أفادت مصادر خاصة من مدينة بصرى الشام شرقي درعا لمنصة سوريا ٢٤، بتوصُّل قوات الأمن العام واللواء الثامن إلى اتفاق ينهي حالة التوتر التي شهدتها المدينة على خلفية حادثة إطلاق نار استهدفت القيادي السابق بلال الدروبي المقداد.
وحسب الأنباء الواردة من بصرى الشام، أُعلن، اليوم السبت، عن وفاة الدروبي متأثراً بإصابته.
ويهدف الاتفاق، الذي جاء بعد سلسلة من الاجتماعات المكثفة بين وجهاء حوران وقادة اللواء الثامن، إلى تهدئة الأوضاع وإعادة هيبة الدولة في المدينة.
تفاصيل الاتفاق وأبرز المستجدات
ودخل عدد من وجهاء حوران وهيئة الإصلاح إلى مدينة بصرى الشام للوساطة بين الطرفين المتخاصمين، وبعد جولات طويلة من النقاش، تم التوصل إلى اتفاق يقضي بدخول رتل من الأمن العام إلى المدينة بشكل مؤقت، حيث استمر وجوده لنحو نصف ساعة فقط، ثم غادر عائداً أدراجه.
وكان الهدف الأساسي من دخول الرتل هو إعادة الثقة بالإجراءات الأمنية وتعزيز الاستقرار.
وقال الناشط الإعلامي وابن مدينة بصرى الشام، عمران العيسى، في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “يوم أمس كان هناك اتفاق على تسليم مطلوبين للأمن العام، والتطور الذي حصل بعد دخول وفد من وجهاء حوران وهيئة الإصلاح في حوران كان إيجابياً، حيث تم الاتفاق على تسليم مطلوبين ودخول رتل الأمن العام إلى بصرى الشام، لكن فقط لإعادة هيبة الدولة”.
وأضاف العيسى: “دخل الرتل لمدة نصف ساعة إلى المدينة ومن ثم عاد أدراجه”.
ولفت إلى أن وفاة بلال الدروبي متأثراً بإصابته لن تؤجج الأمور، بل هناك لجنة من وجهاء حوران والأمن العام ستتدخل لحل الأمور دون توتر، مؤكداً أن العنوان العريض سيكون التهدئة لمصلحة كل الأطراف، حسب تعبيره.
وكانت حادثة إطلاق النار على الدروبي الشرارة التي أشعلت التوترات الأخيرة، إذ تعرض القيادي السابق لإطلاق نار من قبل عناصر تابعين للأمن العام أثناء محاولتهم اعتقاله في مدينة بصرى الشام، بحسب معلومات أولية.
ووقعت عند أحد الحواجز الطيارة المنتشرة بشكل روتيني في المدينة، عندما طلب رجال الأمن العام من الدروبي فتح صندوق سيارته، لكنه رفض ذلك، مما أدى إلى تفاقم النقاش وتطور الأمر إلى استخدام السلاح، بحسب العيسى.
وأثارت الحادثة جدلاً واسعاً في المدينة، خاصة وأن الدروبي كان شخصية معروفة ومؤثرة في المنطقة، حيث انضم مؤخراً إلى وزارة الدفاع السورية بعد أن كان قيادياً في الفصائل المحلية قبل اتفاقية التسوية في 2018.
مخاوف من تصعيد محتمل
ومع إعلان وفاته متأثراً بجراحه، برزت مخاوف من تصعيد محتمل، ومع ذلك، أكد عمران العيسى أن الجهود المبذولة من قبل وجهاء حوران والأطراف المعنية يبدو أنها أثمرت في تهدئة الأجواء.
وأوضح العيسى أن بصرى الشام أولاً هي بلد آمن جداً، ومن يديرها الآن مجموعات من الأمن العام وهم سابقاً من المعارضة، إضافة إلى اللواء الثامن، مشيراً إلى أن المدينة شهدت خلال الساعات الماضية انتشار عناصر الأمن العام وقوات اللواء الثامن، معتبراً أنه أمر يحدث بشكل روتيني كل يومين عبر نشر حواجز طيارة في كل أرجاء المدينة.
تحركات الأمن العام وتسليم السلاح
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات ميدانية مكثفة من قبل قوى الأمن العام في عدة بلدات بريف درعا الشرقي، بما في ذلك صيدا والحراك والجيزة، حيث قامت مجموعات تابعة للواء الثامن سابقًا بتسليم نفسها وأسلحتها لقوات الأمن العام، في خطوة تعكس الانفتاح الجزئي لهذا اللواء على الاندماج ضمن تشكيلات الأمن العام، كما نفذت قوى الأمن العام حملة اعتقالات طالت عدداً من عناصر اللواء الثامن في بلدة الجيزة.
وتشير هذه التحركات إلى محاولة الحكومة السورية الحالية تعزيز سيطرتها الأمنية في المناطق الجنوبية، لا سيما في مدينة بصرى الشام التي تعد معقلاً رئيسياً للواء الثامن.
وخلال الفترة الماضية، عُقدت اجتماعات متواصلة بين قادة اللواء الثامن ووزير الدفاع السوري، أسفرت عن اندماج جزء من اللواء ضمن تشكيلات الأمن العام، وهي خطوة تهدف إلى توحيد الجهود الأمنية وحصر السلاح بيد الدولة.
عودة مسلسل الاغتيالات
وعلى الرغم من هذه التحركات، تشير الوقائع الميدانية إلى استمرار حالة من الفوضى الأمنية في محافظة درعا، حيث لم تتوقف حوادث الاغتيال منذ عام 2018 وحتى اليوم.
وتزايدت هذه الحوادث بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، وسط غياب المحاسبة وتفشي ظاهرة السلاح غير المنضبط، حيث يشكل هذا الواقع تحدياً كبيراً أمام جهود الحكومة السورية لبسط سلطة القانون والنظام في المنطقة.
مستقبل الوضع في بصرى الشام
ومع تجدد الجهود للوصول إلى حلول مستدامة، يبدو أن التركيز ينصب حالياً على التهدئة وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار، ومع ذلك، فإن تحقيق الأمن المستدام في بصرى الشام وريف درعا يتطلب معالجة جذرية لقضايا مثل فوضى السلاح، غياب الرقابة، واستمرار عمليات الاغتيال.