منذ ثلاث سنوات، يعيش الشاب السوري مصطفى رسلان وزوجته في مخيم الركبان وسط الصحراء في المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي مع عشرات الآلاف من النازحين السوريين الفارين من هول الحرب في مدنهم.
ويعيش رسلان وزوجته في خيمة صغيرة يصفها بـ “الباردة وغير الملائمة للسكن” لكنه اضطر للنزوح إليها نتيجة الحرب التي تشهدها البلاد منذ سنوات، ولم تكن أمامه خيارات أخرى سوى البقاء في هذا المكان كما يقول.
سوء التغذية ونقص الرعاية الطبية خطفا طفلته
وتختلف حكاية هذا الشاب السوري وزوجته نور عن قصص أقرانه في المخيم، فقد توفيت طفلته هدى قبل 18 يوماً، بعد أشهر قليلة من ولادتها، نتيجة سوء التغذية ونقص الرعاية الطبية وعدم دخولها إلى المستشفى، في ما بقي توأمها “رسول” على قيد الحياة وهو يعاني من نقص في البوتاسيوم وجرثومة في جسمه تتطلب رعاية طبية مستعجلة.
وفي تصريح لـ”العربية.نت” قال رسلان الّذي ينحدر من بلدة القريتين الواقعة في ريف حمص: “كانت زوجتي حاملاً، وطيلة أشهر الحمل، لم تراجع الأطباء سوى مرتين في شهرها الأخير”.
وأضاف بمرارة “كانت زوجتي حاملاً بتوأم، لكن طفلتنا توفيت بعد أشهر من ولادتها لسوء التغذية وعدم تلقي العلاج، بينما بقي شقيقها على قيد الحياة”.
وتابع رسلان سرد حكايته في المخيم بحزنٍ شديد، قائلاً: “تمت عملية الولادة داخل الأراضي الأردنية بعدما سُمح لنا بالدخول إليها، لكن طفلتي توفيت لعدم تلقيها العلاج في النقطة الطبية التابعة للأمم المتحدة على الحدود الأردنية بعد عودتنا مرة أخرى إلى المخيم”.
ونتيجة وفاة طفلته هدى، سمحت السلطات الأردنية بعد هذه الحادثة بأيام لشقيقها الرضيع الدخول إلى الأردن وتلقي العلاج في إحدى مستشفيات العاصمة عمّان لنحو أسبوعين، لكن وضعه الصحي في الوقت الراهن يتطلب العودة إلى المستشفى مرة أخرى.
وفيات يومية.. ولا حليب للأطفال
إلى ذلك، شكا رسلان من سوء الرعاية الطبية وانعدامها في المخيم، مؤكداً، “ليس هناك أطباء مختصون داخل المخيم، معظمهم هنا، كانوا يدرسون في كلية التمريض، وهم ممرضون عاديون تحوّلوا إلى أطباء لعدم وجود مختصين في المخيم”.
وفي مخيم الركبان من السهل أن يتحول الممرض إلى طبيب وسط انعدام الأطباء نتيجة ظروف الحرب التي تشهدها سوريا، والأمر عينه ينطبق على الصيادلة، حيث يمكن لأحدهم بسهولة بيع الأدوية لسكان المخيم دون أن يكون صيدلانياً.
ولا تقف معاناة رسلان عند هذا الحد، فانعدام فرص العمل داخل المخيم تمنعه من شراء الحليب لطفله الرضيع.
وعن هذا الحرمان، قال” نحن نذوق الأمرّين، طفلنا يحتاج إلى حليب، لكن لا مال يكفي لشرائه، ونتيجة سوء التغذية لا تستطيع والدته إرضاعه بشكلٍ طبيعي”.
صرخة أب مقهور ومناشدة
وناشد رسلان عبر “العربية.نت” المنظمات الدولية والإنسانية لتقديم المساعدة لعائلته. وأضاف، “لا حليب للأطفال في المخيم، لا ندري ماذا سيتناول طفلنا في الغد؟ لقد كانت بحوزتنا علبتان من الحليب ستنتهيان غداً، بالإضافة إلى أن وضعه الصحي يتطلب المتابعة”.
وتابع قائلاً: “هناك وفيات بشكلٍ يومي نتيجة قلة الأدوية والأطباء، المشكلة لم تعد لدى عائلتي وطفلي، المشكلة لدى أكثر من 50 ألف نسمة يعيشون في عداد الموتى في هذا المخيم”.
وفي ما ينتظر رسلان ومعه عشرات الآلاف من النازحين في مخيم الركبان وصول المساعدات إليهم، أعلنت الأمم المتحدة قبل يومين عن تأجيل قافلة مساعدات مخيم الركبان لأسباب “أمنية”.
وقالت مسؤولة بالأمم المتحدة إن إرسال قافلة مساعدات تقودها المنظمة الدولية إلى مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية تأجل ولن تصل السبت كما كان متوقعاً.
وأكدت المسؤولة في الأمم المتحدة في دمشق، فدوى عبد ربه بارود، لرويترز أن “قافلة المساعدات الإنسانية المشتركة المزمعة بين الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري لمخيم الركبان تأجلت لأسباب أمنية ولوجيستية”، مضيفة: “لا تزال الأمم المتحدة مستعدة لتقديم مساعدات لخمسين ألف شخص حالما تسمح الظروف بذلك”.
يذكر أن مخيم الركبان يأوي أكثر من 50 ألف نازحٍ سوري ويقع ضمن الأراضي السورية في منطقة أمنية أنشأها التحالف الدولي الّذي تقوده واشنطن في العام 2016 بالقرب من قاعدة #التنف العسكرية على الحدود مع العراق والأردن.