دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم العاجل للعائلات السورية التي تعود إلى ديارها بعد سنوات من النزوح واللجوء.
وبينما يواجه هؤلاء العائدون تحديات جسيمة في إعادة بناء حياتهم، أكدت المفوضية، حسب ما نسرت اليوم السبت، على معرفاتها الرسمية، أن توفير الدعم اللازم يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في تحقيق استقرارهم وضمان عودة كريمة ومستدامة.
الحاجة الملحة للدعم
وأبرزت المفوضية أن السوريين العائدين بحاجة ماسة إلى المساعدة في مجالات متعددة، تشمل إصلاح المنازل المتضررة أو المدمرة، الحصول على فرص عمل تمكنهم من إعالة أسرهم، والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
وأشارت التقارير الصادرة عن المفوضية إلى أن حوالي 16.7 مليون شخص داخل سوريا، أي ما يعادل 90% من السكان، يعتمدون اليوم على الدعم الإنساني لتلبية احتياجاتهم اليومية.
وبحسب تقديرات المفوضية، عاد حوالي 400 ألف سوري من دول الجوار منذ سقوط نظام الأسد السابق في كانون الأول/ديسمبر 2024، كما عاد أكثر من مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية، ليصل إجمالي عدد العائدين إلى أكثر من 1.4 مليون شخص.
ومع ذلك، فإن هذه العودة تتطلب دعماً مستمراً لتحقيق الاستقرار، حيث لا يزال هناك نقص حاد في التمويل الدولي.
التحديات الاقتصادية والإنسانية
وأشارت المفوضية إلى أن سنوات النزاع والتدهور الاقتصادي تركت آثاراً مدمرة على حياة الملايين من السوريين.
وأضافت، أنه سواء كانوا نازحين داخل البلاد، أو عائدين إلى بيوتهم المدمرة، أو لاجئين بعيداً عن وطنهم، فإن التحديات اليومية التي يواجهونها تبدو ضخمة ويصعب تصورها.
ومن بين هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى توفير المأوى وسبل العيش والحماية القانونية، بالإضافة إلى الوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفي ظل تراجع التمويل المقدم للمفوضية بنسبة كبيرة بين عامي 2024 و2025، حذرت المنظمة الأممية من أن هذا الانخفاض سيؤثر بشكل مباشر على قدرتها على تقديم الدعم الأساسي.
ومن المتوقع أن يتقلص عدد موظفي المفوضية في سوريا بنسبة 30%، مما يعني انخفاضاً في مستوى الخدمات المقدمة.
كما سيتم إغلاق 44% من المراكز المجتمعية التي توفر دعماً حيوياً للعائدين، بما في ذلك الصحة النفسية، والمساعدة القانونية، والتوعية بمخاطر الألغام.
الاستثمار في العودة الطوعية
وشددت المفوضية على أهمية الاستثمار في تسهيل عودة اللاجئين الذين انتظروا هذه اللحظة لسنوات، حيث أطلقت إطاراً عملياتياً في كانون الثاني/يناير 2025 بهدف مساعدة 1.5 مليون لاجئ ومليوني نازح داخلي على العودة إلى ديارهم هذا العام.
ومع ذلك، لم يتم التعهد إلا بمبلغ 71 مليون دولار أمريكي من أصل 575 مليون دولار مطلوبة لتمويل برامج المفوضية داخل سوريا لعام 2025، إذ يهدد هذا النقص الحاد في التمويل بإفشال الجهود المبذولة ويترك ملايين السوريين دون دعم.
منصة رقمية للعودة
وفي خطوة مبتكرة، أطلقت المفوضية منصة رقمية باسم “سوريا هي الوطن”، تهدف إلى تقديم معلومات دقيقة ومحدثة حول عملية العودة.
وتشمل المعلومات الخطوات القانونية اللازمة، وتجديد وثائق الهوية، والحصول على السكن، والرعاية الصحية، والتعليم.
وتسعى المنصة إلى تمكين السوريين من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن عودتهم والتخطيط لمستقبلهم.
وأكدت المفوضية أن هذه اللحظة التاريخية تتطلب جهداً تعاونياً بين الجهات الدولية والمحلية لضمان عودة آمنة وكريمة للسوريين.
وناشدت الدول المانحة التقليدية، وكذلك الدول الغنية التي لم تساهم بالشكل الكافي، لزيادة دعمها المالي.
وقالت المفوضية: “عطاؤك يدعم الأمل في سوريا، كن سنداً بعطائك للأسر السورية الأشد ضعفاً واحتياجاً وساعدهم في إعادة بناء حياتهم”.
وأكدت المفوضية على أن اغتنام هذه الفرصة لدعم العائدين يعد مسؤولية جماعية، وأن الاستثمار في المساعدات وجهود التعافي المبكر يمكن أن يخلق فرصاً جديدة ويحافظ على آمال السوريين في مستقبل أفضل.