في مشهد يومي بات مألوفًا في شوارع مدينة الرقة، تتكدس أكوام القمامة في الأحياء السكنية والأسواق، وسط روائح خانقة وانتشار الحشرات والقوارض، في ظل غياب واضح لأي إجراءات جدية لمعالجة هذا الملف الحيوي.
ورغم الشكاوى المتكررة والمناشدات المستمرة، تؤكد الجهات المسيطرة على المدينة أن ضعف الإمكانيات يقف عائقا أمام القيام بمسؤولياتها الخدمية، في وقت يرى فيه السكان أن الأمر تجاوز حدود العجز، ليصبح استهتارًا ممنهجًا بصحة الأهالي وكرامتهم.
تكدّس النفايات في الأزقة والشوارع أدى إلى تفشي أمراض جلدية وتنفسية، لاسيما بين الأطفال وكبار السن، الذين يواجهون ظروفًا صحية قاسية في ظل غياب الرقابة الطبية.
كما شكا السكان من عودة مرض الليشمانيا في عدد من الأحياء، بعد سنوات من اختفائه، بفعل البيئة الملوثة التي وفّرتها القمامة.
ولا يقتصر الضرر على النفايات المتراكمة فقط، بل يشمل الحرائق العشوائية التي تُشعلها بعض الجهات للتخلص منها، ما يُفاقم تلوث الهواء ويزيد من معاناة مرضى الربو والجهاز التنفسي.
تؤكد مصادر ميدانية لـ”سوريا 24” أن المواطنين قدموا عشرات الشكاوى للمجالس المحلية والجهات المسؤولة في المدينة، إلا أن الردود بقيت حبيسة الوعود، دون أي تطبيق عملي.
وتشير ذات المصادر إلى وجود فساد مالي وإداري حال دون تخصيص ميزانيات حقيقية لقطاع النظافة، مقابل إنفاقها على مشاريع لا تمسّ حياة المواطن اليومية.
السكان عبّروا عن سخطهم من هذا الإهمال الذي طال كل مظاهر الحياة، متسائلين عن مصير الأموال والموارد، ولماذا لا يتم إشراك المجتمع المحلي في وضع خطط للنظافة والصحة البيئية.
يرى مراقبون أن هذه الأزمة البيئية لا يمكن حلّها دون دور فاعل للحكومة السورية، سواء من خلال استعادة السيطرة الخدمية على المدينة أو عبر إشراك المؤسسات المختصة في ملفات الصحة والنظافة.
ويطالب الأهالي بضرورة تدخل فوري لإعادة تنظيم القطاع الخدمي، وتأمين معدات وآليات نظافة، وتفعيل حملات توعية صحية، لمنع تفاقم الأزمات التي تنعكس على جيل كامل من المدنيين.