تباين الآراء حول احتمالية استخدام الأسد للسلاح الكيميائي في إدلب

Facebook
WhatsApp
Telegram

أحمد زكريا - SY24

يسعى النظام ومن خلفه داعميه وخاصة حليفته روسيا، للالتفاف على كل التحذيرات الأممية والدولية من خطورة استخدام السلاح الكيميائي في استهداف المدنيين في منطقة إدلب، من خلال الترويج بأن الفصائل المعارضة ومعها فريق الدفاع المدني يجهزون لمسرحية الكيميائي في إدلب لإلصاق التهمة بالنظام.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم السبت، “أن زعماء جماعتي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) وحزب تركمانستان الإسلامي أجروا في إدلب، يوم الجمعة، اجتماعًا بمشاركة المنسقين المحليين للخوذ البيضاء، مضيفةً أنه تم في هذا اللقاء التنسيق النهائي لسيناريوهات إجراء وتصوير مسرحيات الحوادث بالاستخدام المزعوم للمواد السامة من قبل قوات النظام، ضد السكان المدنيين في التجمعات السكنية بجسر الشغور وسراقب، وتفتناز، وسرمين”، بحسب ما أورده موقع قناة روسيا اليوم.

وفي ظل تلك التلميحات المتكررة من قبل روسيا والنظام فيما يخص السلاح الكيميائي، بات الكثير من المحللين والمراقبين ينظرون إلى أن الأسد ومن خلفه روسيا، سوف يلجؤون لاستخدام السلاح الكيميائي ضد منطقة إدلب، وقد عززت تصريحات وزارة الدفاع الروسية: أن “أصدقاء الثورة السورية” يتولون مسؤولية إعطاء الإشارة لبدء الاستفزازات في إدلب” تلك التوقعات.

وأثارت تلك التلميحات أيضًا، العديد من التساؤلات عن احتمالية استخدام الأسد للسلاح الكيميائي في الهجوم على إدلب، وعن العوامل التي من الممكن أن تساعده في ذلك أو عن التطورات التي من الممكن أن تردعه عن ارتكاب ذلك؟ ما أدى لتباين الآراء والمواقف إزاء هذا الملف.

لا رادع دولي لمعاقبة نظام الأسد

“نضال شيخاني” مسؤول العلاقات الخارجية في مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا “CVDCSقال لسوريا 24: لقد سبق وأُثبت (بلسان الأمم المتحدة) تورط نظام الأسد بهجمات كيميائية في سوريا، مما وضعه وروسيا والدول الداعمة لهم في مأزق أمام الدول الأعضاء في اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية.

وأضاف: كان من الواضح مؤخرًا بأن نظام الأسد عَمِل على ترويج إعلامي لمسلسل كيميائي جديد في إدلب، بدافع التخلص من الجرائم الكيميائية السابقة، وعلى مدار ست سنوات استخدمت الأسلحة الكيميائية في سوريا لقتل وتهجير أكبر عدد ممكن، ولم يكن هنالك أي رادع دولي لمعاقبة مستخدميها.

وتابع قائلًا: لذلك فأنا أرى بأن احتمالية استخدامها مجددًا أمرٌ وارد، بما أن الردود الدولية لم تتجاوز عملية تقليم الأظافر وتشكيل فرق للتحقيق.

الكيماوي لإرهاب الحاضنة الشعبية

وفي سياق التحذيرات الدولية من مغبة استخدام السلاح الكيميائي، قال وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، يوم الجمعة الماضي، إن واشنطن تعتبر أيّ هجوم للنظام على إدلب تصعيداً في الحرب السورية، كما حذّرت الوزارة من أن واشنطن سترد على أي هجوم كيميائي من جانب النظام.

من جهته، القاضي والمستشار القانوني “خالد شهاب الدين” عضو الوفد الاستشاري للهيئة العليا للمفاوضات، قال لسوريا 24: إن تصريحات روسيا ونظام بشار الأسد وتمهيدهما لاتهام الفصائل المقاتلة في الشمال السوري بالتحضير لاستخدام الكيماوي، هي حلقة من سلسلة روجت لها روسيا قبل كل عملية اقتحام، ثم قام نظام بشار باستخدام الكيماوي كعادته لإرهاب الحاضنة في المنطقة المستهدفة للاقتحام وإرغامهم على الاستسلام.

