إدلب: كفر سجنة تواجه خطر الألغام بعد عودة السكان

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تواجه بلدة كفر سجنة في ريف إدلب الجنوبي واقعًا بالغ التعقيد بعد سنوات من التهجير والدمار، في ظل عودة تدريجية للأهالي يقابلها خطر دائم يتمثل في انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة، ما يهدد حياة السكان ويعرقل عملية إعادة الإعمار والاستقرار.

1250 عائلة عادت رغم التحديات

كشف رئيس المجلس المحلي في البلدة مصطفى العبدالله، في تصريح خاص لمنصة سوريا 24، أن عدد العائلات التي عادت إلى البلدة بلغ 1250 عائلة من أصل 3600، مشيرًا إلى أن العائلات العائدة جاءت من مناطق مختلفة، من بينها 40 عائلة قادمة من لبنان، و25 عائلة من تركيا، و90 عائلة من مناطق النظام، فيما وصل عدد العوائل القادمة من مخيمات النزوح الداخلي نحو 1095 عائلة.

ورغم هذا الرقم، فإن آلاف العائلات لم تتمكن من العودة حتى الآن بسبب عدة أسباب، أبرزها وفق العبدالله وجود أبناء في مراحل دراسية حرجة مثل الشهادتين الإعدادية والثانوية، وتهدم منازل بعض العائلات أو عدم امتلاكهم لمسكن، وتردي الوضع المادي وعدم القدرة على تحمل تكاليف العودة.

ألغام منتشرة وأرواح مهددة

قال العبدالله إن البلدة كانت سابقًا على خط المواجهات العسكرية، الأمر الذي أدى إلى انتشار كثيف للألغام والصواريخ والقنابل غير المنفجرة داخل الأحياء وعلى أطراف البلدة. وأوضح أن المجلس المحلي قام برصد وتسجيل مواقع الألغام بدقة، إلا أن الاستجابة من قبل الدفاع المدني وفرق الهندسة لم تتم حتى الآن، بسبب الضغط الكبير على هذه الفرق في عموم المنطقة.

وقد أجبرت هذه الأوضاع بعض العائلات على استدعاء فرق هندسية خاصة على نفقتها لإزالة الألغام من منازلها أو أراضيها، فيما لجأ آخرون من الأهالي إلى التعامل المباشر مع الأجسام المشبوهة بوسائل بدائية وغير آمنة، ما أدى إلى إصابات خطيرة.

جهود أهلية لإعادة الترميم والخدمات

أشار العبدالله إلى وجود مبادرات مجتمعية من أبناء البلدة لتقديم الدعم للعائلات الراغبة بالعودة، حيث تم التبرع بتكاليف النقل والمساهمة في تأهيل بعض المنازل. كما تم ترميم جزئي لمدرستين، وبدأتا باستقبال أكثر من 300 تلميذ في مرحلة التعليم الأساسي.

غياب الجهات المختصة يدفع الأهالي للتعامل العشوائي

الناشط الإعلامي علي العيسى، وهو من أبناء كفر سجنة، صرح لـ SY24 بأن البلدة لا تزال تحتوي على العديد من الألغام ومخلفات الحرب، وقد سجلت مؤخرًا نحو خمس إلى ست إصابات جراء انفجار هذه المواد، من بينها ألغام وصواريخ لم تنفجر بعد.

وقال العيسى:

“للأسف، لم تصل أي جهة مختصة إلى بلدتنا حتى الآن، رغم سماعنا عن بدء حملات من الدفاع المدني في مناطق أخرى مثل جبل الزاوية. في المقابل، اضطر بعض الأهالي إلى التعامل بأنفسهم مع هذه المخلفات دون أي خبرة، فصاروا يتخلصون منها بوسائل بدائية كإطلاق النار عليها أو إشعال النيران حولها”.

وأضاف:

“تحولت هذه العملية إلى ما يشبه المبادرات الشعبية غير الآمنة، حيث تمكن الأهالي من إزالة بعض الألغام القريبة من المنازل، إلا أن أجزاء واسعة من البلدة لا تزال تحتوي على ألغام لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها، نظرًا لخطورتها وغياب أي دعم رسمي أو فني في هذا الملف”.

إصابات وبتر أطراف نتيجة انفجارات متكررة

أحد أبرز الحوادث المسجلة كان يوم الأربعاء الماضي، حين أُصيب محمد الصبيح بشظايا في الصدر والبطن والساقين أثناء محاولته التعامل مع جسم مشبوه، وتم نقله إلى مشفى حماة لتلقي العلاج. كما تم تسجيل حالات أخرى تسببت بانفجار الألغام داخل الأراضي الزراعية أو أثناء تنظيف المنازل، وأدت إلى بتر أطراف وإصابات متفاوتة.

مخاوف الأمهات تعيق العودة

تقول مريم مصطفى، وهي أم لثلاثة أطفال تقيم حتى اليوم في أحد مخيمات دير حسان شمال إدلب، إنها لا تفكر بالعودة إلى كفر سجنة في الوقت الحالي، رغم اشتياقها للبلدة، بسبب الخوف الشديد من الألغام المنتشرة هناك. وتضيف في حديثها لسوريا 24:

“لن أعود قبل أن أتأكد أن المنطقة باتت آمنة تمامًا وخالية من الألغام… أخشى على أطفالي، فقد سمعنا عن إصابات كثيرة لعائلات عادت إلى مناطق التماس، وأي خطوة خاطئة قد تكون قاتلة”.

تعكس شهادة مريم حجم القلق الذي يسيطر على كثير من العائلات النازحة، خاصة تلك التي تضم أطفالًا، وتسلط الضوء على ارتباط ملف إزالة الألغام مباشرة بإمكانية تحقيق عودة واسعة وآمنة للمهجرين.

خطر الألغام يهدد مستقبل البلدة

على الرغم من عودة جزء كبير من أهالي كفر سجنة، فإن انتشار الألغام وغياب الجهات المتخصصة في إزالتها يبقي حياة السكان في خطر دائم، ويعرقل جهود الإعمار والاستقرار. ويأمل أبناء البلدة أن تتجه الأنظار نحوهم بشكل جدي، وأن يتم إدراجها ضمن أولويات حملات إزالة الألغام لتأمين عودة آمنة وشاملة لجميع السكان.

مقالات ذات صلة