تتزايد المخاوف في أوساط أهالي مدينة الرقة مع اقتراب فصل الصيف، وبدء موسم السباحة في نهر الفرات، وسط تحذيرات متكررة من خطورة السباحة في مياهه، خاصة في ظل تكرار حوادث الغرق التي أودت بحياة العشرات خلال السنوات الماضية، وكان معظمهم من الأطفال.
ويُعَدُّ سرير نهر الفرات، لا سيما في منطقتي “الجسر الجديد” و”الجسر القديم”، اللَّتين تُعدّان الوجهة المفضلة لسكان المدينة لقضاء عطلاتهم الصيفية، في ظل غياب المرافق السياحية الآمنة، إلا أن تكرار حالات الغرق في النهر شكّل كابوساً دائماً للأهالي، خصوصاً مع غياب فرق الغوص الكافية للتدخل السريع في حالات الطوارئ.
مآسٍ لا تُنسى
سليمان العبيد (55 عاماً)، من سكان مدينة الرقة، تحدث لمنصة “سوريا 24” عن مأساة لا تزال حاضرة في ذاكرته، قائلاً: “فقدت ابني البالغ من العمر 21 عاماً قبل عامين، حين غرق في نهر الفرات أثناء السباحة مع أصدقائه، بعدما ارتطم رأسه بصخرة في قاع النهر”. وأوضح أن المناطق القريبة من المدينة غير صالحة للسباحة بسبب امتلاء سرير النهر بالصخور والأعشاب الكثيفة كـ”القصب”، والتي كانت سبباً رئيسياً في غرق العديد من الشبان والأطفال.
مخلّفات الحرب.. خطر مضاعف
وتحدث قيس الموسى (45 عاماً)، وهو من القاطنين بالقرب من ضفاف النهر، عن سبب إضافي يفاقم من خطورة السباحة في نهر الفرات، قائلاً: “بعد معارك طرد داعش، تم رمي حطام الأبنية المدمرة في مجرى النهر، بما في ذلك الكتل الإسمنتية والقطع المعدنية وقطع الزجاج، ما يجعل من السباحة في بعض المواقع أشبه بالانتحار”. وأكد أن غياب أي جهود فعلية لتنظيف النهر يزيد من حجم الكارثة المحتملة مع بداية كل صيف.
دور التوعية وأهمية المراقبة
من جهتها، ترى إلهام العبد (33 عاماً)، وهي من أهالي الرقة، أن الحد من حوادث الغرق يبدأ من التوعية، لا سيما في المدارس، قائلة: “الأطفال هم الأكثر عرضة لخطر الغرق، ومن الضروري تخصيص دروس توعية في المدارس، بالإضافة إلى حملات تستهدف الأهالي لحثهم على مراقبة أطفالهم الذين يتوجهون إلى النهر غالباً من دون علم أولياء أمورهم”. وأشارت إلى ضرورة وجود مفارز غوص تعمل بنظام المناوبة على ضفاف النهر لإنقاذ الأرواح في الوقت المناسب.
جهود استجابة محدودة
وفي تصريح خاص لـ”سوريا 24”، أكد تركي الحمدان، قائد فريق الاستجابة الأولية التابع لمجلس الرقة المدني، أن الفريق جهّز سيارة إسعاف خاصة مجهزة بكادر طبي وغواصين، تقوم بجولات دورية على ضفاف النهر، كما تم توزيع منشورات توعوية تحذّر من خطورة السباحة في المناطق غير الآمنة.
وكشف الحمدان أن فرق الإنقاذ تعاملت خلال عام 2024 مع 38 حالة غرق في نهر الفرات، منها 7 حالات تم إنقاذها بنجاح، فيما تم انتشال جثامين 31 شخصاً بعد أن فارقوا الحياة.
دعوات إلى حلول جذرية
في ظل هذه الأرقام المقلقة، تتزايد الدعوات من الأهالي لتدخل جاد من الجهات المعنية، سواء بتنظيم مناطق مخصصة وآمنة للسباحة، أو بإطلاق حملات توعية واسعة، إلى جانب تعزيز فرق الإنقاذ وتجهيزها بما يلزم، في محاولة لتفادي تكرار مشاهد الفقدان والمأساة التي باتت تتكرر كل صيف على ضفاف الفرات.