بشكل مستمر وملحوظ، يزداد توغل الميليشيات المدعومة من إيران وحزب الله في أحياء مدينة دير الزور وغيرها من القرى والبلدات في عموم المحافظة الواقعة شرق سوريا.
وتعدُ ميليشيا “زينبيون، وفاطميون” من أبرز تلك الميليشيات المتغلغلة والمسيطرة بشكل لافت وخاصة على حيي “الصناعة، والعمال” داخل مناطق سيطرة نظام الأسد في مدينة دير الزور.
ونشرت شبكة “فرات بوست” التي تعنى بتغطية الأحداث في محافظة دير الزور، في وقت سابق تقريرًا خاصًا عن أهم الميليشيات المنتشرة في مدينة دير الزور وأعدادها ومناطق توزعها، مشيرةً إلى وجود نحو 20 ميليشيا تابعة للنظام ولحزب الله وإيران تطبق حصار خانقًا على أهالي المدينة.
وذكر المصدر ذاته أن “مليشيا الدفاع الوطني” تعد من أكبر المليشيات من حيث عدد العناصر، حيث تضم أبناء المدينة المتطوعين بهذه المليشيا وبعض أبناء الريف وابناء قرية “الجفرة”، وعدد كبير من الشباب الذين تم تطويعهم بحملات التطويع الإجبارية السابقة.
وكانت مصادر محلية تحدثت عن استيلاء ميليشيات “فاطميون، وزينبيون” الإيرانية على منازل المدنيين خاصة في محيط مدينة “البوكمال” وتم تحويلها لمقار عسكرية لها.
سيطرة ومنع عودة للمدنيين:
وقال مدير “منظمة العدالة من أجل الحياة”، والتي ترصد انتهاكات كافة الأطراف في محافظة دير الزور، قال لـ SY24: إنه ومع إعادة سيطرة قوات النظام على جنوب نهر الفرات مدعومة بميلشيات إيرانية وروسية، بدأت هذه القوات بالانتشار في أماكن مختلفة، فعلى سبيل المثال ميليشيا “حزب الله” وميليشيات إيرانية أخرى بدأت تتمركز بشكل أساسي في مدينة “البوكمال” على الحدود السورية العراقية، إضافة لبعض أحياء مدينة دير الزور.
وأضاف، أن “ميليشيا فاطميون” بشكل خاص تسعى للسيطرة على منطقة “الرصافة” التابعة لحي “العمال” داخل مدينة دير الزور، وهي منطقة خالية من المدنيين بسبب تعرضها للدمار وقد استعاد النظام السيطرة على تلك المنطقة في نهاية عام 2017، مبينًا أن تلك الميليشيا تمنع عودة المدنيين وتتعامل في هذا الحي مع المدنيين على أنهم أمام خيارين: إما بيع المنازل بالسعر المطلوب وميليشيا فاطميون هي من تشتري، أو أنه يسمح للشخص بالعودة ولكن لن يكون لديه منزل.
وتحدث “الحمد” عن وجود ثلاث قوى في دير الزور هي: “قوات النظام وميليشيات تابعة لها، والحرس الثوري الإيراني وميليشيات ممولة من إيران، والقوى الثالثة هي روسيا”، مضيفًا أن هذا هو السبب وراء اندلاع الاشتباكات بشكل مستمر بين تلك الميليشيات المختلفة، مبينًا أن وكل مجموعة لها مرجعيتها وقد حاول النظام تشكيل لجنة أمنية تكون مرجعية لكل تلك الأطراف، إلا أنها فشلت وتم افشالها من قبل تلك الميليشيات بسبب تعارض مصالحها مع مصالح تلك اللجنة.
ويضيف “الحمد” بأن “دير الزور” كمحافظة لها أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لكل الأطراف بسبب موقعها وثرواتها، ولا أحد يستطيع أن يتوقع ماذا ينتظرها من سيناريوهات فجميع القوى تحشد ولا نعرف ما هو المخطط، ولكن الشيء الواضح لدينا أن هذه المنطقة استراتيجية لكل الأطراف المتصارعة، وكل من يريد الحد من نفوذ الطرف الأخر فهو يحاول أن يسيطر على ما تبقى من دير الزور، وبالتالي فإن أي عمل جدي باتجاه إيران لا بد أن تكون “دير الزور” احدى ساحات المعركة، مشيرًا إلى أن مستقبلًا غامضاً ينتظر “دير الزور”.
