أحمد زكريا – sy24
“الدعوة لإجراءات حاسمة في إدلب”.. هو العنوان الأبرز للمباحثات التي أجراها وزيرا الدفاع التركي “خلوصي آكار” والروسي “سيرغي شويغو”، الاثنين، في العاصمة التركية أنقرة.
وأشار الوزيران في بيان مشترك عقب المحادثات، إلى أنهما اتفقا على ضرورة اتخاذ ما وصفاه بإجراءات حاسمة من أجل استقرار الوضع في محافظة إدلب السورية، بحسب وكالة “الأناضول” للأنباء.
وتسبق تلك المباحثات بين وزيري الدفاع، القمة المرتقبة في منتجع سوتشي الروسي في 14 فبراير/شباط الجاري، والتي ستجمع الرئيس “رجب طيب أردوغان” بنظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، في حين سيكون ملف “إدلب” على طاولة تلك القمة، بحسب مراقبين.
وتطرح تلك التصريحات والدعوات التي أطلقها وزيرا دفاع البلدين “التركي، والروسي” جملة من التساؤلات حول ماهية تلك الإجراءات الحاسمة وانعكاساتها على منطقة إدلب واتفاق “سوتشي” الذي تم في سبتمبر من العام الماضي بين الرئيسين “أردوغان وبوتين”.
معركة إدلب ” مؤجلة”
ويرى مراقبون أن روسيا تسعى جاهدة للضغط على تركيا والتلويح بنيتها شن عمل عسكري ضد منطقة إدلب بحجة مكافحة الإرهاب، معتبرة أن اتفاق “سوتشي” الموقع مؤخرًا لم يطبق بشكل كامل.
وفي هذا الصدد كانت مصادر إعلامية نقلت، الجمعة، عن نائب وزير الخارجية الروسي “سيرغي فيرشينين” قوله: “إن التحرك العسكري المحتمل في إدلب سيكون منظماً بشكل فعال إذا تم”.
“طه عودة أوغلو” الكاتب والمحلل السياسي، اعتبر أن الاجتماع الذي جمع وزيري دفاع كل من تركيا خلوصي أكار وروسيا سيرغي شويغو، الإثنين 11 فبراير 2019 في أنقرة، نجح في تأجيل معركة محتملة في إدلب بعدما كثر الحديث في الأيام الأخيرة الماضية عن ضغوط روسية على تركيا من أجل تطبيق بنود اتفاق سوتشي بالكامل، والتلويح بعملية عسكرية في ادلب.
وأضاف لسوريا ٢٤، أن دعوة ” أكار وشويغو” إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لتوفير الأمن بمنطقة منزوعة السلاح في إدلب، هو بمثابة التأكيد على أهمية وضرورة مواصلة التعاون بين الاستخبارات والقوات المسلحة للدولتين، من أجل تحقيق سلام واستقرار مستدام في إدلب، وبالتالي تم ترحيل ملف إدلب إلى ما بعد قمة الزعماء في سوتشي.
وتابع بالقول: في المقابل نستطيع القول إن معركة إدلب مؤجلة ومتوقفة على النجاح في القضاء على التنظيمات الإرهابية، حتى يمكن حماية المدنيين وتجنب سوريا دماء جديدة، لذا فإن أنظار العالم كلها تترقب قمة سوتشي التي من المفترض أن تحدد بمخرجاتها شكل التعاون الثلاثي المستقبلي، وما ستنتجه الدول الضامنة من تفاهمات لتحريك المياه الراكدة، والدفع باتجاه تسوية مستدامة في سوريا عموما وإدلب وشرق الفرات خصوصا.
تطورات هامة تنتظر إدلب هدفها ” سياسي”
وشهدت منطقة إدلب خلال الأيام الماضية وخاصة جنوبيها، خروقات من قبل قوات نظام الأسد على مرأى ومسمع من الضامن الروسي الذي بدأ يصعد أيضًا من تصريحاته متذرعًا بسيطرة هيئة تحرير الشام على معظم محافظة إدلب، في حين اعتبرت تركيا أن الاستفزازات التي تجري في منطقة خفض التصعيد بإدلب، لا يمكن اعتبارها ذريعة لشن عملية عسكرية واسعة في المحافظة.
