تتنفّس مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي شيئًا من الحياة مجددًا، بعد أن بدأت مئات العائلات بالعودة إليها إثر سنوات من التهجير والمعاناة. لكن هذه العودة المباركة كشفت عن واقع مرير يواجه قطاع التعليم، وسط ضعف الإمكانيات المتوفرة، وازدياد أعداد الأطفال المنقطعين عن الدراسة.
“عودة الأمل”.. مبادرة متواضعة تنقذ مئات التلاميذ
في خضم هذا التحدي، برزت مبادرة تطوعية أطلقها جمال جودي، وهو مدير مدرسة سابق، تحت اسم “عودة الأمل”. بدأت المبادرة من جامع إبراهيم في الحي الشرقي للمدينة، حيث احتضنت نحو 150 طالباً وطالبة، بدعم من معلمات متطوّعات، وبإمكانات بسيطة لكنها مشبعة بالإصرار والرغبة في إحياء حق التعليم.
يقول في حديثه إلى منصة “سوريا 24” إن المبادرة توسعت لاحقاً عبر شراكة بين المجتمع المحلي والمجمع التربوي ومبادرة “عودة الأمل”، ما ساعد في حشد الجهود لترميم المدارس وإعادة فتح أبواب الأمل أمام الأطفال.
وأضاف أن هذه الجهود أسفرت عن إنجازين بارزين:
أولهما، ترميم مدرسة “أسامة بن زيد” بتمويل من المتبرع فادي مهنا، لتضم 12 غرفة صفية وغرفتين إداريتين، وتستوعب اليوم أكثر من 400 طالب.
ثانيهما، ترميم مدرسة “شهداء سراقب” بالتعاون مع فريق “ساهم” للعمل الخيري، وتضم 8 غرف صفية وغرفتين إداريتين، وتُدرّس من الصف الأول وحتى الثامن، ويعمل فيها أكثر من 10 معلمات إلى جانب مستخدمة واحدة، ويزيد عدد طلابها على 250 طالباً.
نقص المدارس يهدد مستقبل المراحل العليا
ورغم أهمية هذه الإنجازات، فإنها تظل محدودة أمام حجم الحاجة. فقط مدرستان من أصل 22 مدرسة سابقة عادت للعمل في المدينة، بينما تغيب كليًا المدارس التي تستقبل طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، ما يضع مستقبل طلاب المراحل العليا في مهبّ الريح.
وبحسب إعلان حديث لمنظمة “عطاء”، فإنها تعتزم ترميم خمس مدارس فقط خلال العام الدراسي المقبل (مدرستان ثانويتان، مدرسة إعدادية، ومدرستان ابتدائيتان)، وهو ما لا يغطي سوى أقل من 20% من الحاجة الفعلية، في ظل النمو السكاني المتسارع وعودة مئات العائلات إلى المدينة.
رواتب رمزية وإصرار على مواصلة الرسالة
ورغم أن المعلمين يعملون برواتب رمزية لا تتجاوز 50 دولاراً شهرياً، إلا أنهم يستمرون في أداء واجبهم بدافع من حبهم لأبناء مجتمعهم، وإيمانهم العميق برسالة التعليم، وفق ما أكده المعلم جمال جودي.