في اتصال خاص لموقع sy24 مع أحد الناشطين الثوريين في مدينة الرقة والذي واكب الحراك الشعبي فيها منذ عام 2011 قال: “ما تشهده مدينة الرقة هو شبيه بأحداث 2011 والضغط الذي مارسته السلطة الأسدية على أبناء الرقة من اعتقالات وتعذيب، تمارسه قوات (قسد)”.
وأضاف: “ها هم أبناء الرقة يثورون مجدداً على سلطة الأمر الواقع التي تشابه ممارستها الممارسات الأسدية، وأبناء الرقة الذين عادوا إلى مدينتهم المهدمة بعد تقطع السبل بهم في المخيمات يعانون الأمرين”.
ويصف الناشط المدينة وأهلها قائلاً: “لا زالت جثث أهلهم تقبع تحت الأبنية المتهدمة، والحياة تزداد صعوبة في ظل عدم وجود الأمان وانتشار السرقات والتعفيش وملاحقة شبان المدينة لسوقهم إلى التجنيد الإجباري ونقلهم إلى ساحات حروب لا ناقة لهم ولا جمل فيها”.
ورداً على سؤالنا له حول المظاهرة التي حدثت في حي الرميلة، أجاب: “هي البداية وأهل الرقة نادوا خلالها بشعارات الثورة الأولى الرقة حرة حرة وبشار يطلع برا.. الرقة حرة حرة والبيدي يطلعوا برا.. ويا درعا احنا معاكي للموت”.
حالة احتقان كبيرة تشهدها مدينة الرقة في ظل الغلاء وانعدام وسائل الحياة وفقدان الوسائل الخدمية والحياتية من ماء وكهرباء وتفرد سلطة الأمر الواقع في حكم المدينة، كل هذا ساهم في انفجار الوضع وأدى إلى حدوث مناوشات بين لواء ثوار الرقة، الذي تشكل عام 2012 من أبناء الأحياء الفقيرة في مدينة الرقة وأغلبه من حي الرميلة الحي الشعبي المهمل الذي يقع في الشمال الشرقي من المدينة بقياد أبو عيسى.
وقد دارت اشتباكات متقطعة بين اللواء وعناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عند دوار البتاني ودوار البرازي، و(البيدي) يرسل عدة سيارات محملة (بالدوشكات)، ويطوق المنطقة ويعزلها، وسيارات الهمر تنتشر بزاوية كل شارع، وقد قام التحالف الدولي (أمريكا) بإرسال عدد من السيارات إلى مناطق سيطرة لواء ثوار الرقة للوساطة في حل الخلاف.
ما يجري الآن في مدينة الرقة، ليس مجرد اشتباك أو خلاف عادي!، بل هو معركة إثبات وجود اللواء أو فنائه، بعد انقلاب قسد عليه واستبعاده عن المشاركة في معركة “تحرير الرقة”!
ما يجري الآن في مدينة الرقة، ليس مجرد اشتباك أو خلاف عادي!، بل هو معركة إثبات وجود اللواء أو فنائه، بعد انقلاب قسد عليه واستبعاده عن المشاركة في معركة “تحرير الرقة”!
وقد سبق لي وأن تواصلت مع قائد اللواء عام 2016 بعد ورود أنباء عن تحالفه مع قوات (قسد)، وأجاب على تساؤلاتي وتحذيري بأنه مرغم أخاك لا بطل، وأبلغني أنه تواصل مع كل دول العالم بطلبه الدعم بالسلاح للواء، وأبلغهم بقدرته على تحرير مدينة الرقة من داعش متعهداً بحماية المدنيين من مجريات الحرب، وأن الجميع تنصلوا من وعودهم من دول عربية وأوربية وأمريكية، وهو مرغم على التحالف مع (قسد)، وأنه سيشارك معهم يداً بيد في تحرير الرقة.
وبطيبة أبناء الرقة أجاب على تحذيري له بأن “الكرد هم أهلنا ونحن نثق بهم”، فقلت له صدقت بهذا، الكرد أهلنا ونحن نثق بهم ولكن هؤلاء لهم أجندتهم الخاصة البعيدة عن تطلعات السوريين وأهل الرقة.
لم يرشح أي شيء عن المفاوضات ونحن ندرك أن الأمريكيين ووحدهم قادرون على إنهاء المعركة، رغم عدم ثقتنا بهم، والمطلوب من المفاوضات أن تعطي ضمانات بمشاركة أهالي الرقة في إدارة شؤون محافظتهم، وإلا فسيستمر على أثرها الرفض العام لتسلط PYD، وتفردها بالسلطة كجهة واحدة، ووحيدة.
في كل التجارب السابقة للأمريكان يعتمدون على حليف واحد، بعدها يلجؤون مضطرين لإشراك السكان المحليين في العملية السياسية، أحداث مدينة الرقة اليوم بين السكان المدنيين و(قسد)، وتدخل لواء ثوار الرقة والأمريكيين لامتصاص غضبة بشر يعيشون بين أطلال مدينتهم في ظروف كابوسية وتحت وطأة ممارسات أقل ما يقال عنها أنها عنصرية وهي تزيد من احتقان وغضب قد ينفجران في أية لحظة بصورة أعم وأوسع وأشرس، وقد لا تتوافر عندها القدرة على المصالحة.
ولا يزال التوتر الكبير بين لواء ثوار الرقة وميلشيا قسد في مدينة الرقة، وسط حشود من الطرفين، ودعوات من قبل لواء ثوار الرقة للوقوف معه ضد الهجوم المرتقب الذي سوف تشنه ميلشيا قسد خلال الساعات القادمة، وسط أنباء متضاربة حول نتائج الوساطات الغامضة بين الطرفين التي تشرف عليها أمريكا.
والمؤلم بالأمر أن الخيارات تضيق أمام أهل الرقة، وقد قال لي أحد العائدين إليها حديثاً: (نحن نعيش حياة مأساوية بكل ما تحمله الكلمة والتعبير من معنى، ولكننا نعيش مضطرين تحت حكم (قسد)، لأننا نخشى في حال خلاص المدينة منها أن تعود المدينة لتدمير ما تبقى منها بواسطة الطائرات الروسية وطائرات النظام الأسدي المجرم.