تفيد الأنباء الواردة من محافظات شرق سوريا، عن تكثيف “إيران” من نشاطها واستمرار محاولاتها في نشر “التشيّع” بين أبناء المنطقة الشرقية ضمن سياستها التي تندرج في إطار “التغيير المذهبي” لسكان تلك المناطق التي تتواجد فيها ميليشيات وأذرع تتبع لإيران.
ونشر “المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية”، (الأربعاء 18 تموز/يوليو الماضي)، بيانًا واطلع على نسخة منه موقع سوريا 24، حذر فيه من ” المحاولات الساعية لجعل سورية تابعة ( لولاية الفقيه في قم )، لأن هذا الأمر يؤدي إلى تقسيم الشعب السوري وتدمير سورية وتجزأتها وهدم بنيتها الأساسية، خاصةً بعد قيام إيران بدعوة عدد من أبناء القبائل السورية العربية والكردية واللعب على وتر عشائر (آل البيت والهواشم) التي لم يستطيعوا اختراقها رغم الضغط الشديد من قبل المخابرات السورية في عملية تشكيل الوفود لزيارة إيران، والعمل معها في المنطقة الشرقية في مجالات التشيّع و تجنيد الشباب والأطفال في مراكز التدريب العسكرية و الدينية والتثقيفية”.
ظاهرة علنية في “دير الزور، والحسكة”
وقال “مضر الأسعد” المتحدث الرسمي باسم “المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية” في تصريح خاص لموقع سوريا 24: بدأت في الفترة الأخيرة في المنطقة الشرقية اتساع ظاهرة التشيّع لتصبح بالعلن وخاصة في “دير الزور والحسكة”، وفي بعض بلدات دير الزور مثل “البوكمال، والميادين، والصعودة، والكسره، والمريعية، وفي ريف القامشلي عن طريق شخص يدعى “علي حواس الخليف” المدعوم من قبل النظام وميلشيا حزب الله في “الحسكة” مع بعض قرى جنوب” جبل عبد العزيز” وقرى الـ 47.
وأشار “الأسعد” إلى أنه وبعد معارك وهمية وانسحابات سريعة من جانب تنظيم “داعش” استطاعت قوات النظام المدعومة من قبل الميليشيات الإيرانية والعراقية وحزب الله وبغطاء جوي من الطيران الروسي، من لسيطرة على الضفة الجنوبية الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور وعلى عدد من البلدات والقرى شمال نهر الفرات ، ومع هذه السيطرة السريعة للنظام وداعميه بدأت (إيران) في تنفيذ مشاريعها العقائدية الرامية إلى بسط سيطرتها ونشر التشّيع في محافظة ديرالزور، وإيجاد مجتمعات ذات تبعية مذهبية مرتبطة بها، مستغلةً مظلومية الأهالي ومعاناتهم وحاجتهم المادية وكذلك استغلال الأشخاص ممن عليهم أحكام قضائية أو مطلوبين للجهات الأمنية، أي تم نشر التشيّع عن طريق “الترغيب والترهيب”، بحسب الأسعد.
وتقوم الميليشيات الإيرانية بإعفاء من يدخل ويعمل معهم من التهم القضائية والأمنية، يضاف إلى ذلك تقديم مساعدات مادية وإغاثية وإعفاء الشباب من الخدمة العسكرية لدى قوات النظام، وكذلك دفع رواتب عالية للشباب الذين ينضمون للميليشيات التابعة للنظام، حيث تتراوح تلك الرواتب بين 300 و800 دولار.
مشروع قديم متجدد
ويشير “الأسعد” إلى أن مشروع “التشيّع” في المنطقة الشرقية ليس بجديد، بل بدأ في “دير الزور، ومنطقة الجزيرة، والفرات” إضافة للرقة والحسكة، منذ عام 1982 عن طريق “عائلة الرجا” و”عائلة المعيوف” وهم من عشائر ديرالزور، كما ظهر هذا المشروع في حلب عن طريق عائلة الحسين (صطوف المرعي)، ولكنه كان بشكل خجول وضعيف جدًا لأن العشائر والقبائل العربية هي قبائل سنية وينظرون إلى من “يتشيع” نظرة ازدراء بل وتتم مقاطعتهم تمًاما ومن كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية.
