تتسارع الأحداث في الجنوب السوري ولا صوت يعلو فوق أصوات الانفجارات والقنابل المحمولة من طائرات الأسد وروسيا، الموت بجانب كل طريق وفي كل بلدة باتت هناك أحياء مدمرة بالكامل، تتصاعد حدة القصف يومياً وتوسع طائرات الأسد رقعة استهدافها ولا مكان آمن لسكان البلدات الهاربة، فنظام الأسد يعتمد في حملته على استهداف الحاضنة الشعبية لفصائل الجيش السوري الحر ظنناً منه أنه يشق الصف ويكونوا السبيل في إجبار الفصائل على التنازل.
طائرات لاتكاد تغادر سماء درعا فقد قصفت طائرات النظام وحليفه الروسي بلدات بصر الحرير والحراك والصورة وناحتة يوم الثلاثاء، بما يزيد عن ٤٠٠ غارة جوية أسفرت عن دمار أحياء بأكملها ضمن هذه البلدات ونزوح جميع سكانها، حيث قدرت الأمم المتحدة أعداد الفارين من مدنهم بنحو 45 ألف مدني فروا باتجاه الأردن، وهو ما نفاه الاردن بعدة تصريحاته بأنه غير قادر على استقبال المزيد.
في حين قدر ناشطون محليون في درعا أن الأعداد تجاوزت الـ 80 ألف نسمة فروا نتيجة القصف العنيف على مدنهم، حيث توزعت الأعداد على القرى الأقل استهدافا، في حين كان العدد الأكبر نحو الحدود الأردنية والشريط الحدودي مع الجولان في ريف درعا الغربي، متخذين من السهول الزراعية محط ترحالهم.
وكان الأردن على لسان وزير خارجيتها قد حذر من تخوف بلاده من ازدياد وتيرة العنف في الجنوب، التي تنذر بمزيد من اللاجئين نحو الأردن وقال علانية أنها لن تستقبل المزيد منهم، وهو ما أكده غالبية سكان درعا الهاربين أنهم بوارد البقاء في بلادهم ولا نية للخروج، لكنهم طالبوا المجتمع الدولي والدول الجوار بأحترام اتفاقياتها وإيقاف الهجوم الشرس الذي يستهدف بلداتهم عبر الطائرات والقنابل المحرمة دوليا والصواريخ شديدة الانفجار.
الولايات المتحدة التي كانت الضامن والداعم للفصائل المقاتلة في الجنوب السوري وهي أحد أطراف اتفاق خفض التصعيد جنوبا وعلى لسان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الذي عبر عن قلقه جراء نشاط النظام والميليشيات الشيعية عسكرياً في الجنوب السوري، وشدد على أن من أهداف وأولويات الولايات المتحدة هو التصدي لتأثير ما وصفه بالخبث الإيراني في سوريا والشرق الأوسط، حين اعتبر مراقبون أن التخلي الأمريكي عن دعم فصائل الجنوب سيكون له التأثير الأكبر في تنامي الوجود الشيعي والإيراني عند الحدود مع الأردن والجولان السوري.
استمرار العنف في الجنوب السوري واستهداف المدن المأهولة سكانيا بات يشكل الخطر الأكبر بالمنطقة، لاسيما أنها تنذر بارتفاع اعداد القتلى والجرحى واستمرار تدفق النازحين نحو الحدود، ومع عجز المجتمع الدولي إيقاف انتهاكات النظام وميليشياته، وتخلي ضامني اتفاق خفض التصعيد التزاماتهم ومنع وإصرار دول الجوار إغلاق حدودها، فما هو المصير الذي ينتظر السكان في الجنوب السوري.