تتصدر التطورات الميدانية والعسكرية والإنسانية في الجنوب السّوري واجهة الأحداث الميدانية، في ظل الهجمة العسكرية الممنهجة التي تشنها قوات النظام وميلشياتها مدعومة بغطاء جوي روسي، في خرق واضح لاتفاقية “خفض التصعيد” التي أقرتها الدول الضامنة “أمريكا، والأردن، وروسيا” في تموز العام الماضي.
ولاقت تلك الهجمة تنديدًا واسعًا من قبل المعارضة السورية الممثلة بالائتلاف الوطني السوري والهيئة السورية للتفاوض، حيث اعتبر الائتلاف أن ما يجري في درعا لا يمكن السكوت عنه، وأنه يجب تفعيل الآلية الدولية المحايدة لمحاسبة مجرمي الحرب.
في حين دعت هيئة المفاوضات المجتمع الدولي إلى إدانة الانتهاك الوحشي لمنطقة التصعيد في جنوب شرق سوريا، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لوقف هذا الاعتداء على الشعب السوري من قبل روسيا وإيران.
وأجرى موقع سوريا 24 لقاءً خاصًا مع رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية “عبد الرحمن مصطفى” تحدث فيه عن موقفهم من الأحداث الجارية في المنطقة الجنوبية، إضافة لمحاور أخرى، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
نتعامل مع ما يجري جنوب سوريا بحذر:
طرحنا على رئيس الائتلاف “عبد الرحمن مصطفى” سؤالًا حول قراءتهم للتطورات في المنطقة الجنوبية في ظل استمرار قوات النظام وميليشياته بخرق اتفاقية تخفيف التوتر فأجاب: نتعامل مع الهجمة التي يشنها نظام الأسد وداعموه على مهد الثورة السورية بمنتهى الجدية والحذر، مضيفًا أن أهداف هذا الهجوم واضحة منذ البداية بالنسبة لنا، وخطوات النظام وداعميه مقروءة من قبل الثوار.
وأعرب “مصطفى” عن ثقته بفصائل الجبهة الجنوبية، قائلاً: رغم المصاعب في إدارة عملية التصدي لهذا الهجوم، ورغم حجم القصف الجوي والمدفعي والضخ الإعلامي المرافق، فإن تراكم طويل من الخبرة العسكرية والمدنية في المنطقة الجنوبية يؤتي نتائج طيبة، وهذا ما يمكننا قوله حالياً ونحن لا نريد أن نستبق الأحداث.
أمريكا تخلت عن اتفاقية “خفض التصعيد” في الجنوب السّوري:
وحول موقفهم من اتفاق خفض التصعيد الذي قام بانتهاكه الطرف الروسي الضامن له، قال رئيس الائتلاف “عبد الرحمن مصطفى” إنه بالنسبة لاتفاق خفض التصعيد، فقد كان واضحاً أن النظام وروسيا وإيران يستخدمون كل اتفاق، أو هدنة، أو وقف إطلاق نار، أو وقفًا للعمليات العسكرية، كأداة من أدوات الحل العسكري وكوسيلة لتحقيق مكاسب واحتلال سورية.
وأضاف، أن “الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن مسؤولياتها تجاه الاتفاقية التي وقعت عليها بنفسها، ولم تمارس واجباتها كضامن في الجنوب حسب اتفاقية وقف التصعيد التي وقعت عليها، في حين قامت أمريكا في مناطق أخرى برسم الخطوط الحمراء للنظام وروسيا بالقصف الجوي وبالصواريخ، وقتلت المئات من قوات النظام والمرتزقة المقاتلين إلى جانبها”.
الموقف الدولي مسؤول عما يجري في الجنوب:
وأعرب رئيس الائتلاف عن أسفه لصمت المجتمع الدولي في ظل ما تشهده المنطقة الجنوبية من عمليات عسكرية وموجات نزوح جراء ذلك، قائلاً: يؤسفنا أن المجتمع الغربي المتحضر يتفرج على المأساة السورية، دون القيام بأي تحرك جدي لحل هذه المأساة، مبينًا أن لديهم تجارب سابقة حصلت في داريا والغوطة الشرقية وجنوب دمشق وغيرها.
وحمّل “مصطفى” الموقف الدولي مسؤولية ما يجري في الجنوب، معتبرًا أن المجتمع الدولي قادر على لجم هذا العدوان الغاشم ووضع خط أحمر له، مشدّدًا على ضرورة قيامه بذلك، وقال: نذكر جميع الدول الفاعلة بواجباتها تجاه حماية المدنيين، وتجاه القرارات الدولية التي يجب أن يتم احترامها، وتجاه جرائم الحرب التي يستمر النظام وروسيا وإيران بارتكابها بحق المدنيين.
