمن الحفل ثلاثة عروض مسرحية جسدت تاريخ الثورة السورية، آلامها، وآمالها. العروض التي أدتها ثلاثة فرق هي:
– فريق أشبال جامع الهدى: قدم عرضاً سلط الضوء على مشفى ميداني في مسجد، حيث جسد 12 طفلاً شخصيات طبيب وممرض، معبرين عن الجهود الإنسانية في أثناء الثورة.
– فريق متعة العقول وصناع الغد: قدم عرضاً مدمجاً بين الأداء المسرحي والفيديو بعنوان “من كل سوريتي ثورة”، بمشاركة 36 طفلاً، تناول محطات الثورة من درعا إلى حمص وحماة وحلب وغيرها، في عمل فني مؤثر.
– فريق دعاء حديد للجمباز الإيقاعي: قدم عرض جمباز إيقاعي بعنوان “رشاقة”، حاكى الصراع بين الثورة والنظام بمشاركة 15 طفلاً، معبراً عن روح المقاومة والتحدي.
عروض تعكس رسالة الثورة وتضحياتها
وفي تصريح خاص، قال محمد علي طه، المخرج المسرحي وعضو المكتب الإعلامي في يبرود في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “بدأنا التحضير للمهرجان قبل شهرين عبر الإعلان عن الفعالية، موجهين الدعوة لكل من يرغب بتقديم عروض مسرحية أو فنية، حيث تقدمت ثلاث فرق، تم اختيار عروضها بعناية لتعكس رسالة الثورة وتضحياتها”.
وأضاف: “كان الهدف من المهرجان تعريف أهالي يبرود بما جرى خلال الثورة، خاصة أن جزءاً كبيراً منهم لم يعايش التفاصيل والتضحيات التي قدمها أبناء الثورة، سواء في يبرود أو في مناطق أخرى”.
وأشار طه إلى أن المهرجان، الذي استمر ليوم واحد، اختتم بتوزيع دروع تكريم على الفرق المشاركة، بهدف تشجيعهم وتحفيزهم على مواصلة العطاء.
وأكد أن الإقبال الجماهيري كان إيجابياً للغاية، حيث أعاد الحدث ذكريات الثورة للأهالي، ليكون أول مهرجان من نوعه يقام بعد تحرير المدينة.
تحديات لوجستية وطموحات مستقبلية
واجه المنظمون تحديات لوجستية كبيرة، أبرزها قلة الدعم المادي ونقص الإمكانات، خاصة فيما يتعلق بالكهرباء وتأمين الديكورات، ورغم ذلك، تحملت الفرق المشاركة جزءاً من التكاليف بشكل ذاتي، مما ساهم في إنجاح الفعالية.
وأعرب طه عن طموحه في تحويل المهرجان إلى تقليد سنوي، ليصبح منصة لنشر البهجة بين الأطفال وإبراز مواهبهم، مع تذكير الجميع بتضحيات الثورة.
المركز الثقافي: من التهميش إلى الإحياء
شهد المركز الثقافي في يبرود، الذي استضاف المهرجان، تهميشاً كبيراً في عهد النظام السابق، حيث كان مخصصاً للاجتماعات الحزبية ودورات مهنية تعليمية فقط، دون نشاط ثقافي أو فني يذكر. وأوضح طه أن المسرح نفسه لم يكن مجهزاً بشكل جيد، مما شكل عائقاً أمام تقديم العروض في السابق. لكن بعد التحرير، بدأ المركز يستعيد دوره عبر استضافة ندوات وفعاليات، مع مساعٍ لتفعيله بشكل أكبر بالتعاون مع الجهات المختصة.
رسالة ثقافية وإنسانية
نجح مهرجان يبرود المسرحي في دورته الأولى بتحقيق أهدافه المتمثلة في إحياء الذاكرة الثورية، وإدخال البهجة إلى قلوب الأطفال والأهالي على حد سواء. وبين دموع الحزن على الماضي ودموع الفرح بالإنجاز، ترك الحدث أثراً عميقاً في نفوس الحاضرين، مؤكداً أن الفن قادر على سرد التاريخ وصناعة المستقبل معاً.