صحنايا: أزمة مياه خانقة.. أحياء بلا نقطة ماء وصهاريج تحكم السوق

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تشهد ناحيتا صحنايا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق أوضاعًا مأساوية فيما يتعلق بتأمين المياه، وسط تصاعد شكاوى الأهالي من الانقطاع التام لمياه الشبكة عن عدد من الأحياء لأكثر من شهر، في ظل ما وصفوه بـ”فساد وتمييز” في توزيع المياه بين حارة وأخرى، وتواطؤ محتمل بين مسؤولين محليين وأصحاب الصهاريج.

ويؤكد عدد من السكان الذين تحدثوا إلى منصة سوريا 24 في صحنايا والأشرفية، أن المياه منقطعة كليًا عن مناطق واسعة، خصوصًا في أحياء الطول، الجب الأحمر، وساحة الأزروني، منذ أسابيع، في حين تُلاحظ وفرة نسبية في الضخ نحو حارات وأبنية معينة، ما يثير الشكوك حول وجود “تحكم انتقائي” في عمليات التوزيع.

وئام العمر، إحدى المقيمات في حي “شركة كيربي” بأشرفية صحنايا، قالت لمنصة سوريا 24: “نحن محرومون من المياه منذ أكثر من شهر، لا نفهم سبب الأزمة، الكهرباء تحسنت وتصل إلى 6–8 ساعات يوميًا، فلماذا لا يتم الضخ؟ المشكلة شاملة، ولا تقتصر على حي دون آخر، الصهاريج هي الوسيلة الوحيدة للمياه، وهذا يكلفنا كثيرًا”.

صهاريج المياه… تجارة على حساب معاناة الناس

يرى كثير من الأهالي أن أصحاب الصهاريج والآبار الخاصة باتوا المستفيد الأبرز من الأزمة، في ظل ارتفاع أسعار تعبئة المياه، وغياب أي رقابة أو تدخل حكومي جدي حسب وصفهم، ما دفع بالبعض إلى اتهام المجالس المحلية بالتواطؤ المتعمد و”اقتطاع حصة من الأرباح مقابل السكوت عن حرمان الأحياء من المياه”.

وقال محمد الخالد، أحد سكان حي “الجب الأحمر”، في حديثه إلى منصة سوريا 24: “نحن نعتمد على الصهاريج منذ سنتين، دون أي استجابة من المعنيين. وكأن هناك من يتعمد ترك الناس ضحايا لتلك الشركات الخاصة. نريد حلًا جذريًا يشمل جميع الأحياء، من خلال زيادة ضخ المياه، وإصلاح الشبكة، وإزالة التعديات”.

المياه غير صالحة للشرب

رغم ندرة المياه، إلا أن ما يصل منها لا يصلح للشرب، بل يقتصر استخدامه على الحاجات المنزلية، مما يضطر العائلات إلى شراء مياه شرب معبأة بأسعار باهظة، ما يزيد من العبء المالي على السكان. وتضطر الأسر في صحنايا إلى شراء المياه عبر الصهاريج بأسعار مرتفعة، حيث يصل سعر 10 براميل (ما يعادل 2000 ليتر) إلى 100 ألف ليرة سورية، وهي كمية لا تكفي سوى لعدة أيام فقط لدى الأسر متوسطة العدد، ما يعني أن الأسرة الواحدة قد تتحمل أعباء مالية شهرية تتجاوز ضعف دخلها فقط لتأمين المياه، في أزمة معيشية جديدة تُضاف إلى واقع الغلاء وانهيار القدرة الشرائية.

وكانت مؤسسة المياه قد نشرت عبر صفحتها على فيسبوك الشهر الماضي بيانًا في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، ذكرت فيه أن مديرها العام عقد اجتماعًا مع مسؤولي الضخ في ريف دمشق لبحث التحديات، مشيرة إلى أن الهدف هو “ضمان عدالة التوزيع وتحسين الإمداد المائي” للمناطق المتأثرة، ومنها صحنايا وأشرفية صحنايا، وداريا، ومساكن 8 آذار.

تواصلت منصة سوريا 24 مع مؤسسة مياه دمشق وريفها للحديث عن الموضوع، وقال أحمد درويش، مدير المؤسسة: إن النقص الحاد في مياه الشرب في بلدة صحنايا يعود إلى التوسع العمراني الكبير وازدياد عدد السكان، إلى جانب الأعطال المتكررة في خط الكهرباء المغذي لمشروع الريمة، وصِغَر أقطار الشبكة الفرعية (50 مم)، وارتفاع الأبنية، ما أثّر سلبًا على فعالية الضخ واستفادة المواطنين من المياه.

وأشار إلى أن المؤسسة تتابع حاليًا استكمال تجهيز خطوط الضخ والإسالة المرتبطة بخزان المصطبة الاستراتيجي سعة 10 آلاف متر مكعب، والذي سيحسن واقع المياه في صحنايا بعد تشغيله. كما تم التعاقد على تنفيذ خط كهربائي معفى من التقنين لتشغيل الآبار، ومن المتوقع بدء التنفيذ خلال فترة قريبة.

وأوضح درويش واقع المياه في صحنايا وأشرفية صحنايا، قائلًا: إن “عدد السكان في المنطقة، الذي تجاوز المليون نسمة، زاد في الضغط على الموارد المتاحة، فيما يبلغ عدد المشتركين في خدمات المياه أكثر من 27 ألف مشترك”، مشيرًا إلى أن التزويد يتم عبر مياه مدينة دمشق يومين في الأسبوع، إضافة إلى ساعات ضخ محدودة من مشروع الريمة، فضلًا عن تشغيل عدد من الآبار المحلية المرتبطة بالكهرباء العامة، ما يعني أن المياه لا تصل إلى السكان إلا مرة واحدة أسبوعيًا.

وأضاف أن مدينة أشرفية صحنايا تُغذى من محطة ضخ العقدة الثامنة بمعدل سبع دفعات أسبوعيًا، إلى جانب آبار محلية ومخصصات من مشروع الريمة، لكن رغم تقسيم المدينة إلى ست حلقات مائية بهدف تحسين التوزيع، لا تزال معاناة السكان قائمة بسبب التقنين الكهربائي وازدياد الطلب على المياه، وهو ما يتطلب تدخلاتٍ إضافيةً لتحسين الواقع المائي.

المطالبة بالمحاسبة ما تزال قائمة

يطالب الأهالي اليوم بإصلاح حقيقي يبدأ بمحاسبة الفاسدين في الوحدات الخدمية، وتوفير المياه بشكل منتظم لجميع الأحياء دون استثناء، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة. إذ تبقى المياه إحدى أكثر الأزمات إلحاحًا في ريف دمشق، وعلى رأسها صحنايا وأشرفية صحنايا، حيث تتجدد المعاناة يومًا بعد يوم دون حلول عملية، بانتظار استجابة حقيقية من الجهات المعنية.

مقالات ذات صلة