يعيش سكان مخيم درعا جنوبي سوريا أوضاعاً خدمية وإنسانية بالغة الصعوبة، وسط غياب شبه كامل للدعم الدولي والمحلي.
ويواجه الأهالي تحديات يومية تتعلق بالبطالة، الفقر، تدني الأجور، وغياب الخدمات الأساسية، ما يجعل حياتهم على حافة الكفاح من أجل البقاء.
معاناة السكان وأزماتهم اليومية
وأوضح أيهم السعيد، عضو لجنة التنمية في المخيم في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن غالبية السكان يعيشون في حالة فقر مدقع وبحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
ولفت إلى أن البطالة تتفاقم في صفوف الشباب، بينما يعاني العمال من تدني أجور اليد العاملة التي لا تكفي لتغطية احتياجات الأسرة الأساسية، حيث يدفع هذا الواقع المرير العديد من العائلات إلى التخلي عن تعليم أبنائها بسبب عدم قدرتهم على توفير مستلزمات الدراسة مثل الكتب والزي المدرسي.
الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية ومستلزمات الحياة اليومية يزيد الطين بلة، حيث أصبحت تكاليف المعيشة عبئاً ثقيلاً على كاهل السكان.
كما أن ارتفاع أسعار إيجار المنازل يشكل مشكلة إضافية، خاصة وأن الكثير من البيوت مدمرة نتيجة سنوات الحرب ولم يتم إعادة إعمارها بعد، مما يضطر بعض العائلات إلى العيش في ظروف غير آدمية.
وأكد السعيد أن الأسعار بشكل عام مرتفعة للغاية، ولا يوجد شيء رخيص يمكن للسكان الاعتماد عليه لتخفيف معاناتهم.
وذكر أنه لا يوجد توزيع أي مواد إغاثية من أي منظمة لا للمخيم ولا الأحياء المجاورة، مشيراً إلى أن الجهود الإغاثية لم تحقق أي تأثير حقيقي على أرض الواقع.
أوضاع الخدمات المتردية
على الرغم من الجهود المبذولة من قبل لجان التنمية المحلية وبالتعاون مع بعض المنظمات الدولية والمحلية، إلا أن الواقع الخدمي في المخيم ما زال دون المستوى المطلوب، فشبكة الصرف الصحي تحتاج إلى تحديث شامل، وهناك مناطق داخل المخيم لا تصلها المياه بشكل منتظم.
وأشار السعيد إلى أن هناك خططاً لإصلاح نظام المجاري وتمديد خطوط المياه إلى المناطق المحرومة، ولكن هذه المشاريع لم تبدأ بعد أو لم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن.
وأكد أن بعض الأحياء لا تحتوي على شبكات صرف صحي على الإطلاق، مما يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة بين السكان.
غياب دعم الأونروا ونداء عاجل للمنظمات الدولية
وفي ظل غياب دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يشعر السكان بالإحباط واليأس، إذ أن “الأونروا” كانت في السابق الداعم الأساسي للاجئين الفلسطينيين في سوريا، لكن تقليص خدماتها وتوقف برامجها أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المخيم.
ويناشد الأهالي المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تقديم المساعدة العاجلة لتحسين أوضاعهم المعيشية: “نناشد كل من تطال يداه بتقديم المساعدة لنا بالسرعة القصوى”، حسب السعيد.
وفيما يتعلق بدور “الأونروا”، أكد السعيد أن الوكالة تقدم فقط خدمات العلاج وخدمات المدارس، أما خدمات الإغاثة والدعم المادي فهي متوقفة تماماً منذ فترة طويلة، وهو ما يزيد من معاناة السكان الذين يحتاجون إلى دعم مباشر لمواجهة التحديات اليومية.
نداء لإعادة تأهيل المنازل وتخفيف المعاناة
وأطلق السكان نداءً عاجلاً للمنظمات الإنسانية والدولية للدخول إلى المخيم ومساعدة الناس في إعادة تأهيل منازلهم المدمرة، من أجل تمكينهم من العودة إليها واستعادة حياتهم الطبيعية، كما طالبوا بضرورة التدخل لتخفيف معاناة الناس من البطالة ومن كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهونها يومياً.
أمل رغم المعاناة
رغم المعاناة المستمرة، يبقى السكان متمسكين بالأمل. يبلغ عدد سكان المخيم حالياً حوالي 900 عائلة، ومعظمهم يعيشون في ظروف صعبة وغير مستقرة. ومع ذلك، يؤكد السعيد أن الناس متفائلون بأن الأمور ستتحسن مع الوقت، خاصة إذا توفرت الجهود اللازمة لتنفيذ المشاريع الخدمية والإغاثية.
ويمثل مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين نموذجاً واضحاً للأزمات الإنسانية التي تفاقمت بسبب الحرب والنزوح، في حين أن الغياب الكامل لدور الجهات الدولية والحكومية يترك السكان أمام مصير مجهول، ولذلك، يتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً من قبل المنظمات الإنسانية والدول المانحة لتقديم الدعم اللازم، سواء كان ذلك على شكل مساعدات غذائية، خدمات صحية، أو إعادة إعمار البنية التحتية.