وأكد “مصطفى” أنهم مستمرون في مناشدة أصدقائهم لاتخاذ ما يلزم من مواقف وخطوات تضمن حماية المدنيين والأطفال والنساء في سورية.
ملف الجنوب السوري على طاولة المعارضة السياسية:
وسألنا رئيس الائتلاف عن الإجراءات المتبعة من قبل المعارضة السياسية للضغط سياسياً ودولياً لمساندة فصائل الجبهة الجنوبية من أجل منع أي عمل عسكري في تلك المنطقة فإجاب: يستمر الائتلاف في طرح الوضع الميداني في الجنوب في كل اجتماعاته، ويذكر الدول بحجم مسؤولياتها وبخطورة ما سيترتب على استمرار خطة النظام وروسيا في الجنوب، وأثر كل ذلك على العملية السياسية، ومصير سورية.
“اللجنة الدستورية” وموقف الائتلاف منها:
وعلى صعيد آخر طرحنا على رئيس الائتلاف سؤالًا حول موضوع “اللجنة الدستورية” والتي أخذت حيزًا كبيرًا في تطورات الملف السوري على صعيد سياسي، وهل المعارضة معنية بحضور مناقشة الدستور وعلى أي أساس يتم مناقشة مسألة الدستور على حساب باقي القضايا الرئيسية، وأهمها عملية الانتقال السياسي وملف المعتقلين والقضايا الإنسانية فأجاب: يتم حالياً تجهيز قائمة سيقدمها رئيس هيئة التفاوض إلى المبعوث الدولي، وسيتم
إرفاق القائمة برسالة على أن تكون جزءاً لا يتجزأ من القائمة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الهيئة العليا منسجمة مع رؤية الائتلاف للحل السياسي.
وتابع: نحن مستمرون في التعاون مع الهيئة العليا للمفاوضات، وننسق مع الدولة الضامنة تركيا، ونعبر عن دعمنا لأي عملية تفاوضية جادة طالما أنها تصب في المسار الدولي الذي تبنته الأمم المتحدة والمفضي إلى حل سياسي وفق بيان جنيف والقرار 2254.
مستقبل الملف السوري محكوم بالحل السياسي:
وسألنا رئيس الائتلاف عن مستقبل الملف السوري في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة وما هو الحل المنتظر وفق وجهة نظره، فقال: المستقبل محكوم بالحل السياسي، ولا بديل عن هذا الحل، وبالتالي الإطار اللازم لإنجاز حل سياسي حقيقي موجود ومعترف به دولياً وهو القرار 2254 الذي يطالب بتطبيق كامل لبيان جنيف واحد، ويؤكد أن الحل الوحيد يقوم فقط من خلال عملية سياسية شاملة تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، ومن خلال هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات.
وأضاف، أن القرارات الدولية هي محل إجماع لدى قوى الائتلاف والثورة، وفي حال وجدت إرادة دولية كافية لإجبار النظام على الرضوخ للحل السياسي التفاوضي وفق القرارات الدولية.
الائتلاف مستمر في مهامه رغم الصعوبات والتحديات:
وتابعنا لقائنا مع رئيس الائتلاف بسؤاله عن المهام التي يتوجه الائتلاف الوطني المعارض لإنجازها في ظل شلل العملية السياسية فأجاب: الائتلاف مستمر في عمله الميداني على الأرض، من خلال مؤسساته، وهذا يشمل جميع قوى الثورة العسكرية والإنسانية وغيرها، مبينًا أن الائتلاف يعمل في ظل ظروف عصيبة وغير طبيعية على الإطلاق، ورغم ذلك فهناك مساحات للعمل، تتسع أحياناً وتضيق أحياناً أخرى، وهذه من طبيعة العمل.
وختم قائلًا: نحن مستمرون في القيام بكل ما هو ممكن، وبذل كل الجهود والتواصل مع كل الأطراف التي نرى أنها تقف في جانب الحق، كما أننا نركّز على دعم وتقوية الحكومة السورية المؤقتة، ووحدة تنسيق الدعم، وتعزيز دور المجالس المحلية، وكل هذه الخطوات تهدف إلى خدمة الناس، وتقديم نموذج يليق بالثورة ويوفر الأمن ويكرّس مناخاً من الحرية والكرامة.