وزارة الدفاع تفتح باب العودة للضباط المنشقين… وانتقادات تطال آلية التنفيذ

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

عبّر العقيد المنشق عن النظام السوري، هيثم العفيسي، عن استغرابه من آلية العمل التي تعتمدها وزارة الدفاع في الحكومة الانتقالية بملف الضباط المنشقين، مشددًا على أن التعامل الجاري يفتقر إلى العدالة والمعايير الواضحة، ويغفل التضحيات الطويلة التي قدمها كبار الضباط منذ انشقاقهم عن النظام.

وقال العفيسي لمنصة “سوريا 24” إنه لم يتلقَّ أي دعوة أو استدعاء من قبل اللجنة المكلّفة بلقاء الضباط المنشقين، على الرغم من تاريخه الطويل في العمل العسكري، مضيفًا: “انشققتُ عن النظام عام 2012 بعد أن كنتُ معتقلاً لدى المخابرات الجوية في حلب، كنتُ برتبة عقيد، بقدم سبع سنوات، ومن الدورة 36، متخرجًا عام 1983.”

غُيّبنا عن المشهد رغم تضحياتنا… ولا معايير واضحة للتقييم

وأوضح أنه بعد انشقاقه أسس “لواء شهداء معرة النعمان”، ثم شكّل “اللواء 51” لمحاربة تنظيم داعش، كما شغل منصب نائب رئيس الأركان، وشارك في تأسيس “الجيش الوطني السوري”، وتولى قيادته لفترة قبل أن يتوقف عن العمل لأسباب صحية… “رغم كل ذلك، لم يستدعني أحد، ولم أُمنح حتى فرصة المقابلة أو التقييم”، قال العفيسي.

وتساءل: “هل من المنطقي أن يُطلب من ضابط منشق منذ 14 عامًا، قاتل على كافة الجبهات، أن يقدّم اليوم سيرة ذاتية وكأنه موظف إداري؟ وهل نُعامل كأننا فلول نظام، نخضع للتسوية؟”

وأضاف بنبرة ناقدة: “من هي اللجنة التي تقيم ضباطًا برتبة عميد أو لواء؟ وما هي صلاحياتها؟ هل نُستدعى بناءً على معايير واضحة أم حسب المعرفة والعلاقات؟”

ولفت إلى أن ما يزيد من مرارة المشهد هو ما وصفه بـ”انعدام التوازن في التقدير”، موضحًا: “اليوم، زملائي من الدورة نفسها، ممن بقوا في صفوف النظام، أصبحوا برتبة لواء، بينما أنا ما زلت أُعرّف عن نفسي كعقيد… بعض الضباط الذين كانوا برتبة نقيب أو رائد حين انشققت أصبحوا اليوم يلقبون أنفسهم بـ’عميد’.”

انتقادات لتوزيع الرتب وتجاهل المنشقين

وأكد العفيسي أن الضباط الذين خدموا معه ضمن تشكيلاته نالوا رتبًا فخرية ومناصب عليا، بينما هو خسر كل شيء، قائلاً: “أولادي لم يكملوا تعليمهم، وتشردت عائلتي، وفقدتُ كل ما أملك. ومع ذلك، لا أحد كلّف نفسه بالتواصل معي أو الاستماع إليّ.”
وفيما يخص اللقاءات التي أُجريت بين بعض الضباط ووزارة الدفاع، أوضح العفيسي أنه تم تشكيل وفد من الضباط بالفعل، لكن لم يُستقبل من قبل الجهات المعنية، دون تقديم أي مبرر.

وأردف: “ما وصلني أن هناك رغبة بالتعامل مع الضباط كأفراد فقط، لا ككتل، وهذا يثير تساؤلات إضافية حول النوايا الحقيقية لهذه العملية.”
وبخصوص أعداد الضباط المنشقين، قدّر العفيسي العدد بحوالي خمسة آلاف ضابط، جميعهم من خريجي الكليات العسكرية، مشيرًا إلى أنه “لا علم له بالرتب الفخرية أو طريقة احتسابها ضمن هذا المسار الجديد”.

وتأتي تصريحات العفيسي تعليقًا على إعلان وزارة الدفاع في الحكومة السورية، خلال الأيام الماضية، عن عقد لقاءات مع عدد من الضباط وصفّ الضباط المنشقين عن نظام الأسد، وذلك في إطار المرحلة الأولى من مشروع إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، تمهيدًا لإعادة بناء جيش وطني جديد يستند إلى الكفاءة والخبرة.

ونشرت حسابات رسمية مقربة من الوزارة صورًا توثّق جانبًا من هذه الاجتماعات، التي نُظّمت في مناطق متفرقة من الداخل السوري، بمشاركة ضباط انشقوا عن النظام خلال السنوات الأولى من الثورة.

ضباط منشقون: استقطاب مرحلي… ونأمل في إعادة هيكلة شاملة

بدوره، قال ضابط طيار منشق – فضّل عدم الكشف عن اسمه – لـ”سوريا 24″ إن هناك توجهاً لاستقطاب الضباط المنشقين بحسب الأولوية والموقع الجغرافي، مشيرًا إلى أن التواصل يجري حاليًا مع ضباط داخل المخيمات، يليهم من يقيمون في تركيا، ثم باقي دول اللجوء.

أما ضابط آخر، فعبّر عن تشاؤمه إزاء الشكل الحالي للتشكيلات العسكرية، لكنه أبدى أمله في أن تكون هذه مرحلة انتقالية يُعاد فيها هيكلة الجيش على أسس علمية وتنظيمية سليمة.

وزارة الدفاع: الضباط المنشقون جزء من المؤسسة العسكرية ويجب تكريمهم

وكان العميد محمد منصور، رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع (التابعة للنظام السياسي الجديد بعد سقوط الأسد)، قد أكد في تصريحات سابقة أن الوزارة “تعتبر الضباط المنشقين جزءاً أصيلاً من المؤسسة العسكرية، ومن الواجب تكريمهم ومنحهم المكانة التي يستحقونها”.

وأضاف أن الوزارة تضع آليات محددة للاستفادة من خبرات المنشقين بحسب تخصصاتهم وحاجة الجيش المستقبلي، مشيرًا إلى أن “إعادة بناء الجيش السوري تعتمد على مزيج من الخبرة والتحديث”.

وعلى الرغم من التصريحات الإيجابية والنية المعلنة لإعادة الضباط المنشقين إلى صفوف الجيش، إلا أن الهوة بين الشعارات والتطبيق العملي لا تزال قائمة، بحسب شهادات عدد من الضباط الذين لم يُستدعوا أو يشعروا بجدية الترتيبات الجارية.
ويتفق مراقبون على أن نجاح هذا المسار مرتبط بمدى الشفافية، والعدالة في المعايير، وتكافؤ الفرص، بعيدًا عن المحسوبيات والولاءات، من أجل بناء مؤسسة عسكرية وطنية بحق.

مقالات ذات صلة