ويضيف “الأسعد” أن حركة “التشيّع” في البداية عبر بعض الأشخاص من ضعاف النفوس والذين يبحثون وراء المادة أو التقرب إلى النظام، أو من أجل الوجاهة الاجتماعية أو السياسية والدينية.
استهداف المناطق الفقيرة
ويتركز نشاط “إيران” في نشر المذهب الشيعي، في المناطق الفقيرة أو ضعيفة التعليم في ريف محافظة ديرالزور بشكل ملحوظ، خاصةً قرى “جديد بكارة، والهرموشية، والحسينية”، وفي بعض قرى “خط الصور، و حطلة، ومرّاط، والكسره، والصعوة” وفي مدينة البوكمال وعين علي والميادين والمناطق المحيطة بها على الحدود السورية العراقية، وفي بعض قرى منطقة الـ 47 أو ريف القامشلي وجبل عبدالعزيز، ومن جراء ذلك قام العشرات من أهالي المنطقة باعتناق “المذهب الشيعي” وبادروا بالانتساب إلى مليشيات عسكرية موالية لإيران في المنطقة بعد أن تلقوا الدعم المادي والعسكري والاغاثي والسياسي والإعلامي والطبي.
جهات ممولة لظاهرة “التشيّع” في المنطقة الشرقية
وذكر “الأسعد” أن من يمول حملات “التشيّع” الإيرانية عدد من الجهات من أبرزها:
-بنك “بيمو” الدولي الشهير.
-منظمة “جهاد البناء” الإيرانية.
-” لواء الباقر” الذي تأسس في محافظة حلب وتحديدًا في قرية “البلورة” القريبة من منطقة “السفيرة” عام 2014، من قبل “عائلة الحسين” والمعروفة في حلب “آل المرعي”.
وقامت تلك المنظمات بافتتاح معاهد دينية ومراكز تدريب عسكرية للأطفال والشباب، بالإضافة لإنشاء مستوصفات ومشافي ميدانية مع مكاتب لمنظمات إغاثية من اجل اغواء الشباب والأهالي.
تزوير للحقيقة والتاريخ
ولم تقتصر ممارسات “إيران” وأذرعها من الميليشيات الطائفية الأخرى على نشر “التشيّع” بين سكان المنطقة الشرقية، بل امتد الأمر لمحاولة العبث بأسماء المدن والبلدات والقرى في تلك المناطق.
يقول “الأسعد”: لجأت “إيران” ومن يتبع لها من الميلشيات إلى عملية تزوير حقيقية لتاريخ المنطقة أو أسماء القرى والبلدات على أنها بلدات شيعية سابقًا، أو تسميتها بأسماء” آل البيت” واستثمارها على أساس ديني، ومثال ذلك قرية “عين علي” التابعة لمدينة الميادين، فقد تم الترويج لها على أن “سيدنا علي” كرم الله وجهه هو من أطلق عليها ذلك والحقيقة هي عكس ذلك تمامًا.
وشددّ المتحدث باسم المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية في حديثه، على أنه و بشكل عام فإن منطقة الجزيرة والفرات هي مناطق للعشائر العربية الأصيلة ومن أهمه: ” العكيدات، والبكارة، وبني صخرالخريشة، والجبور، والجغايفة، والقرعان، و طيء، والبوخابور، وعدوان، و والبوشعبان، والدليم، والنعيم، والعفادلة، والشرايين، وشمر، والشيخ عيسى، والبوبنا، وبني سعيد، والحديديين، والموالي، وبني خالد، وعنزة، والفدعان، و ولد علي، والفضل، والزعابنة، واللهيب، والعميرات، والعمور، وبني زيد”، وكل تلك العشائر والقبائل يرفضون رفضًا قاطعًا مسألة تغلغل المدّ الشيعي أو زواج المتعة أو التعاليم الدينية حسب العقائد الصفوية التي هي ضد الإسلام والأخلاق والعقل عمومًا، لذلك هم عمدوا بالتوجه إلى صغار السن وتقديم الاغراءات المادية والنفعية لهم أو زواج المتعة لهم أو الرحلات الداخلية والخارجية المختلطة.
