أكدت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “أليسون كنغ”، أن موقف المملكة المتحدة لم يتغير من نظام الأسد الفاقد لشرعيته، واصفةً الصراع في سوريا بأنه من أكثر الصراعات تدميراً في تاريخ البشرية الحديث، محملةً في الوقت ذاته الأسد وداعميه مسؤولية عدم إحراز أي تقدم في ملف تشكيل لجنة صياغة الدستور السورية.
كلام المتحدثة البريطانية جاء ردًا على مجموعة من الأسئلة طرحها موقع سوريا SY24، فيما يتعلق بملف القضية السورية وموقف بريطانيا من نظام الأسد والعملية السياسية، وفيما يلي نص الحوار.
لجنة صياغة الدستور السورية
طرحنا على المتحدثة الأمريكية سؤالا حول الأسباب التي تقف وراء تأخر بريطانيا وأوروبا في ممارسة دورهما السياسي في الضغط من أجل تشكيل لجنة صياغة الدستور الخاص بسوريا كونه مفتاح الحل والسلام فأجابت: إن المملكة المتحدة وشركاؤها الأوروبيون تعمل بنشاط على تعزيز التقدم في العملية السياسية، بما في ذلك تشكيل لجنة دستورية متوازنة وتمثيلية، لكن من المؤسف للغاية أنه لم يحدث مزيد من التقدم في هذه اللجنة الدستورية حتى الآن، حيث أن النظام وحليفه روسيا يتحملان مسؤولية عدم إحراز تقدم.
وأضافت، أنه وكما أكد وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البريطاني “أليستر بيرت”، يوم الأربعاء، في الاجتماع الوزاري للمجموعة المصغّرة حول سورية، لا تزال سورية بحاجة ملحّة إلى تسوية سياسية تفاوضية لإنهاء النزاع، وهذه العملية يجب أن تكون بقيادة سوريّة، تسهلها الأمم المتحدة، وتتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254، مؤكدة في الوقت ذاته، أن المملكة المتحدة تتطلع إلى العمل مع مبعوث الأمم المتحدة “غير بيدرسن” في سعيه إلى إيجاد طرق جديدة للمضي قدمًا.
قانون “سيزر”
وفيما يتعلق بالموقف البريطاني من قانون “سيزر” في حال أقرته الولايات المتحدة الأمريكية والخاص بالعقوبات على النظام السوري بسبب جرائمه وكل من يتعاون معه في إعادة الإعمار أو مده بأسباب القوة الاقتصادية وغيرها قالت المتحدثة البريطانية: إنه وفي شهر يناير/كانون الثاني من هذه السنة، وجنبًا إلى جنب مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي، تبنت المملكة المتحدة قوائم جديدة بموجب نظام العقوبات السورية لـ 11 من رجال الأعمال البارزين و5 مؤسسات.
وتابعت بالقول: إن هذه العقوبات استهدفت أفرادًا ومؤسسات تم اختيارهم بعناية والذين كانوا يدعمون ويستفيدون من مصادرة واستغلال النظام للأراضي، كون هذه المؤسسات تحقق أرباحا كبيرة من خلال علاقاتها مع النظام وبالمقابل تساعد في تمويل هذا النظام.
وأضافت، أن هذه الإجراءات سترسل إشارة واضحة إلى النظام والمستثمرين الخاصين، مفادها أن تنمية الأراضي يجب أن تحترم حقوق الملكية للسوريين، حتى يتمكنوا من العودة بأمان.
وأشارت، إلى إن التدابير التقييدية المفروضة ستحد من الدعم المتاح للنظام لمواصلة قمعه العنيف للمدنيين، مؤكدة في الوقت ذاته أنهم سيواصلون النظر في العقوبات لمنع قمع السكان المدنيين في سوريا، والضغط على نظام الأسد للانخراط في عملية سياسية لإنهاء النزاع، على حد تعبيرها.
