جرمانا: اشتباكات وتوتر أمني بعد تسجيل مسيء للنبي محمد

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -متابعات

شهدت مدينة جرمانا في ريف دمشق خلال الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء، مواجهات مسلحة عنيفة بين مجموعات درزية ومحلية، أسفرت عن سقوط أكثر من عشرة أشخاص بين قتيل وجريح.

جاء ذلك إثر توترات مجتمعية نجمت عن تسجيل صوتي تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي، يُتَّهَم فيه أحد المشايخ الدروز بإطلاق تصريحات مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

واشتدت حدة التوتر عندما انتشر تسجيل صوتي على نطاق واسع بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، زُعِم أن المتحدث فيه هو الشيخ مروان كيوان، وهو أحد الشخصيات الدينية المعروفة في محافظة السويداء. وقد احتوى التسجيل على عبارات مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ما أثار موجة غضب شديدة داخل صفوف المسلمين والسوريين بشكل عام.

لكن الشيخ مروان كيوان، وحسب شبكة “السويداء 24″، نفى بشكل قاطع أي علاقة له بهذا التسجيل، مشيرًا إلى أن الصوت المتداول لا يشبه صوته، وأن هذا التسجيل يمثل محاولة ممنهجة لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار المجتمعي.

وأكد أنه لم يكن له أي موقف أو تعليق يمكن تفسيره على أنه تطاول على الذات النبوية.

وبعد الانتشار الواسع للتسجيل، دخلت الأجهزة الأمنية السورية على الخط، وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا رسميًا مساء الإثنين، أكدت فيه أن التحريات الأولية التي أجرتها الجهات المختصة “أثبتت عدم صحة نسبة التسجيل الصوتي إلى الشيخ مروان كيوان”، وأن التحقيق ما زال مستمرًّا لتحديد هوية الشخص الحقيقي الذي أطلق تلك العبارة المسيئة.

وعلى الرغم من التوضيحات الرسمية، فإن الغضب الشعبي لم يتوقف، حيث وصلت مجموعة من المواطنين الغاضبين من مختلف المناطق إلى مدينة جرمانا، واشتبكت مع مجموعات درزية مسلحة في حي النسيم، ومن ثم امتدت الاشتباكات إلى محيط مدينة صحنايا المجاورة.

واُستخدمت في الاشتباكات أنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، واستُهدفت بشكل مباشر مواقع متعددة داخل المدينة، مما أدى إلى حالة من الهلع في صفوف المدنيين.

وحاول عناصر من جهاز الأمن العام السوري التدخل لفض الاشتباكات وإعادة الوضع إلى طبيعته، لكنهم تعرضوا لكمين نصبته إحدى المجموعات المسلحة، ما أسفر عن مقتل عنصرين من الأمن وتمثيل البعض الآخر بجثتيهما.

ولم تصدر السلطات السورية بيانات رسمية حول عدد القتلى والجرحى حتى اللحظة، لكن مصادر طبية أكدت أن الضحايا من الجانبين تجاوزوا العشرة، بينهم مدنيون.

وأصدرت الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في جرمانا بيانًا استنكرت فيه بشدة الحادثة، مؤكدة أنها ترفض أي اعتداء على الذات النبوية الشريفة، واعتبرت أن التسجيل الصوتي المتداول “مشروع فتنة مدبَّر”، يهدف إلى زرع الانقسام بين أبناء المجتمع السوري الواحد.

كما أدانت الهيئة الهجوم المسلح على مدينة جرمانا، مشيرة إلى أن غالبية الضحايا الذين سقطوا هم من منتسبي جهاز الأمن العام، وأكدت أن الدولة مسؤولة عن حماية أرواح المواطنين وكرامتهم وممتلكاتهم.

ودعت الهيئة السلطات الحكومية إلى التواصل مع الرأي العام وتوضيح الملابسات الكاملة للأحداث، محملة الإدارة الحالية المسؤولية الكاملة عن تفاقم الأوضاع.

من جانبها، أدانت مضافة رجال الكرامة بالسويداء بشدة التسجيل الصوتي، مؤكدة أن مثل هذا الخطاب لا يعكس قيم ولا أخلاق أهل المحافظة، وأنه محاولة خارجية لإثارة الفتنة وشق الصف الوطني.

ودعت المضافة إلى التصدي لتلك المحاولات بالوعي والحوار البنّاء، مؤكدة أن الوحدة الوطنية هي السلاح الحقيقي ضد كل المؤامرات التي تستهدف النسيج الاجتماعي السوري.

بدوره، أكد محافظ السويداء مصطفى البكور أن السلطات المحلية لن تسمح لأي كان بالتطاول على الرموز الدينية، مشددًا على أن كل من يسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم سيُحاسب وفق القانون.

وقال البكور إنه وجه قيادة الشرطة لتكثيف التحريات للكشف عن هوية الشخص الذي أساء إلى الذات النبوية، مشددًا على أن “الذمة الجماعية” ليست مقبولة، وأن من ارتكب خطأ يجب أن يتحمل تبعاته دون تحميل الآخرين وزره.

وفي ظل التصعيد وتفاقم الأوضاع، أعرب شيخ عقل الطائفة الدرزية يوسف جربوع عن موقف واضح من الحوادث الجارية، قائلاً: “ما يتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي يمثل محاولة لإثارة الفتنة بين مكونات المجتمع السوري”.

ودعا جربوع جميع المواطنين إلى “التحلي بالحكمة وضبط النفس في هذه الظروف، والحفاظ على تماسك النسيج الوطني”.

كما استنكر بشدة الإساءات التي وجهها بعض الأشخاص للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفها بأنها “تصرفات مرفوضة جملة وتفصيلاً”، مؤكداً أن هذه الأفعال “تعبر فقط عن مرتكبيها، ولن نسمح بأي تجاوزات تجاه الأنبياء والرسل”.

وأضاف: “نعوّل على حكمة أهل الرأي في البلاد لتخطي هذه المحنة، كما نؤكد على ضرورة توحيد الصفوف لمواجهة المخططات التي تستهدف أمن سوريا واستقرارها”.

وتعالت أصوات الكثير من السوريين داخل سوريا وخارجها وعلى منصات التواصل الاجتماعي، محذّرة من أن التسجيل المتداول قد يكون جزءًا من مخطط أوسع يسعى لزعزعة استقرار المجتمع السوري، خاصة بعد مرحلة الحرب الطويلة التي خلّفت آلامًا وانقسامات تحتاج وقتًا طويلًا لتجاوزها.

مقالات ذات صلة