وأضاف: اليوم وأمام التهديد بالهجوم على مدينة ادلب والشمال السوري، روج الروس للكيماوي تمهيدًا لاستخدامه في حال تعثر الاقتحام، إضافة لقتل أكبر كم ممكن من الحاضنة لإرهابها وإجبارها على الاستسلام والانسحاب.

ويرى القاضي “شهاب الدين” أن احتمالية استخدام الكيماوي من قبل روسيا ونظام بشار كبيرة جدًا، وخاصة عند تعثر تقدمهم، ولاتهام الفصائل المقاتلة واتهامها باستخدام الكيماوي وخلق الذرائع للمجازر المخطط لها سلفًا.

ولفت الانتباه، إلى أن روسيا وبشار لو كانوا يعلمون أن تهديدات أمريكا جدية وفعالة فلن يستخدموا السلاح الكيماوي، وقال: إن التهديدات الأمريكية الأوربية لا تكون جدية وفعالة إلا في التهديد باستهداف بشار الأسد مباشرة والمراكز الحيوية، وهنا نستطيع القول إن روسيا وبشار لا يستطيعون استخدام الكيماوي لجدية التهديدات الأمريكية الأوروبية، وهنا لابد للفصائل المقاتلة من المعركة التصادمية حتمًا لمنع أية ضربة كيماوية ونقل المعركة لأرض العدو.

بدوره، “فضل عبد الغني” مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وافق ما تحدث به القاضي “خالد شهاب الدين” وقال: إن نظام الاسد وفي حال بدأت المعركة على إدلب، ووصلت المعارك لنقطة معينة ولم يعد بإمكان النظام التقدم فإنه يستخدم الاسلحة الكيمائية، من أجل أن يجعل الحاضنة الشعبية تضغط على الفصائل المقاتلة.

وتابع “عبد الغني” قائلاً في تصريحه لسوريا 24: إن حالة من الرعب تصيب المدنيين في حال استخدام الأسلحة الكيمائية كونها ليست كباقي الأسلحة، وقد رأينا في دوما كيف استخدم الأسلحة وكيف الناس خرجت للشوارع وضغطت على “جيش الإسلام” وتمت المفاوضات، مضيفًا أن النظام سوف يتبع نفس الخطوة تمامًا خاصةً إذا كانت ردة الفعل قريبة من ردة الفعل التي قام بها “ترامب” أو أقوى بقليل من سابقاتها، لافتًا إلى أن أغلب تلك الضربات التي طالت مواقع للنظام وميليشياته لم تكن موجعة بالنسبة لنظام الأسد.

المطلوب تحرك دولي جاد

ويرى “عبد الغني” أن ما يردع النظام عن استخدام السلاح الكيميائي، هو أن يلاقي تحركًا جديًا من الدول الغربية وليس مجرد شعارات، وأن يكون هناك تحرك عسكري و تحرك للبوارج، وحينها فقط يعرف النظام أنه سيكون هناك تهديد حقيقي له، أما غير ذلك فهو سيقارن بين ردات الفعل السابقة وبين استحواذه على ادلب، وبالتأكيد فإن استحواذه على ادلب يعني الكثير بالنسبة له، وبالتالي فإنه لن يبالي بالضربات المحدودة التي ستطال عنصره ومعداته العسكرية، فهو لا يبالي بحياة جنوده أو حتى ما يحصل في المجتمع، بل المهم أن يبقى في السلطة ويعود ويسيطر على باقي المناطق، كما أنه مستعد أن يضحي بأي شيء مقابل بقائه في السلطة.

مَن أمِن الجزاء ارتكبَ الجريمة

ويوم السبت الماضي، حذر السفير الفرنسي للأمم المتحدة “فرنسوا دولاتر”، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن خصصت لمناقشة الوضع في ادلب، من خطورة الوضع في إدلب، ومن خطر استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية من قبل النظام مجدداً، وقال إن العملية في إدلب ستؤدي إلى هجرة ونزوح المدنيين إلى مناطق مختلفة منها تركيا.

