قصف ومجازر وانتهاكات.. لماذا استثنى الأسد جرجناز من سوتشي؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

أحمد زكريا – SY24

تصعيد غير مسبوق شهدته بلدة “جرجناز” جنوبيّ إدلب من قبل مدفعية قوات النظام، منذ بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، الأمر الذي أدى لسقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، إضافة لموجات نزوح للأهالي جراء هذا التصعيد.

وعلى الرغم من دخول تلك البلدة ضمن المنطقة منزوعة السلاح بموجب الاتفاق الموقع بين تركيا وروسيا في “سوتشي” مؤخرًا بخصوص منطقة إدلب، الأمر الذي يعد خرقًا واضحًا من قبل قوات النظام لهذا الاتفاق.

وأدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان له صدر، في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، استهداف بلدة “جرجناز” وقال: “لا يمكن الاستمرار في غض الطرف الدولي عن تصرفات النظام، فهو مستعد لاستغلال أي مناسبة يتمكن من خلالها من خرق الهدنة ومتابعة مسلسل الإجرام”.

الدفاع المدني والمجلس المحلي يوثقان المجازر

وارتكبت قوات النظام مجزرين في بلدة “جرجناز” راح ضحيتهما نحو 20 قتيلاً مدنياً بينهم نساء وأطفال بحسب توثيقات المجلس المحلي لبلدة جرجناز، وفريق الدفاع المدني في بلدة “تلمنس”، كون بلدة “جرجناز” لا يتواجد فيها مركز دفاع مدني.

وقال “عبد الستار الحسين” مدير مركز الدفاع المدني في بلدة “تلمنس” بالريف ذاته: “وثقنا منذ بدء حملة القصف على بلدة جرجناز مقتل 20 مدنيًا بين نساء ورجال وأطفال”.

وأضاف في حديه لـ SY24: إن “حجم الأضرار كبير جراء القصف إلا أننا لم نسجل خروج أي منشأة عن الخدمة، في حين سجلنا حركة نزوح للأهالي بنسبة 80% بشكل مؤقت وليس طويل المدى توجهوا صوب القرى المحيطة بأطراف البلدة، ونسبة 10% من الأهالي توجهوا صوب مناطق سرمدا شماليّ إدلب”.

أما رئيس المجلس المحلي لبلدة جرجناز “أبو عمارة” فقال: “تعرضت البلدة خلال الشهر الجاري لمجزرتين كان ضحيتهما من المدنيين، المجزرة الأولى وقعت في 2/11/2018، وراح ضحيتها 8 شهداء جميعهم من سكان البلدة الأصليين والنازحين إليها”.

وتابع: “المجزرة الثانية وقعت في 24/11/2018، حيث تم استهداف مدرسة “الخنساء” والتي يتواجد فيها أكثر من 450 طالباً، إضافة لاستهداف معهد إعداد المدرسين الذي يتواجد فيه نحو 250 طالباً، وخلفت تلك المجزرة مقتل 9 مدنيين بينهم أطفال ونساء، يضاف إلى ذلك سقوط عدد من الجرحى بينهم حالات بتر للأطراف، وبعضهم أسعف للعناية المشددة”.

وأشار، إلى أن القصف تزامن مع خروج الطلاب من المدارس ظهرًا، وأن مصدر القصف كان من قوات النظام المتمركزة في قرية “أبو دالي” بصاروخين شديدي الانفجار ما أدى لدمار كبير أيضا في البيوت المحيطة بالمدرسة، واصابة أحد أفراد الدفاع المدني أثناء محاولته إسعاف الجرحى.

وأرجع رئيس المجلس المحلي هذا التصعيد على البلدة من قبل قوات النظام، إلى أن ذلك يندرج في سياق الضغط قبل كل جلسة من جلسات “آستانة”، بالإضافة إلى أن البلدة لها مواقف كثيرة في عمر الثورة والنظام يعلم ذلك، لذا فهو يركز في قصفه عليها ويفتعل المجازر فيها، بهدف طرد الحاضنة الشعبية من داخل البلدة التي تشهد اكتظاظًا سكانيًا كبيرًا.

وأشار إلى أنهم لا يعلمون إلى متى سيستمر التصعيد، مبينًا في الوقت ذاته أنهم حتى عندما يتواصلون مع الأتراك في نقطة المراقبة التركية القريبة، فإنه ليس هناك أي أجوبة مطمئنة ومقنعة لما يجري في البلدة التي تشهد أيضًا أوضاعًا إنسانية سيئة.

الانتقام من المناطق الثائرة

واعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن النظام والميليشيا الإيرانية منهمكة بتقويض اتفاق إدلب وارتكاب المجازر بحثاً عن مبررات لتعطيل الحل السياسي، وسيستمر هذا الحلف وداعموه في التلاعب ببوصلة الحل كلما سنحت الفرص.

وحول الدوافع الرئيسة التي تقف وراء التصعيد الممنهج على بلدة “جرجناز” أوضح القيادي في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش السوري الحر، أن النظام يريد الانتقام من المناطق التي ثارت بوجهه.

وقال “حسام سلامة” في حديث خاصة لـ SY24: إن “بلدة جرجناز تميزت منذ البداية عن باقي المناطق بحراكها الثوري المبكر من بداية الثورة السلمية ثم العسكرية، كما أنها تحوي على عدد كبير من النخب الثورية، لذلك كانت محط استهداف حقد النظام ويدفعه لذلك الرغبة بالانتقام من المناطق الثائرة”.

