الضربات الجوية على القواعد الإيرانية في سورية هي جرس إنذار ببدء طرد إيران من هذا البلد، وطرد إيران يعني تفكيك ممانعتها للحلّ السياسي، فالإيرانيون يدركون أن استثمارهم العسكري في سورية هو استثمار لا أحد يستطيع حمايته من ضربات الولايات المتحدة أو اسرائيل أو ضربات كليهما.
حول المواجهة المحتملة بين أمريكا واسرائيل مع إيران في سورية وضعنا اسئلتنا أمام السيد “ميشيل كيلو” فأجاب عليها مشكوراً.
لا أحد يحمي إيران من أمريكا:
سألنا السيد “ميشيل كيلو”: إذا ما كان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران سيضع إيران أمام أحد احتمالين إما الاستجابة لكل المطالب الأمريكية أو المواجهة، فأجاب: المواجهة العسكرية ليست أولوية للولايات المتحدة أو لإيران، الأولوية للمواجهة السياسية والمتعلقة بإعادة هيكلة الاتفاق النووي مع إيران في ثلاثة اتجاهات، الاتجاه الأول هو وقف إيران لبرنامجها الصاروخي وتسليمه للأمريكيين تحت حجة قوية تقول ما دمتم لا تريدون سلاحاً نووياً فما حاجتكم لصواريخ بعيدة المدى مهيأة لحمل هذا السلاح ؟.
والاتجاه الثاني هو أن تتوقف إيران عن الانتشار في المنطقة وتتوقف عن نشر فوضاها المذهبية والدينية فمن يريد السلام لا يصنع الفوضى.
ويتابع السيد “كيلو”: أما الاتجاه الثالث فهو يتعلق بمنعٍ أبدي لأي ابحاثٍ نووية عسكرية، وأن يُوضع البرنامج النووي السلمي تحت الإشراف الدولي، الروس قالوا للإيرانيين: إذا لم تقدموا تنازلات للأمريكيين فلا أحد سيحميكم منهم.
ويضيف السيد “ميشيل كيلو”: المعركة السياسية بين الأميركيين وإيران بدأت والإيرانيون في حالة يرثى لها اقتصادياً فسعر الدولار بلغ أرقاماً فلكيةً من عملتهم “الريال الإيراني” وهذا يعني أنهم بدأوا يجوعون، ولكن يجب الانتباه أن ماكرون في زيارته للولايات المتحدة، قال: إن ترتيب وضع إيران هو جزء من ترتيب وضع سورية، فالصراع العسكري مؤجل من حيث المبدأ إلا إذا حدثت مفاجأة، ووضع إيران مرتبط بالحل السوري.
الروس سيغمضون أعينهم:
وحول استفادة المعارضة السورية من حدّة التناقض بين الموقف الأمريكي والموقف الإيراني واحتمال اصطفاف روسي إلى جانب الإيرانيين في حالة نشوب نزاع مسلّح، يقول السيد “كيلو”:
إنّ فتح باب الوجود الإيراني داخل سورية هو بوابة مهمة لنا، وأنّ العمل على الحدّ من هذا الوجود وتقليصه يساعد في تعزيز فرص الحل السياسي، ومن الصعوبة بمكان على روسيا إذا قامت إيران بمعركة حقيقية مع أمريكا أو العكس أن تقف مع إيران، فإذا وقفت ستخسر، علماً أنه ليس من مصلحة روسيا أن تقف مع إيران، فالروس يعلمون أنه في اللحظة التي يتمّ فيها حل سياسي فإنّ إيران ستكون ضدها، وستحدث مشكلة كبيرة بينهما داخل سورية.
ويوضح السيد “كيلو” أن روسيا قصفت أكثر من مرة قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات حزب الله في سورية، كذلك حين هاجمت قوات التحالف الدولي المواقع الإيرانية في سورية أطفأ الروس بطاريات صواريخهم و أغمضوا أعينهم عن رؤية الضربات على الإيرانيين، فالروس لا يستطيعون أن يقفوا ضد الولايات المتحدة وضدّ أوربا وإسرائيل في سورية أو في أيّ مكان من العالم، فحسابات إيران مضادة لحسابات روسيا في هذا البلد، لذلك فإنّ شطب الورقة الإيرانية من سورية سيكون إضعافاً للنظام والروس، وهذا لمصلحتنا كمعارضة ويجب أن يكون لدينا خطة سياسية لا أن تُترك الأمور على عواهنها.
أزمتنا مستمرة وقد تطول:
وسألنا السيد “ميشيل كيلو”: هل تتوقعون انفراجاً قريباً للصراع في سورية بعد حدوث مواجهات أمريكية اسرائيلية مع إيران، فأجاب: الانفراج سيكون عبر حالين، إما أن تفرض روسيا رأيها بصورة حاسمة ولا يستطيع أحد أن يقف ضد هذا الحسم، وهذا أمر يحتاج ويتطلب تحجيم دور إيران ودور النظام، وإخراج الأمريكيين من سورية، ووضع الأتراك تحت الجناح الروسي، والقضاء على الثورة، وكل ما ذكرته أمر صعب الاحتمال ومستبعد.
وإما أن يتفاهم الروس مع الأمريكيين ولكن لم يظهر أي ميل في هذا الاتجاه، فالأزمة مستمرة، بل أنها ستطول، ويجب أن نردّ على هذه الأزمة بإصلاح أوضاعنا وخروجنا من هذه المأساة المذهبية الاسلاموية السلفية الجهادية وعودتنا إلى رهانات الثورة الأولى التي تقول سورية بدها حرية.