الموقف من الانسحاب الأمريكي من سوريا
وفي سياق لقائنا بالمتحدثة البريطانية طرحنا عليها سؤالا مفاده: قد تنسحب الولايات المتحدة من سوريا وربما لا تفعل، ما هي طبيعة موقف المملكة المتحدة من نظرية الانسحاب الامريكي، أجابت: إن انسحاب القوات الأمريكية هو قرار تأخذه الحكومة الأمريكية، وكما تدرك الولايات المتحدة، من المهم أن يتم الانسحاب بطريقة تسمح بالمحافظة على التقدم الكبير الذي تم إحرازه ضد داعش في شمال شرق سوريا، كما أننا سوف نواصل مناقشة كيفية تحقيق هذه الأهداف مع شركائنا في التحالف، بما في ذلك الولايات المتحدة، ونحن ما زلنا ملتزمين بالتحالف العالمي وهدفه في ضمان هزيمة داعش طويلة الأمد.
إيقاف الجهات المانحة دعمها عن السوريين
وتطرقنا في سياق حديثنا مع المتحدثة البريطانية “أليسون كنغ” إلى الوضع الإنساني وما يتم الحديث عنه من احجام الدول الغربية الصديقة للشعب السوري عن تقديم الدعم للمنظمات التي تعمل في مجال الإعلام والطب والصحة وغيرها من المجالات بالنسبة للسوريين عموما فكان ردها: “إن هذا الأمر غير صحيح، لافتةً إلى أن المملكة المتحدة خصصت2،71 مليار جنيه إسترليني (3,51 مليار دولار أمريكي) للاستجابة لأزمة سوريا منذ عام 2012، وهو أكبر رد على الإطلاق على أزمة إنسانية واحدة، بصفتنا ثاني أكبر مانح ثنائي للجهود الإنسانية في سوريا منذ عام 2011، فإننا في طليعة الاستجابة الإنسانية، حيث نقدم الدعم المنقذ للحياة والمغير لحياة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء سوريا، امّا القرارات المتعلقة بدعم المنظمات الفردية فيتم اتخاذها على أساس كل حالة على حدة.
إعادة التطبيع مع نظام الأسد
وحول استراتيجية المملكة المتحدة في التعامل مع نظرية التطبيع أمام جملة المتغيرات الحاصلة خاصة، وأن هناك تغير في استراتيجية التعامل مع النظام السوري من قبل بعض الدول العربية والإقليمية من حيث إعادة التطبيع معه على صعيد فتح السفارات، والحدود، وكذلك استئناف شركات الطيران عملها في الأجواء السورية، أوضحت المتحدثة البريطانية قائلةً: إن موقف المملكة المتحدة لم يتغير، وأن نظام الأسد فقد شرعيته بسبب فظائعه ضد الشعب السوري، لذلك أغلقنا السفارة البريطانية في دمشق عام 2012 وليس لدينا أي خطط لإعادة فتحها حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق التفاوض، أمّا الدول الأخرى فهي التي تقرر تمثيلها في دمشق وعلاقتها بها.
جهود الحل السياسي في سوريا
وفي ختام اللقاء سألنا المتحدثة البريطانية “أليسون كنغ” عن الدور المنوط بالمملكة المتحدة في ظل الدعوة الفرنسية لإجراء محادثات بين محور أستانة الثلاثي (الروسي والتركي والايراني) وبين المجموعة المصغرة من أصدقاء سوريا وكم من المتوقع أن يحصلوا على نتائج ذات قيمة اجرائية فيما يخص الحل السياسي للمسار السوري، أجابت: نحن نرحب بأي شكل من المحدثات يساعد على دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتحقيق السلام عن طريق التفاوض في سوريا.
وتابعت بالقول: إن الصراع في سوريا هو واحداً من أكثر الصراعات تدميراً في تاريخ البشرية الحديث، ونحن نريد أن تنتهي الحرب بأسرع وقت ممكن، ونحن ندعم العملية السياسية التي تسهلها الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية دائمة للنزاع الذي يحمي حقوق جميع السوريين، حيث يجب على المجتمع المدني والنساء والأقليات أن يلعبوا دوراً، كما يحظى المبعوث الأممي “غير بيدرسن” على دعمنا الكامل.