في تصريح خاص لمنصة سوريا 24، كشف الدكتور محمد الحلبوني، مدير مستشفى دمشق “المجتهد”، عن حجم التدهور الكبير الذي تعاني منه البنى التحتية والخدمات الطبية داخل أحد أقدم وأهم المشافي الحكومية في العاصمة، وسط تزايد الأعباء ونقص حاد في الموارد البشرية والمستلزمات الطبية.
وقال الحلبوني: “المشفى عملياً تحت الصفر، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية. نظام الصرف الصحي يعاني من أعطال متكررة ويحتاج إلى تدخل مباشر من محافظة دمشق لإجراء الصيانة الضرورية”. وأشار إلى أن المستشفى تأسس عام 1955 عندما كان عدد سكان دمشق لا يتجاوز 300 ألف نسمة، في حين تجاوز عدد السكان اليوم خمسة ملايين، دون أن يواكب القطاع الطبي هذا التوسع السكاني، مؤكدًا أن “دمشق تحتاج اليوم إلى 10 آلاف سرير طبي، بينما لا يتوفر سوى 5 آلاف سرير في المشافي العامة والخاصة مجتمعة”.
وأضاف أن معظم المشافي في العاصمة تعاني من مشاكل مماثلة، أبرزها تدهور أنظمة التهوية، والصرف الصحي، وعجز في المستودعات، فضلًا عن تهالك شبكات الغازات ومحطات الأوكسجين والفاكيوم، لافتًا إلى أنه “أجرى مؤخرًا صيانة لقسم التعقيم وتم تحديث بعض الأجهزة، لكنّ التحديات ما تزال هائلة”.
وأكد مدير المشفى أن البنية الكهربائية تعاني من خلل كبير، حيث أدت حالات انقطاع ووصل الكهرباء العشوائي إلى تعطل عدد من الأجهزة الطبية، بينها جهاز الرنين المغناطيسي الذي تتطلب صيانته كلفة مرتفعة جداً.
كما أشار إلى أن “80% من المعدات الطبية في المستشفى باتت مستهلكة”، مضيفًا أن جهاز الأشعة الموجود يعمل منذ أكثر من 26 عامًا، وأن نصف حاضنات قسم الأطفال خارج الخدمة، في حين تعاني أجهزة التخدير والمونيتورات من أعطال شبه دائمة.
وفيما يتعلق بقسم غسيل الكلية، أشار الحلبوني إلى أنه “تم ترميمه وتحديثه جزئيًا بثمانية أجهزة جديدة”، كما تم تأمين بعض أجهزة الإيكو، إلا أن أزمة الاستهلاك مستمرة، حيث لا تكفي المستهلكات الطبية لأكثر من شهر في ظل عدم وجود استجرار دائم لها، مضيفًا أن بعض المنظمات مثل أطباء بلا حدود، والهيئة الطبية الدولية، وسامز، قدمت دعمًا مؤقتًا.
وفي السياق نفسه، أوضح الحلبوني أن النقص الحاد في أدوية التخدير يهدد بإيقاف عدد كبير من العمليات الجراحية، مشيرًا إلى أن المستشفيات تُزوّد بالأدوية حسب المتوفر فقط، فيما يتفاقم العبء على الكوادر الطبية التي لا تتعدى رواتبها الشهرية أجور المواصلات، على حد تعبيره.
وتابع: “رفعنا جميع احتياجات المشفى إلى مديرية الصحة، لكن لا حلول واضحة حتى الآن، والمشكلة الأكبر أن المرضى يضطرون لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية من حسابهم الخاص”.
من جهته، قال عبد الله خالد النعمات، أحد المراجعين في المستشفى لمنصة سوريا 24 إن “الخدمة جيدة لكن قدرات المشفى محدودة، ابني يعاني من اختلاجات ويضطر لشراء الأدوية وإجراء التحاليل من خارج المشفى”.
وأضافت السيدة خديجة الخالد، والدة طفل مصاب بمرض نادر: “الكادر الطبي مهتم ومتعاون، لكن عدم توفر الأدوية والصور داخل المشفى يزيد من آلامنا كمراجعين”.
واختتم الحلبوني حديثه بالإشارة إلى أثر العقوبات الدولية في تعميق الأزمة الصحية، لاسيما فيما يتعلق بنقص أدوية السرطان، مما يضع المرضى أمام تحديات يومية قاسية في رحلة البحث عن العلاج.