قبل البدء … توقف ليس أمراً لكنه في سياق الطلب، تتبادر على ذهني أسئلة كثيرة أود أن نطرحها سوياً، ففي الصحافة يقال عنها خمس أسئلة وسادسة هي كيف؟ لمعرفة الحدث، إذن ماذا جرى خلال سبع سنوات ونيّف؟ وأين نحن من المعادلة الكونية أو حتى المكانية؟ لماذا حصل ذلك؟ ومن السبب؟ وغيرها الكثير من الأسئلة … فلماذا لا نطرحها بجرأة ونفهم!
نعيش في زمان خَيِّره الله على سائر الشهور، هو مناسبة ككثير من مناسبات السنة يغير روتين الحياة، شهر رمضان الذي يحلو للكثيرين أن يطلقوا عليه أسماء متعددة، وفي هذا المقال وددت أن نتفاعل معه كمراجعات.
الحركات والأحزاب والدول يقوم كل منهم على تقييم لما سبق، وتخطيط لما هو آتٍ، وربما نكون نحن كأفراد أولى منهم بذلك، فمن أوصلنا إلى ما نحن عليه هو مجموعنا، ولو شئنا لغيّرنا، لكن شاء القدر لنا أن ندفع ضريبة، أو نجني ثماراً بعضها حلاوته شبيهة بالعسل، وبعضها الآخر في نتاجها مرارٌ أكثر من العلقم.
كنا في بيوت آمنة صحيح ذلك، لكننا عشنا الحرية، قمنا بالتعبير عما يكمن بداخلنا وذواتنا، خرج شعبنا كباقي الشعوب التي أرادت أن تعيش بكرامة بعدما سَلب البلدَ منا حزب وعائلة، تحكمت بالموارد، عاش الفرد فينا في أحسن حالاته براتب لا يكفيه إلى ثلثي الشهر، وإن ما اكتمل يومه حمّلته الدولة (منيّة) فقد رزقته وكفت حاجته، وغاب هناك الله والجهد في تلك الحقبة.
سبع سنوات وأكثر من عددها مرَّ رمضان علينا، بعض السوريين في غربة، وآخرون يكابدون في الداخل العناء، لا وصف يُقدّر بأقل من الموت البطيء أو العذابات المتكررة، راح ما راح من نفوس أزهقتها آلات وحشية بأياد عبثية، داخلية وأضعافها خارجية، حتى سُلمت أراضي ومنازل وأرزاق كلٍ منا إلى المغتصبين والمحتلين وأطياف لم نسمع عنهم حتى في كتب التاريخ.
تتكاثر الاحتياجات الشخصية يوماً بعد يوم، يبحث الفرد عن ذاته فلا يجدها، لا وطن ولا معيشة ساترة، ولا مشروع متكامل يجد الإنسان فيه نفسه، غابت كلها لتختبئ خلف شعاع شمس كما كانت تغيب الأشخاص في بلادنا، لكن الفارق بين الحالتين أن في الأولى ضاع الأمل وفي الثانية لولاه لما عاش غالب السوريين اليوم.
لو أردنا أن نعود فنستقرأ بعض الإحصائيات (الغير دقيقة) لما جرى في السنوات السبع الماضية، إضافة إلى ما عايشناه من حالات وما روي لنا من قصص وما تبين لنا من حقائق كانت غامضة، لنظرنا في المرآة نظرة أبله، مع الاعتذار عن التوصيف لكنه الواقع، نظرة تقول من نحن وماذا حلَّ بنا!
إذا أردنا أن ننطلق من هنا، لنحاكيّ واقعنا، لبدأنا بمراجعة سريعة، نضع فيها النقاط على الحروف، ونرسم الخط البياني لمسيرة الماضي والحاضر، ندقق في أعلاه لِنستبشر، وإِلى أدناه لنبحث عن الخلل، نحاول أن نرفعه، بمعاول نهدم ما لا ينفع ونبني باليد الأخرى ما نتيقن من نفعه، نمد عيوننا قليلاً إلى المستقبل، من ذواتنا ندفع عجلة الحاضر على طريق الآتِ.
إذن ماذا بعد …؟
الفجر هو القادم، فتلك سنة الله في الخلق، لا تتغير ولا تتبدل، والواقع يشير أن الظلام الدامس لا بد بعده من نور ساطع، هذا الذي سيراه كل فرد فينا بمفرده ومع جَمْعِهِ، لكنَّ استشراف المستقبل من البوابة التي نقف عندها هو أمر ليس بغاية البساطة كما يعلم الجميع، إلا أن هناك أحداث أودت إلى مصير واضح عند بعض الدول يمكن الاستنارة بها فاللاجئون الفلسطينيون والتغريبة عادت بشكل مكبر في سوريا، وقانون رقم عشرة ما هو إلا إحدى وسائل النظامين اليهودي والأسدي.
العراق كذلك ودخول التنظيمات الخارجة من كتب التاريخ، والوالجة من المريخ إليه، تابعت طريقها إلى سوريا ودعت معها أقاربها من أفغانستان ولبنان وكل من تجمع معهم من ميليشيات الأرض، ليسفكوا الدماء وليهتكوا الأعراض وليدمروا البلاد، فبات المصير مشترك بين البلدين.
لبنان خاض ما خاض والنتيجة النهائية أن حزب الله يسيطر على بيروت سياسياً بعد عرقلة مشروع إيران في العراق، فيما يخيل إلى المتابع أنه تبادل أدوار، وما كان الخامس والعشرين من أيار إلا تكرار للقادم الآتي إلى سوريا.
لو أردنا أن نعدد ونقارب ونشابه لما انتهت به أحوالنا في سطرين، لكن البلاد ضاعت ربما، بَيد أن البشر أولى من الحجر، وهنا تجارب من سبق تنير الطريق أمام من شابه تلك الحالات، فلا بد من وقفات ومراجعات، فلماذا؟ وكيف؟ وإلى متى؟ ومن وأين نحن؟ وما المستقبل؟ … تاه الشعب وبقي الأمل.