الشرع في أنقرة وأبوظبي: تحالفات جديدة وملفات بانتظار الحسم

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في خطوة تعكس التحولات العميقة في المشهد السوري والإقليمي، يزور الرئيس السوري أحمد الشرع العاصمة التركية أنقرة يوم 11 نيسان/أبريل المقبل، في ثاني زيارة له خلال شهرين.

هذه الزيارة، التي تتزامن مع مساعٍ حثيثة لإعادة صياغة التوازنات السياسية والأمنية في سوريا بعد سنوات من الصراع المدمر، تحمل بين طياتها دلالات استراتيجية قد تعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة.

كما سيعقب هذه الجولة الدبلوماسية زيارة إلى الإمارات العربية المتحدة، مما يشير إلى تكامل الجهود الإقليمية لمعالجة القضايا السورية.

التعاون العسكري والأمني محور النقاش

وفقًا لتقارير قناة “سي إن إن ترك”، ستتركز المحادثات بين الجانبين على ملف التعاون العسكري والأمني، بما في ذلك إمكانية إنشاء قواعد عسكرية تركية داخل الأراضي السورية.

هذا الموضوع ليس جديدًا، إذ يعمل البلدان منذ فترة على بلورة اتفاق بهذا الشأن، لكن المصادر تشير إلى أن الموقع أو نطاق القواعد لم يُحسم بعد، ومع ذلك، هناك توقعات بأن يتم التوصل إلى اتفاقات شفهية على الأقل خلال هذه الزيارة، ما يعكس مدى الجدية في تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين.

الباحث رشيد حوراني أوضح في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن زيارة الشرع إلى تركيا والإمارات تتعلق بالدرجة الأولى بمعالجة المسائل الأمنية في المنطقة، والتي تشكل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة سببها الأساس: “سيتم الحديث في تركيا على الأرجح عن حجم الوجود العسكري التركي في سوريا ودرجته، خاصة أن تركيا كانت الدولة السباقة بتعيين ملحق عسكري لها في سورية، ولها تجارب لوجودها العسكري في دول أفريقية”.

أما في الإمارات، وحسب حوراني، فقد يناقش الشرع خلال زيارته رسائل حملتها الإمارات لسورية من إسرائيل، أو مطالب إسرائيل من سورية عبر الإمارات.

مصير “قسد” وتحولات استراتيجية

وإلى جانب القضايا العسكرية، ستناقش الزيارة مصير قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

وتشير التقارير إلى أن هناك توجهًا لدى “قسد” لحل نفسها والاندماج في الجيش السوري، وهي خطوة قد تمثل تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في خريطة النفوذ الإقليمي، وإذا تحقق هذا السيناريو، فقد يؤدي إلى إنهاء واحدة من أكثر القضايا المعقدة في الصراع السوري، خاصة مع الضغوط التركية المستمرة على هذه القوات التي تعتبرها تهديدًا لأمنها القومي.

وفي الإمارات، ربما تم بحث هذا الملف أيضًا، خاصة وأن أبوظبي لديها علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الفاعلة في سوريا، بما في ذلك الإدارة الذاتية وتركيا.

البعد الاقتصادي: فرصة جديدة لسوريا

على الصعيد الاقتصادي، يعاني الاقتصاد السوري من انهيار متواصل منذ أكثر من 13 عامًا، وسط عقوبات دولية مشددة فاقمت من الأزمة الإنسانية، وفي هذا السياق، تأتي زيارة الشرع كفرصة لبحث رفع هذه العقوبات وإعادة إعمار البلاد.

وقد تلعب تركيا، باعتبارها قوة إقليمية مؤثرة، دورًا محوريًا في هذا المجال، سواء عبر تقديم المساعدات المباشرة أو تسهيل عودة اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم أراضيها.

أما الإمارات، فتبدو أنها تسعى لتعزيز دورها كمستثمر رئيسي في إعادة إعمار سوريا، وقد تقدم دعمًا مباشرًا لمشاريع إعادة الإعمار، خاصة في المناطق التي تشهد استقرارًا نسبيًا.

معاهدة الدفاع المشترك والأكراد

الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم ياسين قال في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “زيارة تركيا ستتناول معاهدة الدفاع المشترك المزمع التوقيع عليها في ظل الاعتداءات الإسرائيلي وسيكون للموقف الأمريكي دور بارز في تحديد مدى تطورها، وقد تكون هناك قواعد مشتركة تركية أمريكية وأخرى تركية”.

وأضاف: “كذلك قد يكون للاتفاق مع الأكراد دور بارز، ترسيم الحدود البحرية ستكون على طاولة المفاوضات، إضافة للملفات الاقتصادية”.

وتابع: “وتبدو زيارة الإمارات مرتبطة بالاعتداءات الإسرائيلية من خلال الوصول لتفاهمات حول العودة لاتفاق 1974، فالإمارات لها علاقات مع إسرائيل، ومن جانب آخر يجب تبديد مخاوف الإمارات تجاه السلطة الجديدة في سوريا”.

زيارة أحمد الشرع لأنقرة ليست مجرد لقاء دبلوماسي عادي؛ بل هي جزء من عملية إعادة صياغة التحالفات الإقليمية والدولية في مرحلة ما بعد الحرب السورية، وإذا تمكنت سوريا وتركيا من تحقيق تقدم ملموس في الملفات المطروحة، فقد نشهد تحولًا نوعيًا في مستقبل سوريا الجديدة نفسها، ومع ذلك تبقى التحديات كبيرة، خاصة في ظل التعقيدات الجيوسياسية التي تخيم على المنطقة.

مقالات ذات صلة