عاد الجنوب السوري إلى واجهة الأحداث السياسية والعسكرية المتعلقة بالشأن الإقليمي، فبعد جملة من التحليلات المنقسمة بين مرجح لاقتراب معركة مفصلية، وبين التفاهمات الدولية والإقليمية تفضي إلى تحديد مصير الجنوب المحرر الخاضع لسيطرة فصائل “الجبهة الجنوبية”، تبلورت بالفعل معالم المعركة لاسيما بعد الأرتال العسكرية الضخمة التي أرسلها النظام السوري والقوات الإيرانية و “حزب الله” اللبناني، إلى منطقة “اللجاة” شرقي درعا ومنطقة مثلث الموت في محافظة درعا.
وأكدت مصادر ميدانية تابعة للجبهة الجنوبية، أنها تمكنت من التصدي للقوات المهاجمة، عقب تدمير رتل عسكري قبل أيام، كانت قوات النظام قد أرسلته عبر طريق دمشق درعا، بهدف التمركز ضمن مواقع النظام في درعا، حيث أسفر الاستهداف عن قتل وجرح عدد من العناصر بينهم ضابط برتبة عميد، كذلك أعلنت الفصائل العسكرية تدمير دبابة لقوات النظام على أطراف منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي، وذلك عقب محاولتها التقدم مع مجموعة من المقاتلين، قتلوا جميعاً خلال الاشتباكات.
بدورها نشرت قاعدة “حميميم” العسكرية الروسية في سوريا، جملة من رسائل التهديد بعمل عسكري وشيك قد يستهدف الجنوب السوري، كما صرحت أن النظام السوري سيقوم بتنفيذ العملية منفرداً، وبدون إسناد الطيران الروسي، في حين تفاخرت صفحات النظام بفيديوهات انتشرت لحشود ضخمة قالت إنها متوجهة إلى الجنوب، كما أكدت مصادر المعارضة، أن “من ضمن التعزيزات التي وصلت ميليشيات إيرانية وعناصر حزب الله، بالإضافة إلى خبراء روس لقيادة المعركة، حيث تمركزوا في أحد تلال ريف السويداء المطلة على المنطقة”.
بالمقابل تعالت ردود ثوار وأهالي الجنوب على هذه التعزيزات، بالرد على كل من سيحاول الاعتداء على أرضهم بإرساله جثة هامدة من حيث أتى، مستذكرين قوات النظام والميليشيات بمعركة “المنشية” ومعركة “بصر الحرير” التي كان للقوات الإيرانية المشاركة الأبرز فيها، حيث سجل لهم الفشل الذريع في تحقيق أي انتصار على حساب فصائل المعارضة.
القادة عسكريين في درعا كشفوا عن وجود تنسيق عال بين جميع الفصائل العسكرية بعد تشكيل غرفة عمليات عسكرية مركزية، ضمت جميع التشكيلات العسكرية في درعا والقنيطرة، في إشارة منهم إلى أن الفصائل لن تكتفِي بالتصدي للهجوم بل سيكون ردها بالهجوم على مناطق سيطرة النظام في حال أقدم على تجاوز المناطق الخاضعة للمعارضة.
وأكد القادة العسكريين، أن “الثوار في الجنوب السوري قد حسموا أمرهم (إما النصر أو الشهادة)”، مشددين على أن “جميع فصائل الجنوب على أهبة الاستعداد والجاهزية القصوى للتصدي لأي عدوان أو هجوم من قبل نظام الأسد وحلفائه”، متوعدينهم بالدفاع عن الأرض والمدنيين والرد المزلزل في حال فكر بشار الأسد ومرتزقته المساس بأرض حوران.
كما رفضت الفصائل العروض المطروحة من أجل تسليم البلاد للقوات الإيرانية والروسية وإن لم يشار لها حتى اللحظة، فالفصائل لن تحاور الأسد ولن تقبل إلا الميدان ساحة للحوار، ولن تقبل بترحيل الأهالي كما حدث في بقية المحافظات.
ورفضت فصائل “الجبهة الجنوبية” مقترح سابق لمساعد نائب وزير الخارجية الأمريكي “ديفيد ساترفيلد” جاء باقتراحات لكل من روسيا وتركيا والأردن حول مصير الجنوب السوري، حيث تضمن المقترح “انسحاب جميع الميليشيات السورية وغير السورية إلى عمق 20 – 25 كيلومتراً من الحدود، ونقل فصائل الثوار وأسرهم إلى إدلب، وتسليم سلاحهم الثقيل للجانب الروسي، كما تضمنت الاقتراحات نشر نقاط للشرطة العسكرية الروسية، وتحويل قسم من الفصائل إلى شرطة محلية بالتعاون مع الروس، فضلاً عن عودة قوات النظام، وإعادة فتح معبر نصيب”.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن عبر مديره “رامي عبد الرحمن” عن تقدم واسع للنظام على حساب فصائل المعارضة السورية في قرى “اللجاة”، وهو ما نفته العمليات العسكرية الناطقة باسم الفصائل مؤكدة سيطرتهم على جميع مواقعهم وإفشال عدة محاولات للقوات المقتحمة.