تعرف ذلك الشعور المخيف بأن هاتفك يسجل كل كلمة تنطق بها؟ عندما تتحدث عن منتج أو جهة ما تنوي قضاء عطلتك فيها ثم تتصفح تطبيقات الشبكات الاجتماعية فتجد إعلانات تخص نفس الأمر!
اتضح أنك لست مصاباً بجنون الارتياب بل هي حقيقة فعلاً، وأن الهاتف الذكي الخاص بك يستمع إليك بالفعل!، حسب خبراء في الأمن السيبراني سألتهم صحيفةDaily Mail البريطانية عن حقيقة الأمر.
وفقاً لأحد الباحثين، هذه الإعلانات ذات الصلة الغريبة ليست مجرد مصادفة، إِذْ يستمع هاتفك الشخصي بانتظام إلى ما تقوله.
ليس من المعروف بالضبط ما الذي يدعم هذه التقنية، ولكن يزعم الباحث أن هذا الأسلوب قانوني تماماً كما أنه مشمول ضمن شروط اتفاقيات مستخدمي تطبيقات الهاتف المحمول.
لكن، كيف تعمل؟
تمتلئ معظم الهواتف الذكية الحديثة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تعمل عن طريق أوامر منطوقة، مثل تطبيق “‘Hey Siri” أو “OK, Google”.
تترقب تطبيقات الهواتف الذكية هذه باستمرار كلمة أو عبارة التفعيل، مع إغفال جميع الكلمات الأخرى.
ومع ذلك، يدّعي أحد الباحثين أن طرفاً ثالثاً يمكنه الوصول إلى الكلمات المفتاحية والعبارات التي يلتقطها الجهاز مثل إنستغرام وتويتر، وذلك في حالة منح الإذن لذلك.
ويعني هذا أنه عندما تتحدث عن حاجتك إلى بنطال جينز جديد، أو خطط لقضاء إجازة في السنغال، يمكن أن تطرح التطبيقات إعلانات للملابس أو صفقات للرحلات.
فيما قال بيتر هنواي، مستشار الأمن السيبراني في شركة Asterisk، لمجلة Vice: “من وقت لآخر، تذهب مقتطفات صوتية إلى خوادم تطبيقات مثل فيسبوك لكن لا يوجد تفسير رسمي لمحفزات تلك التقنية.
وسواء كان ذلك يعتمد على التوقيت أو الموقع أو استخدام وظائف معينة، فإن التطبيقات تعمل بالتأكيد على الحصول على الإذن واستخدامها بشكل دوري، وترسل جميع المكونات الداخلية للتطبيقات هذه البيانات في شكل مشفر، لدرجة أنه يصعب للغاية تحديد المسبب الحقيقي وراء ذلك”.
وقال إن شركات مثل فيسبوك وإنستغرام يمكن أن يكون لديها آلاف المحفزات للتنقيب في محادثاتك بحثاً عن الفرص المتاحة للإعلانات.
على سبيل المثال، يمكن أن تساعد محادثة عابرة حول طعام القطط أو وجبة خفيفة معينة على تفعيل التقنية.
وذلك لأن الشركات تستخدم تقنيات متطورة للتنقيب في أنشطتك على المواقع الإلكترونية والتطبيقات لابتكار إعلانات شخصية.
وتُستخدم العلامات الإلكترونية، المعروفة باسم “كوكيز-cookies”، من قبل المواقع لجمع معلومات عن أنشطة المستخدمين على الإنترنت، والتي تُمرَّر فيما بعد إلى المعلنين لتصميم الإعلان الرقمي وفقاً لأذواق واهتمامات الأفراد.
ولهذا السبب إذا بحثت عن مراتب John Lewis ستجد سيلاً من إعلانات مستلزمات الأسِرّة ذات الصلة على حساب فيسبوك الخاص بك لمدة أسبوع.
هل هذا قانوني؟
عم، هذه الممارسة قانونية، ومع ذلك بموجب قانون حماية البيانات لعام 1998، يتعين على الفرد أن يوافق على تفعيل تقنية جمع بياناته واستخدامها للإعلانات.
فيما ينكر فيسبوك بشكل قاطع استخدامه ميكروفون الهاتف الذكي لجمع المعلومات من أجل الإعلانات الموجهة.
إذ قالت الشركة في وقت سابق أن الشعور الغريب الذي ينتاب البعض بأن هواتفهم تستمع إلى ما يقولون هو مجرد مثال على اضطراب الإدراك المتزايد أو ظاهرة تجعل الأشخاص يلاحظون أشياء سبق أن تحدثوا عنها مؤخراً.
بينما تنكر شركات أخرى، مثل واتساب، التنصت على المحادثات الخاصة، واصفة أي أدلة على ذلك بأنها مصادفة بحتة.
لكن يتفق الخبراء على أنه أصبح ممكناً في الوقت الحالي اختراع تقنية تساعد على المسح العشوائي لملايين المحادثات بحثاً عن عبارات مكررة أو أسماء مميزة.
فقد طورت الشركات تقنية الخوارزميات التي يمكنها البحث عن نماذج محددة واختيار الأشياء التي يمكن أن تكون مفيدة فيما يتعلق بالسلوك والاهتمامات. ومع ذلك، لم يثبت بعد ما إذا كانت هذه التقنيات تُستخدم من قبل الشركات التي يمكنها اختراق هاتفك أم لا.
يبدو أن الميكرفون السبب!
لم يوقف ذلك مستخدمي الإنترنت عن مشاركة قصص “المصادفات الغريبة” على الإنترنت بحديثهم عن شيء ثم رؤيته بعدها في إعلان عبر حساباتهم على الشبكات الاجتماعية.
فقد كان أحد مستخدمي فيسبوك مقتنعاً بأن محادثاته مراقبة لدرجة أنه أغلق الميكروفون الموجود بهاتفه الذكي، ثم أخبر صحيفة Daily Mail في ديسمبر/كانون الأول 2017 أنه لم يجد أياً من هذه “المصادفات الغريبة” منذ غلق الميكروفون.
راودت مدير التسويق توم كرو (28 عاماً) نفس الشكوك عندما لاحظ إعلاناً على فيسبوك عن جراحة زرع لحية، وللصدفة أنه قبل ذلك بساعات قليلة، كان يمزح مع أحد زملائه بخصوص إجرائهما لعملية مماثلة، لكونهما أملسي الوجه بالرغم من كبر سنهما.
وتساءل عن سر استهداف تلك الإعلانات له رغم أنه لم يبحث عبر جوجل أو يكتبها في رسالة، وربط ظهور الإعلام بفيسبوك الذي كان مفعلاً وقت المحادثة.
هذا الإعلان عن عمليات زراعة اللحية كان دقيقاً إلى حد جعله يشك في أن هاتفه مراقب، وأصبح على اقتناع بالأمر عندما تلقى في وقت لاحق من نفس الشهر إعلاناً على هاتفه – بنفس الطريقة الغريبة والموجهة– عن نقانق “بيبرامي” (علامة تجارية للنقانق).
إذ قال: “خلال محادثة عادية في المكتب. كنت قد تناولت نقانق بيبرامي، قبل موعد الغداء بساعات قليلة، وقال أحد الزملاء مازحاً لم أكن أعرف أن النقانق تصلح لوجبة الإفطار، لم أبحث أو أذكر اسم المنتج على جوجل أو فيسبوك أو على أي موقع آخر، لكن بعدها ظهر هذا الإعلان أمامي”.