الهدف تمكين الأسد
“صهيب الجابر” المتحدث الرسمي باسم “شبكة فرات بوست” الإعلامية، يرى أن الهدف الرئيس من تشييع المنطقة الشرقية وخاصة محافظة دير الزور، هو دعم نفوذ نظام الأسد القائم أساسا على الطائفية، وتمكين حكم الطائفة الواحدة.
وأضاف: نستطيع أن نقول إن نظام آل الأسد عمومًا ومنذ حكم “حافظ الأسد” تحديدًا، تقصد إزاحة الأنظار عن أهمية هذه المنطقة بينما أحكم قبضته الحديدية عليها في نفس الوقت، لأنه يعرف حق المعرفة أن اقتصاد سوريا دون نفط دير الزور سيكون ضعيفًا، ودون زراعة وسياحة ومياه المحافظة سيكون أيضا ضعيفًا، لذا تقصد إيهام الجميع أن هذه المنطقة عديمة الأهمية بينما كان يمتص دماء أهلها ويحتكر ثرواتها، وأخيرًا سعى لتغيير طبيعة قاطنيها الديموغرافية واستبدالهم بآخرين تربوا على عقلية الطائفة الواحدة “الخالدة”.
ولفت “الجابر” الانتباه، إلى عدم وجود إحصائيات دقيقة عن عدد العائلات التي تشيعت، في حين وصل عدد المقاتلين المتشيعين والمنتسبين لصفوف قوات النظام والميليشيات من أبناء محافظة دير الزور إلى حدود 1000 مقاتل.
“التشيّع” في ريف دير الزور الشرقي
وتحدث “الجابر” عن أن مساعي “التشيّع” في دير الزور بدأت منذ العام 2005 وتحديدًا في بلدتي “حطلة، والجفرة” في ريف دير الزور الشرقي، واستمرت هذه المساعي حتى بداية الثورة السورية في العام 2011، حينها توارى الأفراد المتشيعين عن الأنظار قبل أن يعودوا للتحرك في محاولة منهم وبدعم من نظام الأسد لاستعادة البلدتين خلال العام 2013، لكن سرعان ما استعاد الجيش الحر السيطرة على حطلة ثم هرب هؤلاء المتشيعين نحو قرية “الجفرة” والمطار العسكري.
وأكد “الجابر” أن الداعم الأساسي للتشيّع في “دير الزور” هو “آل الأسد” وخاصة أبناء عمومة بشار الأسد الذين كان لهم الدور الأساسي ابتداء من العام 2005، مبينًا أن هؤلاء كانوا يعملون على اغراء أهالي المناطق برواتب شهرية ودعم غير محدود في دوائر الدولة، وصل حينها راتب الفرد المتشيّع إلى 6000 ليرة سورية وهو مبلغ جيد في ذلك الوقت قبل انهيار العملة السورية، المضحك في الأمر أنهم أي “المتشيعين” آن ذلك لم يكونوا مقتنعين بفكرة تغيير المذهب والعديد منهم كان متشيعًا “اسميًا” فقط، وكل همهم الرواتب الشهرية.
وختم “الجابر “حديثه محذرًا: إن من يتمعن ويدقق في المعطيات يجد أنه إذا استمرت تسهيلات نظام الأسد للمقاتلين من الميليشيات الطائفية الأجنبية، ومساعي التشييع معًا ستجعل من مدينة “دير الزور” المعهودة “وللأسف” مدينة مندثرة لا تذكرها سوى كتب التاريخ “إن لم يتم تحريفها أيضًا.”