ميليشيات هدفها السيطرة على مراكز المدن:
في حين، أوضح الكاتب الصحفي “أحمد طلب الناصر” خلال حديثه لسوريا24: أن دير الزور بالدرجة الأولى هي المحافظة المتاخمة لمناطق نفوذ إيران بالعراق، لذلك ستكون أول محافظة بالنسبة لتمددهم باتجاه سوريا، وبالتالي هم يحاولون أن تكون السيطرة بداية بشكل رئيسي على مراكز المدن كما هو الحال بالنسبة للنظام.
أما بالنسبة لحيي “العمال والصناعة”، بحسب “الناصر” فهي أحياء دخلها النظام واستلمها من داعش، هذه الأحياء منذ قبل الثورة وحتى في مرحلة الثورة أكثر من 98% من سكانها أصولهم من الريف وخاصة من الريف الشرقي ولهم جذور فيها، وكان الإيرانيون يعملون على مسألة “التشييع والحسينيات” من قبل الثورة بالنسبة لسكان هذا الريف، فهذه المناطق سكانها أساسًا من أهل الريف فعملية التعامل معهم أسرع وأسهل بكثير من الأحياء الباقية من قبل الإيرانيين.
سرقة وانتهاكات وفرض إتاوات:
من جهته يرى الناشط المدني ” أبو سلمان الديري” أن الهدف الرئيسي من وراء انتشار تلك الميليشيات في أحياء “الصناعة، والعمال” داخل مدينة دير الزور، هو السرقة والنهب وارتكاب الانتهاكات، لافتًا إلى أن تلك الميليشيا كانت رديفة لقوات رديفة لقوات النظام حينما دخلت دير الزور لتستقر بعدها في تلك الأماكن.
وأشار، إلى أن النظام هو المستفيد وبشكل كبير من تواجد تلك الميليشيا، يضاف إلى ذلك انتشارها الملحوظ على عدد من الحواجز العسكرية في عموم المحافظة، بدءًا من “مطار دير الزور العسكري” وصولًا لمدينة “البوكمال”، وتمارس تلك الميليشيات أبشع أنواع الانتهاكات إضافة لفرضها “الإتاوات” على المدنيين، وسط غياب أي سلطة من قبل النظام على تلك الميليشيات.
وذكر “الديري” لسوريا 24، أن تلك الميليشيات تعتبر هي الآمر الناهي بحكم انتشارها والأعداد المنتسبة لها وخاصةً ميليشيا “حزب الله” كونها تمنح رواتب وحصانة وحماية للمنتسبين لها، وبالتالي لا أحد يجرأ إن كان من “الفرقة الرابعة” أو الأفرع الأمنية الأخرى على مضايقة أو محاسبة أي عنصر منتسب لتلك الميليشيا.
وتتقاسم قوات النظام والميليشيات المتنوعة “الحواجز” فيما بينها، فـ بالإضافة لميليشيا “زينبيون، وفاطميون” تنتشر أيضًا “كتائب الإمام علي، وميليشيا حزب الله العراقي، وحزب الله اللبناني” وغالبيتها في مدينة دير الزور وفي مدينة البوكمال، إضافة لعموم الريف الشرقي.
الجدير ذكره، أن ميليشيا “زينبيون” هي لواء مكون من المقاتلين الشيعة الباكستان، تم تشكيله وتدريبه على يد الحرس الثوري الإيراني وتأتمر بأوامر “قاسم سليماني” القيادي في القوات الإيرانية.
أما “ميليشيا فاطميون”، فهي لواء مكون من مقاتلين شيعة أفغان، أيضًا تلقت تدريبها على يد “الحرس الثوري الإيراني”، ويشارك مقاتلو هذا اللواء بمهام قتالية في مدينتي “دير الزور، والبوكمال”.