في سياسة مستمرة من قوات نظام الأسد عنوانها الأبرز “الجوع أو الركوع”، تلجأ تلك القوات إلى تأخير إدخال قوافل المساعدات الأممية إلى مدن وبلدات الريف الشمالي لمدينة حمص منذ نحو شهر تقريبًا.
وبحسب مصادر محلية فإن الأفرع الأمنية التابعة لرأس النظام تعرقل إدخال قوافل المساعدات الإنسانية والتي تحوي على المواد الغذائية ومادة الطحين، بهدف الضغط على الأهالي والمجالس المحلية والفصائل العسكرية لإرغامهم على تنفيذ عدة شروط من أبرزها فتح طريق (حمص – حماة) الاستراتيجي.
وأدى تأخر إدخال قوافل المساعدات إلى نفاد مادة الطحين بالسعر المدعوم، وارتفاع سعر ربطة الخبز في السوق الحرة لمستويات تفوق القدرة الشرائية، بعد أن وصل سعر الربطة الواحدة إلى حدود 400 ليرة سورية، ما دفع بالمجالس المحلية لإطلاق نداءات استغاثة لكافة المنظمات الدولية لتوفير الطحين ودعم المنطقة بتلك المادة.
وقال “عبد الكريم العلاوي” مدير مكتب الإغاثة في مجلس محافظة حمص الحرة في تصريح لـ SY24، إنه ومنذ نحو ثلاثة أشهر لم تدخل أي مساعدات أممية إلى الريف الشمالي لحمص وتحديدًا إلى بلدة “الغنطو”، مضيفًا أن تأخر إدخال المساعدات أدى لارتفاع أسعار المواد الغذائية في أسواق ريف حمص الشمالي إضافة لارتفاع أسعار الطحين وندرة وجودها نتيجة لذلك.
وانعكس تأخر إدخال قوافل المساعدات بشكل كبير على حياة المدنيين، بحسب “العلاوي” في ظل انعدام الدخل وشدة الحصار المفروض على المنطقة منذ مدة طويلة، خاصة وأن اعتماد السكان المحاصرين في معيشتهم على تلك المعونات التي تصل عبر قوافل المساعدات الأممية، مناشدًا الأمم المتحدة للقيام بدورها في الضغط لإيصال المساعدات الإنسانية وإدخالها للريف المحاصر بشكل عاجل وبأي طريقة كانت.
بدوره، النقيب المهندس “ضياء قدور” من مرتبات “حركة تحرير الوطن” العاملة في ريف حمص الشمالي، أوضح لـ SY24، أنه مضى على عدم إدخال المساعدات للمدنيين المحاصرين في الريف الشمالي لحمص بما فيها منطقة الحولة وحولها ما يقارب الشهرين، بينما كان من العادة إدخال المساعدات إلى هذه المناطق كل أربعين يومًا.
وأضاف، أن “إدخال المساعدات كان يتم على دفعتين: الدفعة الأولى كانت تدخل إلى مناطق “الرستن وتلبيسة والدار الكبيرة” وغيرها من مناطق الريف الشمالي الشرقي، والدفعة الثانية كانت تدخل إلى مناطق الريف الشمالي الغربي” كفرلاها، وتلدو، وتلذهب” وغيرها من مدن وقرى منطقة الحولة.
وقال “قدور” إن قوات النظام تحاول منذ زمن طويل من خلال حصارها لمنطقة الريف الشمالي ومنعها دخول قوافل المساعدات الإنسانية، الضغط على سكان المنطقة والفصائل الثورية العاملة فيها، لقبول شروط قوات النظام في فتح الطريق العام بين حمص وحماة، والذي يمر من قلب مدينتي” تلبيسة والرستن”، يضاف إلى ذلك الطلب من الفصائل العاملة تأمين حماية لهذا الطريق في حال تم التوافق عليه.
وفيما يتعلق بالأسباب التي تقف وراء إصرار النظام على فتح طريق حمص – حماة أوضح قائلًا: “نحن لا نعرف ماذا يمكن أن يدخل النظام إلى داخل الريف الشمالي من أمور من الممكن أن تخل في أمن واستقرار الريف الشمالي عامة عن طريق هذا الخط الذي يريد النظام فتحه ويصر عليه”.
أهمية طريق حمص – حماة بالنسبة للنظام
وحول الأهمية الاستراتيجية لطريق حمص – حماة بيّن النقيب “قدور” أن الريف الشمالي لحمص يحتل منطقة استراتيجية في سوريا تصل بين “الشمال والجنوب والشرق والغرب” وبخاصة الطريق العام الذي يصل مدينة حمص بحماه.
وأشار إلى أن عدم حصول النظام على الطريق الواصل بين حمص وحماه والذي يمر من مدينتي “تلبيسة والرستن”، هو بمثابة قطع إمداد لقواته من الشمال إلى الجنوب، ناهيك عن التهديدات التي تشكله مدن منطقة الحولة القريبة من منطقة الساحل السوري.
كما أن عدم الحصول النظام على هذا الطريق يعني إجباره على مسير قواته وقوافله العسكرية في خطين خطيرين: الأول هو طريق جبلي محاذ لمنطقة الحولة يمر من قرى” القبو، ومريمين، وعوج” وهو طريق خطر لسهولة مناورة القوات المهاجمة فيه بسبب طبيعة الأرض الجبلية.
والطريق الثاني هو طريق صحراوي تقريبًا يمر من مدينة “السلمية” ويسهل فيه استهداف قواته وأرتاله العسكرية بطريقه “الكر والفر” المتبعة من قبل الفصائل الثورية المجاورة لتلك المناطق، ناهيك عن طول مسافة هذين الطريقين المتبعين دون الحصول على الطريق الواصل بين” حمص وحماة”.
وحذّر النقيب “قدور” من أن أوضاع أهالي الريف الشمالي لحمص تزداد مأساوية وسوءًا مع استمرار رفض النظام لإدخال المساعدات الأممية إليهم، خاصة في فصل الشتاء الذي تزداد فيه نسبة الأمراض، وكذلك منع النظام إدخال اللقاحات اللازمة للأطفال ومادة حليب الأطفال، الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة جدًا عليهم.