لطالما كانت أرض حوران المعروفة بغناها ووفرة محصولها حديث اهلها وفلاحيها على مدار مواسم العام، لكن في آخر سنوات حوران الفائتة كانت حقول الفلاحين هاجسهم بين الخوف والحنين للأرض التي كانت مصدر رزقهم وقوت أطفالهم، لا سيما بعد أن كانت مؤخراً ساحة معارك بين أطراف النزاع على تعدد انتماءاتهم.
أشهر قليلة مرت على سيطرة قوات النظام على كامل درعا لكن ليس الأمر بالسهل لتتخلص أرض درعا من آثار حرب دامت سبع سنوات، فالموت يلاحق كل من كتبت نهايته ضمن هذه الحرب، ومن لم يقتل بالمعارك والطائرات كانت ألغام النظام وتنظيم داعش حاضرة، ولا زالت تحصد أرواح المزيد من أهلها.
ومع دخول موسم قطف الزيتون واستعداد أصحاب الأراضي لجني محصولهم يتوجس بعض أهالي درعا من الوصول لأراضيهم خوفاً من مصير محتم قد يلاحق أبنائهم أو يلاحقهم بالموت أو البتر أو إعاقة دائمة تبقى إلى أبد الزمان، فأراضيهم لا تزال تخبئ تحت ترابها مئات العبوات والألغام وكل وسيلة أعدت للموت والفتك، ولا تزال رغم انتهاء الحرب وبقاء آثارها يتجاهل النظام نزعها انتقاماً من أهلها الذين أيدوا الثورة.
حوادث الموت والفتك مستمرة ويزداد قلق أهالي حوران من استمرار تسلط شبح الالغام على أهلهم، حيث أسفرت قبل أيام انفجار عبوة زرعتها قوات النظام على أطراف مدينة داعل، عن مقتل ثلاث شبان بعد محاولتهم الوصول إلى أرضهم للبدء بقطف ثمار الزيتون، ما أثار الريبة في نفوس أصحاب الأراضي المحيطة ورفض قوات النظام الكشف أو انتزاع ما زرعته في تلك الأراضي.
حتى المدارس باتت مصدر للموت حتى في مناطق سيطرة النظام سابقاً، حيث أسفر انفجار عبوة ناسفة بالقرب من إحدى المدارس الابتدائية في قرية دير العدس، عن جرح ثلاثة طلاب أثناء لعبهم في محيط المدرسة، حيث تعرض أحدهم لبتر في ساقه وآخر لعدة شظايا في بطنه والثالث لإصابة متفاوتة.
الجدير بالذكر أن البلدة كانت خاضعة كلياً لسيطرة قوات النظام وحزب الله اللبناني وهو ما يشير إلى تعمد النظام وقواته ترك مخلفات الحرب ورائهم لحصد المزيد من أرواح أهالي درعا و الإيقاع بهم، انتقاماً منهم على ما فات من سنين الثورة.