تشهد منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، منذ ساعات الفجر الأولى من اليوم الأربعاء، توتراً أمنياً غير مسبوق، يترافق مع مواجهات عنيفة بين قوات الأمن السوري ومجموعات مسلحة مجهولة الهوية.
وأفاد المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية السورية، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، بمقتل 11 عنصراً من قوات الأمن العام جراء الاشتباكات المسلحة التي تشهدها منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق.
وتجدّدت الاشتباكات اليوم، بعد هجوم جديد شنّته المجموعات المسلحة على المدينة، حيث استخدمت الأسلحة الرشاشة الخفيفة وقذائف “آر بي جي”، في محاولة لنسف الاستقرار الأمني في المنطقة.
وقال تامر رفاعة، ممثل المجتمع المحلي في أشرفية صحنايا، في تصريحات إعلامية : “إن المهاجمين ينتمون إلى فصائل غير معروفة الانتماء”، داعياً الجهات الحكومية إلى التدخل الفوري لوقف التصعيد وحماية السكان المدنيين الذين يعيشون حالة من الخوف والهلع الشديد.
من جانبه، قال علي الرفاعي، مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، في بيان وصلت نسخة منه إلى منصة سوريا ٢٤، إن الوضع بدأ بالتصاعد أول أمس، عندما حاولت مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، قدمت من أشرفية صحنايا، التوجّه برتل مسلح يضم سيارة مزودة برشاش ثقيل إلى مدينة جرمانا، لكن الحاجز الأمني المنتشر هناك اعترض الرتل ومنعه من العبور، مما أدّى إلى اندلاع اشتباك مسلح أسفر عن إصابة ثلاثة من عناصر الحاجز، وانتهى بتدخل أمني سريع لفك الحصار.
ولم تقف التوترات عند حدود أشرفية صحنايا فقط، بل امتدت إلى قريتي الثعلة والدور في ريف السويداء، حيث سُمعت أصوات إطلاق نار كثيف مصدرها مجموعات مجهولة، دون أن تُسجّل إصابات بين المدنيين.
وتأتي هذه الأحداث الدامية في ظل توتر طائفي خطير ناجم عن انتشار تسجيل صوتي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مدينة جرمانا بريف دمشق، يتضمن إساءة لمقام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى الرغم من نفي الشيخ المعني، الذي نُسب إليه التسجيل، مؤكداً أن الصوت ليس صوته، إلا أن ذلك لم يمنع اندلاع موجة غضب عارمة.
وفي بيان رسمي، أكد المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية أن الاشتباكات المتقطعة التي شهدتها منطقة جرمانا جاءت نتيجة التحريض وخطاب الكراهية الذي انتشر على خلفية التسجيل الصوتي، وأشار البيان إلى أن الاشتباكات كانت بين مجموعات مسلحة، بعضها من داخل المنطقة وبعضها من خارجها، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين والعسكريين.
وأوضح البيان أن وحدات من الأمن العام، تدعمها قوات من وزارة الدفاع، تدخلت بشكل عاجل لفض الاشتباك وحماية الأهالي، وفرضت طوقاً أمنياً حول المنطقة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث. كما تم فرض حظر تجوال في بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا لاحتواء الوضع.
وأكدت الوزارة أنها تعمل على ملاحقة المتورطين ومحاسبتهم وفق القانون، مشددة على استمرار التحقيقات لكشف هوية الشخص الذي يقف وراء التسجيل الصوتي المسيء، وأنها لن تتساهل في تقديم كل من ساهم في إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار إلى العدالة.
وأقدمت المجموعات المسلحة، صباح اليوم، على إطلاق النار بشكل مباشر على سيارة مدنية قادمة من درعا، ما أسفر عن مقتل ستة من ركابها، في حادثة أثارت تنديداً واسعاً لدى السكان المحليين، واعتبروها عملاً إرهابياً لا يستهدف الشرطة فحسب، بل أيضاً المدنيين الأبرياء.
وتعمل قوات الأمن العام على تعزيز الإجراءات الأمنية وتكثيف انتشارها في عموم المنطقة، بهدف ضبط الوضع وتأمين الحماية اللازمة للمدنيين، في ظل استمرار أعمال القنص من على الأسطح، والتي أدّت إلى استشهاد خمسة عناصر آخرين من الأمن العام.
وفي ظل هذا الواقع المتأزم، تستمر الدعوات من داخل المجتمع المحلي إلى التحقيق في الجرائم المرتكبة، واتخاذ إجراءات صارمة ضد الجناة، ومعاقبة من يعمدون إلى التحريض الطائفي والتحشيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كما حذر ناشطون من أن الخطاب الطائفي والتحريض المستمر قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بشكل لا يمكن السيطرة عليه، خاصة في حال عدم التصدّي لمن يحاولون زعزعة السلم الأهلي تحت ذريعة الدفاع عن المقدسات.