وأضاف: أن “النظام وروسيا يريدان الضغط على المناطق المحررة لذلك يستهدفون أهم المناطق المحررة من الناحية الثورية، أضف إلى ذلك محاولتهم الضغط خاصة قبل كل اجتماع دولي بين روسيا وتركيا على سبيل المثال، اضافة لدافع الثأر والانتقام من المناطق الثائرة”.

“جرجناز” بيضة القبان في المنطقة

وكانت الأمم المتحدة وعلى لسان “ستيفان دوغريك” المتحدث الرسمي باسم أمينها العام، قد حذرت من أي تصعيد في منطقة إدلب أو خرق لاتفاق سوتشي الأخير.

وقال “دوغريك” في تصريحات صحفية، الأربعاء الماضي، “مع تعرض 3 ملايين من النساء والأطفال والرجال في إدلب والمناطق المجاورة للخطر، يجب تفادي تصاعد الأعمال العدائية بأي ثمن”، مطالبًا بضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية بموجب القانون الإنساني الدّولي.

الكاتب والمحلل السياسي الدكتور “مأمون سيد عيسى” قال في تصريحات لـ SY24: إن “لبلدة “جرجناز” مكانة عالية في الثورة السورية، لأنها كانت الأولى بين بلدات المنطقة ممن خرجت ضد النظام وحمل أبناؤها مبادئ لم يحد عنها إلا القليل”.

وأضاف: “أذكر أن مجلس قيادة الثورة الأول لمحافظة إدلب انطلق من جرجناز في شهر 4/2011 وكانت جرجناز من النقاط القوية في التظاهر أيام المظاهرات، ورغم ما مر على جرجناز إلا أن ثوارها ما زالوا مصرين على المضي قدماً حتى تحقيق ما خرجوا لأجله في طلب الحرية والكرامة، ورفض الظلم من أي جهة كانت حتى لو من الفصائل، وكذلك تحقيق العدل والحكم الرشيد للمناطق المحررة، وهذه المطالب تغيظ النظام”.

وتابع قائلًا: “كانت ومازالت جرجناز مصدر القرار الثوري دون مساومة، وسابقًا ظهرت مبادرة “واعتصموا” لجمع الفصائل بترتيب من ناشطيها، والنظام اليوم يضغط عليها لثني أبناء جرجناز عن مطالبهم وتشتيتهم في المناطق المحررة، في محاولة من النظام لدفع الأهالي لمطالبة النظام التوقف عن القصف وهنا تبدأ مرحلة التنازل عما خرجوا لأجله، وبتراجع أبناء جرجناز عن مطالبهم سيبدأ تراجع أبناء المنطقة بلحاق أهالي جرجناز”.

ولفت “سيد عيسى” الانتباه، إلى أن النظام يعرف أين يضرب، معتبرًا أن بلدة “جرجناز” هي بيضة القبان للنظام في المنطقة.

الهدف جرّ الثوار لعمل عسكري

وفي ظل استمرار الخروقات من قبل النظام وداعميه على منطقة إدلب، وحذرت في تصريحات صحفية مؤخرًا من أن” التصعيد يشمل أماكن يُعتقد أنها تقع ضمن المناطق المجردة من السلاح أو القريبة منها، والتي تؤثر على حماية المدنيين وسلامتهم”.

الناشط السياسي “عبد الكريم العمر”، اعتبر خلال حديثه مع SY24، أن الهدف من تصعيد النظام وقصفه هو جر الثوار لمعركة معه، وذلك بغية إنهاء اتفاق “سوتشي” الذي لم يرق للنظام وإيران وميلشياتهم، وهم يتطلعون للسيطرة على كل سوريا وليس إدلب وحسب.

أما بالنسبة للروس، فيرى ” العمر” أنهم لا يقلون إجرامًا عن الأسد وهدفهم من القصف أو السكوت عن القصف، هو الضغط على تركيا وعلى الاتحاد الأوروبي في قضايا اللجنة الدستورية والاعمار، خاصة بعد فشل بوتين في الضغط على الأوروبيين في قضية المشاركة في الإعمار وإعادة اللاجئين، بينما هم يصرون على أن ذلك يكون عبر حل سياسي شامل وتنفيذ قرارات مجلس الأمن.

وبحسب “العمر” فإن القصف الذي حصل ويحصل من جانب نظام الأسد والمليشيات التابعة له على جرجناز والعديد من المناطق، لا يعني بالمطلق أن نقول أو ننعى اتفاق سوتشي بين الروس والأتراك الخاص بإدلب، من ناحية أخرى لا يعني أيضا أنه تمهيد لاجتياح بري وهذا الأمر لن يحصل دون موسكو التي ترى أن علاقتها مع تركيا أهم من نظام الأسد وإيران، لكنها بهذا القصف تضغط على تركيا من أجل حل بعض المشكلات العالقة بين الطرفين.

وتأوي بلدة جرجناز ما يقارب من 23000 نسمة من السكان المقيمين، بالإضافة لتواجد ما يقارب من 7500 نسمة من السكان النازحين إليها من غوطة دمشق وداريا وشمالي حمص ومن شرقي السكة من بلدات سنجار وريفها في محافظة إدلب.

مقالات ذات صلة