سوق الدولار في سوريا: بين المضاربات والتأثيرات المعيشية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

شهدت الأسواق السورية خلال الأيام الأخيرة طلبًا متزايدًا على الدولار، مما أدى إلى مخاوف كبيرة من تراجع جديد في قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

هذا التطور أثار موجة من القلق بين المواطنين والتجار على حد سواء، حيث انعكس سلبًا على أسعار المواد الأساسية وتسبب في زيادة معاناة الأسر السورية التي تعاني بالفعل من ضغوط اقتصادية كبيرة.

أسباب تزايد الطلب على الدولار

بحسب المحللين الاقتصاديين، فإن الطلب المتزايد على الدولار يعود إلى عدة عوامل رئيسية: أولًا، يرتبط الأمر بشكل مباشر بالسياسات النقدية وأساليب التعامل مع السوق السوداء.

وأكد الباحث والمحلل الاقتصادي عبد العظيم المغربل في حديث لمنصة “سوريا 24”: “أن السوق السورية تشهد تزايدًا ملحوظًا في الطلب على الدولار، لا سيما من قبل التجار الذين يعتمدون على الاستيراد لتوفير السلع الأساسية”.

وأوضح المغربل أن حبس السيولة وعدم الثقة بالقطاع المصرفي يؤديان إلى اكتناز العملة الصعبة، مما يزيد من الطلب عليها ويخلق فجوة أكبر بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.

وفي السياق نفسه، أشار الدكتور حسن عليوي، المتخصص في الاقتصاد الإسلامي، في حديث لمنصة “سوريا 24″، إلى أن “الإقبال على الدولار يرتبط بالسياسات الحكومية التي لم تتمكن بعد من ضبط السوق بشكل كامل”.

ولفت إلى أن التجار يعتبرون الدولار الملاذ الأخير للحفاظ على قدرتهم الشرائية في ظل الانهيار المستمر لقيمة الليرة السورية.
تأثير الطلب المتزايد على الحياة المعيشية

ومع تزايد الطلب على العملة الصعبة، ارتفعت أسعار معظم السلع الأساسية في الأسواق السورية، خاصة تلك التي تعتمد على الاستيراد.

وبحسب بيانات مصرف سوريا المركزي، سجل الدولار في السوق السوداء نحو 11,325 ليرة سورية، بينما استقر السعر الرسمي عند 12,060 ليرة، في حين أن هذا التباين الكبير بين السعرين زاد من المضاربات وأثر سلبًا على الأسعار اليومية للمستهلكين.
وفيما يتعلق بالسلع الغذائية والمستلزمات اليومية، أكد المغربل أن “أسعار هذه السلع تعتمد بشكل كبير على سعر الدولار في السوق السوداء، مما يعني أن أي تغيير في سعر الصرف يؤدي مباشرة إلى زيادة الأسعار”.

وأشار إلى أن هذا الواقع يثقل كاهل المواطن السوري الذي يعاني من تدني الأجور وثباتها، رغم انخفاض معدلات التضخم السنوية مقارنة بالعام الماضي.

من جانبه، أشار الدكتور حسن عليوي إلى أن “الأرقام المعلنة عن الأسعار وسعر الصرف على وسائل التواصل الاجتماعي غالبًا ما تكون غير دقيقة”، مما يسهم في خلق حالة من عدم اليقين والقلق بين المواطنين.
آليات ضبط السوق السوداء

في محاولة للحد من الفجوة بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء، أعلن مصرف سوريا المركزي عن إجراءات جديدة للتسعير ومنح تراخيص للصرافين النظاميين.

ومع ذلك، فإن هذه الخطوات وحدها ليست كافية للسيطرة على السوق، خاصة في ظل وجود شركات صرافة غير مرخصة تديرها جهات متنفذة تعمل على تحريك سعر الصرف عبر الشائعات والتلاعب بالأسواق.

وأكد المغربل أن الحلول الحقيقية تكمن في “تعزيز التحويلات الخارجية القادمة إلى البلاد وتشجيع الصادرات السورية، بما يضخ عملات أجنبية حقيقية في السوق”.

كما دعا إلى ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي وتوفير بدائل محلية للسلع الأساسية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
أما عليوي فقد أشار إلى أهمية “تحسين البيئة المصرفية واستعادة الثقة بالقطاع المالي الرسمي”، مشددًا على أن الحكومة بحاجة إلى سياسات أكثر شفافية وفعالية للتعامل مع الأزمة الحالية.

الوضع الحالي: أسعار العملات والذهب

وبحسب آخر تحديثات أسواق الصرف والتعاملات، اليوم الأربعاء، سجل سعر صرف الدولار الأمريكي في دمشق وحلب 11,500 ليرة سورية، بينما بلغ في إدلب 11,600 ليرة.

أما سعر الذهب، فقد بلغ غرام الذهب عيار 21 مليونًا و66 ألف ليرة سورية، مما يعكس استمرار الضغط على الأسواق وارتفاع الأسعار.

ووسط كل ذلك، يبدو أن الأزمة الاقتصادية في سوريا تتجه نحو المزيد من التعقيد مع استمرار تزايد الطلب على الدولار وتأثيره

المباشر على أسعار السلع الأساسية.

وعلى الرغم من الجهود الحكومية لضبط السوق، إلا أن الحلول المقترحة تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين لتحقيق النتائج المرجوة.
وفي الوقت نفسه، يبقى المواطن السوري هو الأكثر تضررًا من هذه الأزمة، حيث يواجه يوميًا تحديات معيشية متزايدة نتيجة ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة الوطنية، حيث يتطلب حل الأزمة الاقتصادية في سوريا استراتيجيات شاملة تشمل تعزيز الإنتاج المحلي، وتشجيع الصادرات، وتحسين البيئة المالية لاستعادة الثقة بالقطاع المصرفي.

مقالات ذات صلة