في حادثة سلّطت الضوء مجددًا على خطورة استهداف دور العبادة، أحبط الأمن العام السوري محاولة اعتداء إرهابي استهدفت كنيسة “مار جرجس” في بلدة بلودان بريف دمشق.
وأظهرت الحادثة نيةً مدبرة لإحداث فتنة طائفية وزعزعة الاستقرار الاجتماعي الذي تعيشه البلدة منذ عقود، حسب مصادر من إدارة أمن المنطقة.
الحادثة وتفاصيلها
ووفق المعلومات الأولية، قام مجهولون بمحاولة تخريب الكنيسة عبر سكب البنزين على مقاعدها وإلقاء قنبلتين يدويتين من النافذة الخلفية للمبنى.
ومع ذلك، لم تنفجر القنابل بسبب عدم نزع دبابيس الأمان، وهو ما يشير إلى أن العملية قد يكون هدفها التخويف والترويع أكثر من كونها عملية مدمرة بالكامل.
مسؤول الأمن العام في المنطقة، محمد إبراهيم فرحات، أكد في تصريح خاص لمنصة سوريا ٢٤ أن الهدف الأساسي من هذا العمل هو زعزعة الأمن والاستقرار في بلودان.
وأوضح أن هذه المحاولة تأتي في سياق استمرار “فلول النظام البائد” في محاولاتهم لبث الفتنة الطائفية بين السكان، رغم أن بلدة بلودان كانت وما زالت نموذجًا للتعايش والتآخي بين مختلف الأطياف.
فرحات قال: “بلدة بلودان لا يوجد فيها طوائف من آلاف السنين، الناس هنا تعيش كأسرة واحدة، ولم تحدث على مر السنين أي حادثة ذات خلفية طائفية أو نزاع ديني، حتى في أشد أيام الحرب والدمار”.
وأضاف: “ما حدث اليوم يبدو وكأنه عمل غير منظم من قبل أحد فلول النظام، حيث حاول إشعال النار باستخدام البنزين لكنه فشل، مما دفعه لإلقاء القنابل اليدوية، لكن الأهالي كانوا صفًا واحدًا، وأُقيم القداس في اليوم نفسه، وأكد الجميع رفضهم لهذه المحاولات اليائسة”.
رد فعل الأهالي ووجهاء الزبداني
وفي خضمّ هذه الحادثة، أصدر وجهاء وأهالي مدينة الزبداني المجاورة بيانًا رسميًا أدانوا فيه هذا العمل الجبان بشدة. وأكد البيان أن مثل هذه الأفعال تستهدف وحدة النسيج الاجتماعي في المنطقة وتضرب السلم الأهلي الذي يتمسك به السكان منذ عقود.
وجاء في البيان:
“إننا نؤكد أن هذه الأفعال لا تمثل أهالي منطقة الزبداني، بل تهدف إلى بث الفتنة وزرع بذور الخوف والانقسام، وهو ما نرفضه جملةً وتفصيلًا.”
كما دعا البيان إلى:
1. إدانة شديدة لهذا الفعل الإجرامي والمطالبة بالكشف الفوري عن الفاعلين ومحاسبتهم.
2. التضامن الكامل مع أهل بلودان والكنيسة المستهدفة.
3. الدعوة إلى تعزيز الوعي المجتمعي ورفض الانجرار وراء الشائعات أو التحريض.
4. المطالبة بتوفير الحماية لكل دور العبادة.
5. تأكيد استمرار اللقاءات المجتمعية لتعزيز الوحدة والسلم الأهلي.
إجراءات السلطات المحلية
وعلى صعيد آخر، تعمل الجهات الأمنية والإدارية في المنطقة على تعزيز الإجراءات الأمنية حول دور العبادة.
ومن بين الحلول المقترحة، تركيب كاميرات مراقبة في محيط هذه المنشآت، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع المجتمع المحلي لتوفير الحماية اللازمة.
وفي بيان توضيحي صادر عن إدارة المنطقة، طمأنت الجهات المختصة المواطنين أن التحقيقات لا تزال مستمرة لكشف ملابسات الحادثة ومتابعة كل التفاصيل المرتبطة بها.
كما دعت الجميع إلى التروي وعدم استباق نتائج التحقيقات، مؤكدة أن الدولة وأبناء المنطقة يعملون يدًا بيد لضمان استقرار وأمان السكان.
رسالة التعايش والسلام
ما يميز بلدة بلودان هو تاريخها العريق في التعايش والمحبة بين مختلف الأطياف الدينية، فالبلدة تُعدّ نموذجًا فريدًا للوحدة الوطنية، حيث يعيش سكانها بتناغم دون أي انقسامات طائفية أو عرقية، وهذا ما يجعل مثل هذه الحوادث استثنائية وغير مألوفة في مجتمعها، حسب طلعت معروف، أحد سكان بلدة مضايا، في حديث لمنصة سوريا ٢٤.
ولفت إلى أن الأهالي والمصلين في بلودان أكدوا أنهم لن يسمحوا لأي جهة كانت أن تفرق بينهم، وأنهم سيستمرون في حياتهم اليومية بكل أمان وسلام، فقد أُقيم القداس في نفس يوم الحادثة، وشارك فيه المؤمنون بإصرار على تجاوز هذه المحاولة البائسة لزعزعة استقرارهم.
وفي ختام المشهد، فإن محاولة تخريب كنيسة “مار جرجس” في بلودان ليست مجرد حادثة أمنية، بل رسالة واضحة عن محاولات بعض الجهات زعزعة السلم الأهلي واستهداف التعايش الوطني، ومع ذلك، فإن وحدة الأهالي وتمسكهم بمبادئهم الإنسانية والدينية يثبت أن هذه المحاولات لن تجد لها مكانًا في مجتمع متماسك كالذي نراه في بلودان، حسب مسؤول الأمن العام في المنطقة.