في ظل تعثر إعلان تشكيل البرلمان الانتقالي في سوريا، تباينت التفسيرات حول أسباب التأخير، وسط إجماع على ضرورة الإسراع في استكمال هذا الاستحقاق الذي يُعدّ أحد أركان المرحلة الانتقالية.
قربي: الرئاسة تتحمل التأخير… والشمول والكفاءة معيارا التعيين
أوضح أحمد قربي، عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري، أن تأخر تشكيل البرلمان الانتقالي يعود إلى ازدحام أجندة الحكومة الانتقالية، خصوصًا مؤسسة الرئاسة، بالإضافة إلى تعقيدات مرتبطة بالوضع الأمني في البلاد، وعدم انتهاء عمل لجنة التحقيق في الساحل. كما لم يتم تحديد جدول زمني واضح لتشكيله، ما يجعل مدة الانتظار مفتوحة، في ظل مسؤولية تقع على عاتق الرئاسة.
وأشار قربي إلى أن الإعلان الدستوري ينص على معياري الشمول والكفاءة في اختيار أعضاء البرلمان، مشددًا على أن التعيينات ستُستخدم لسد الثغرات الناتجة عن التمثيل غير المتوازن في العملية الانتخابية، سواء من حيث التوزيع الجغرافي، أو تمثيل النقابات، أو غياب الكفاءات الاقتصادية والقانونية.
كما أوضح أن البرلمان الانتقالي سيمارس صلاحيات تشريعية محدودة، تشمل إقرار القوانين دون أن تملك صلاحية مساءلة الحكومة، مؤكدًا أن القوانين تمر بأربع مراحل (الإعداد، المناقشة، الإقرار، الإصدار)، مع بقاء صلاحية الإصدار في يد الرئاسة، التي يمكنها الاعتراض أو إرجاع القانون، لكن يُلزمها البرلمان بإقراره إذا أُعيد بأغلبية الثلثين.
في أعقاب سقوط النظام السابق في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، دخلت سوريا مرحلة انتقالية حساسة تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة.
وفي هذا السياق، تم اعتماد “الإعلان الدستوري” في 13 مارس 2025 كإطار قانوني مؤقت لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية تمتد لخمس سنوات.
نص الإعلان الدستوري على إنشاء ثلاث سلطات رئيسية: المجلس التنفيذي (الحكومة)، المجلس القضائي، والمجلس التشريعي (البرلمان الانتقالي)، وشكلت الحكومة الانتقالية برئاسة الرئيس أحمد الشرع في في آذار مارس الماضي، وتضمنت وزارات جديدة مثل وزارة الطوارئ والكوارث، مع إلغاء منصب رئيس الوزراء
أما البرلمان الانتقالي، فقد حُددت ولايته بثلاثين شهرًا قابلة للتجديد، فيما لم يحدد بعد عدد أعضائه، وسط تفسيرات متبانية بدأت قبل الإعلان ب35 عضواً، ومن ثم سرت تصريحات عن رفعها إلى 100، ومن ثم راجت شائعات عن رفعها إلى 250 عضواً، بما يوازي عدد أعضاء البرلمان في النظام السابق، حيث سيُعين الرئيس ثلثهم، بينما يُنتخب الباقون عبر آليات لم تُحدد بعد . ويُمنح البرلمان صلاحيات تشريعية تشمل إقرار القوانين، بينما يحتفظ الرئيس بحق إصدارها والاعتراض عليها.
الأطرش: البرلمان كان يجب أن يسبق تشكيل الحكومة
من جهته، شدد الناشط السياسي رضوان الأطرش على أن البرلمان كان من المفترض أن يُشكّل قبل الحكومة، ليُمنح الدور الرقابي والتشريعي الكامل، معتبرًا أن التأخر في هذه الخطوة قد أثر سلبًا على اكتمال هيكل المرحلة الانتقالية.
وقال الأطرش لـ”سوريا 24” إن تشكيل مجلس تشريعي متوازن يعكس تمثيلًا وطنيًا شاملاً هو شرط أساسي لشرعية المرحلة، خصوصًا بعد تشكيل المجلسين التنفيذي والقضائي. وأشار إلى أن عدد أعضاء البرلمان من المفترض أن يبلغ 250 عضوًا، بعد رفع العدد لتوسيع قاعدة التمثيل الشعبي.
أما بخصوص الثلث الذي يحق للرئيس تعيينه، فقد أشار إلى أن الآلية لم تُحسم بعد على ما يبدو، ولا توجد جهة واضحة ستتولى التعيين، حيث لم يُحدد إن كان التعيين سيتم من الرئاسة مباشرة أم من بين شخصيات عامة مستقلة.
وأكد الأطرش في ختام حديثه أن غياب الآلية الشفافة في اختيار بقية الأعضاء ما زال يشكل عائقًا أمام إتمام هذا الاستحقاق، خاصة أن الانتخابات ما تزال غير مهيأة تنظيميًا، ولا توجد هيئات ناخبة فرعية جاهزة في المحافظات.