كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم عن توثيق 117 حالة اعتقال تعسفي خلال شهر آذار/مارس 2025، بينهم 7 أطفال، في ظل المرحلة الانتقالية التي دخلتها سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وتسلُّم الحكومة الانتقالية زمام السلطة.
وأشار التقرير، الذي جاء في 15 صفحة، إلى أن الاعتقالات تمت على يد عدة أطراف مسيطرة، أبرزها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي نفذت 93 حالة اعتقال، تلتها فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني بـ 13 حالة، بينما سجلت 11 حالة على يد الحكومة السورية الانتقالية.
جغرافية الانتهاكات
سجلت محافظات حلب ودير الزور والرقة أعلى معدلات الاعتقال، تلتها الحسكة ودمشق، في وقتٍ أظهرت فيه البيانات أن معظم المعتقلين تعرضوا للاحتجاز دون أوامر قضائية أو مبررات قانونية واضحة، ما اعتبرته الشبكة انتهاكًا للمادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
أسباب الاعتقال وتوجهاته
وثّق التقرير أن قوات قسد استهدفت مدنيين لعدة أسباب، أبرزها انتقاد ممارساتها أو تأييد الحكومة الانتقالية، إلى جانب اعتقالات طالت من رفعوا علم الثورة السورية أو أزالوا رموز قسد من الأماكن العامة، خاصةً في الرقة والحسكة. كما سجلت اعتقالات ضد نازحين عادوا إلى منازلهم في مناطق سيطرتها.
من جانبها، نفّذت الحكومة الانتقالية اعتقالات بحق 87 شخصاً بتهم تتعلق بارتكاب انتهاكات خلال فترة حكم الأسد، أو التورط في هجمات مسلحة استهدفت مواقع أمنية تابعة للحكومة في طرطوس واللاذقية. كما اعتُقل عدد من المدنيين في السويداء وحماة ودمشق ودرعا، بعضهم على خلفية الجهر بالإفطار في رمضان، أو دون تهم واضحة، قبل أن يُفرج عن معظمهم بوساطة وجهاء محليين.
أما فصائل الجيش الوطني فقد اعتقلت مدنيين بذريعة التعامل مع قسد، مع تسجيل حالات اعتقال جماعي على خلفيات عرقية في مناطق سيطرته بمحافظة حلب، دون إجراءات قانونية أو إشراف قضائي.
الإفراجات
سجل التقرير 46 حالة إفراج، بينها 9 من مراكز الحكومة الانتقالية، و14 من قسد، و6 من فصائل المعارضة المسلحة. وأكد أن معظم هذه الإفراجات تمت دون مسار قضائي واضح، ما يعزز الشكوك حول استمرار الاعتقال خارج الأطر القانونية.
كما أشارت الشبكة إلى استمرار الحكومة الانتقالية في حملات دهم واحتجاز بحق متهمين بارتكاب انتهاكات خلال عهد الأسد، شملت عسكريين سابقين وإعلاميين، مع مصادرة كميات من الأسلحة ونقل المحتجزين إلى سجون حمص وحماة وعدرا.
استنتاجات التقرير
خلص التقرير إلى أن الاعتقالات تمت غالبًا دون مذكرات قضائية، وشهدت حالات تعذيب وانتهاك لكرامة المعتقلين، في خرق واضح للاتفاقيات الدولية، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب. كما أشار إلى غياب آليات واضحة للإفراج القانوني، واستمرار ظاهرة الاختفاء القسري، دون محاسبة أو ضمانات بعدالة انتقالية.
أوصى التقرير بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، والضغط لكشف مصير المعتقلين والمختفين قسرياً. كما دعا إلى تعزيز التعاون مع المنظمات الحقوقية، وضمان محاكمات عادلة وإصلاح الأجهزة الأمنية في المرحلة الانتقالية.