وفي هذا الصدد، قال ” محمود الخليل” مدير المكتب القانوني لرابطة اللاجئين السوريين في تصريح لسوريا 24:
لطالما أنه سبق وأن استخدم نظام الأسد السلاح الكيماوي ضد المدنيين في مناطق أخرى غير ادلب، ولم يعد مستغربا المعاودة لاستخدامه ثانية، ومن أمِن الجزاء ارتكب الجريمة، لذلك لا استبعد استخدامه هكذا نوع من الاسلحة، طالما أنه لا يوجد ما يردعه من استخدام السلاح المحرم دوليًا ‘إذا حصل على الموافقة باجتياح إدلب.

أبعاد الهجوم العسكري على إدلب

وعن احتمالية شن النظام أي عمل عسكري تجاه منطقة ادلب قال “الخليل”: الوضع في ادلب يختلف عن سواه في بقية المحافظات السورية بالنقطتين التاليتين: الأولى أن ادلب هي المحطة الاخيرة من معاقل المعارضة، وإن سيطرة النظام عليها هو انتهاء للثورة السورية عسكريًا وفي هذه الحالة هذه سيظهر النظام بموقف المنتصر، ما سيؤهله لفرض شروط المنتصر، وهذا سينسف الحل السياسي الذي تبناه وأعلنه المجتمع الدولي مسبقًا، ومازال العمل عليه جار على قدم وساق.

أما الأمر الثاني، فإن القوى الثورية التي رفضت مصالحة النظام من بقية المحافظات، قد تجمعت في إدلب، اضافة للفصائل العسكرية بمختلف أيدولوجياتها الفكرية، وفي حال هاجم النظام المنطقة سيكون قتال ضارٍ لأجل البقاء، وهذا ما ينذر بكارثة انسانية استثنائية وموجة لجوء ومفرزات أخرى لا تطيقها تركيا، مما قد يدفعها لفتح حدودها باتجاه أوروبا وهذا ما سيسبب كارثة تدفق بشري لأوروبا لا يمكن احتماله.

وختم “الخليل” بالقول: بناء على ما تم ذكره، -وبرأيي المتواضع -استبعد أي هجوم على ادلب سوى بعض الضربات الموضعية، التي قد تستهدف بعض مواقع الفصائل الإسلامية فقط، متمنيًا لأهلي في إدلب وعموم سورية الخير والأمن والأمان.

دوافع استخدام الأسد للسلاح الكيميائي في إدلب

المحلل السياسي “سامر خليوي” أعرب عن اعتقاده باحتمالية استخدام الأسد للسلاح الكيميائي وقال لسوريا 24: هناك احتمال استخدامه إذا استمرت الحملة الإعلامية الروسية الأسدية بالترويج أن المعارضة سوف تستخدم الأسلحة الكيماوية، وخاصة بعد إشارة “ديمستورا” بأن جبهة النصرة والنظام يمكنهم أن يستخدموا الكيماوي.

أما الدافع للاستخدام، وفق ما يراه “خليوي” فهو للأسباب التالية : كي ينفي عن نفسه استخدام الأسلحة الكيماوية بالسابق ويتهم المعارضة بأنها هي من استخدمت الأسلحة بالماضي والحاضر، خاصةً بعد التحذيرات الامريكية الغربية للنظام بعدم استخدام تلك الأسلحة، وبذلك يثبت لهم أنه استجاب للتهديد ولَم يستخدمها ولكن المعارضة هي التي استخدمتها ، والسبب الآخر هو لقتل أكبر عدد ممكن من الشعب والمسلحين بسلاح لن يُتهم هو باستخدامه، وايضاً كي يخيف سكان باقي المناطق التي هي خارج سيطرته، بأنه سوف يستخدمها ضدهم دون عقاب أو محاسبة عليه من الدول الاخرى اذا لم يستسلموا.

لا رغبة أمريكية غربية لمحاسبة الأسد

وفي هذا الصدد قال “خليوي” إنه كما يقول المثل من أمن العقوبة أساء الأدب، فقد صدرت قرارات من مجلس الأمن تدين استخدامه الكيماوي (قرار 2118) وقام بانتهاك هذا القرار ولَم يحاسبه أحد، لأنه محمي بمجلس الأمن من قبل روسيا والصين، ولأنه مطمئن أن الولايات المتحدة لن تجيش العالم ضده خاصة بعد أن استعملها عام 2013 لأول مرة واكتفت دول العالم بتسلم جزء من هذه الأسلحة، لذلك لا توجد رغبة أمريكية غربية لمحاسبته وهم المؤهلين لردعه ان أرادوا.

مقالات ذات صلة