“يمان دابقي” الباحث في “مركز برق للسياسيات والاستشارات” يرى أن إعلان الطرفان “الروسي والتركي” التوصل لنتائج مهمة في ملف إدلب، تأتي في سياق إدخال متغيرات جديدة على اتفاق إدلب مع الحفاظ على الثوابت المخصصة في حماية الإطار العام لاتفاق إدلب الموقع في 17 سبتمبر 2018.
وأضاف في حديثه لسوريا٢٤، أنه من خلال النظر للسياق العام الذي جاءت به الزيارة، نرى أنها جاءت بعد حرب المناورات التي شنتها روسيا كورقة ضغط على الجانب التركي، بعدما استشعرت بنوع من التفاهمات التركية الأمريكية في موضوع تشكيل لجان عمل مشتركة لتنفيذ عملية الانسحاب، وهو ما يعني من الوجهة الروسية غيابها عن مساحة التأثير في سيناريوهات ملء الفراغ في شرق الفرات، وهو الأمر الذي لن تسمح به بناءً على استراتيجيتها الواضحة في حفظ وضبط التوازنات بين كل الفواعل في المنطقة.
وأشار، إلى أنه وبعد فشل قمة 23 يناير الماضي على مستوى الرؤساء والتي حالت دون التوصل لتفاهم مشترك، أعادت موسكو لغة التأثير من بوابة إدلب الخاصرة الرخوة لتركيا إلى جانب الأكراد.
وتابع بالقول: لذا فإن التمعن بالخلفيات التي سبقت الاجتماع الأخير والذي تميز أنه كان على مستوى وزراء الدفاع، فالنتائج يبدو هذه المرة لن تكون محصورة على مستوى التعزيزات الأمنية، فروسيا ترغب انتزاع مكسب سياسي في ملفات شرق الفرات وإدلب واللجنة الدستورية، هذه الأمور ستتضح أكثر في القمة الثلاثية المرتقبة والتي من المرجح أنها ستترجم النتائج التي تم توصل وزيري الدفاع.
ولا يستبعد “دابقي” في مستهل حديثه، أن تكون المتغيرات الجديدة محصورة ضمن تفاهمات “ثلاثية تركية روسية أمريكية” في شن عملية روسية في مثلث “سهل الغاب”، معتبرًا أن الهدف من ذلك هو تحصين قاعدة “جورين” بذريعة الإرهاب مقابل حلحلة في المنطقة الأمنية أو الآمنة لتركيا، أو قد يكون المقابل تنفيذ اتفاق منبج، على حد تعبيره.
ورغم ضبابية المواقف وعدم وضوح المشهد بالنسبة للتطورات المتلاحقة في منطقة إدلب، إلا أن “دابقي” اعتبر أن التطورات القادمة بالنسبة لمنطقة إدلب سيكون هدفها سياسي بامتياز وقال: لا وجود لجزم بأي سيناريو في المدى القريب، وسط التغيرات والتضارب في المواقف والأفعال بين ضامني “أستانة” وغموض في الموقف الأمريكي، لكن الثابت الوحيد في هذا اللقاء والذي سليه أن متغيرات جديدة ستحدث على الأرض، والهدف سيكون سياسي وليس أمني.
دلائل على وضع اللمسات الأخيرة على ملف إدلب
وكان “مجلس الأمن القومي التركي” أكد أواخر الشهر الماضي، عقب اجتماع له برئاسة الرئيس ” أردوغان”في العاصمة أنقرة، أن تركيا ستواصل العمل في موقفها الحازم فيما يتعلق بالحفاظ على الوضع الحالي في إدلب، لحسب مانقلته وسائل إعلام تركية.
الخبير السياسي الدكتور “باسل الحاج جاسم ” يرى أن أبرز عناوين الزيارة التي جمعت وزيري الدفاع التركي و الروسي، هي بحث ملف إدلب الذي كان وفق تفاهم روسي تركي ،بالإضافة لموضوع الانسحاب الأميركي من سورية و المنطقة الآمنة التي تستعد تركيا لتنفيذها.
ولفت في سياق حديثه لسوريا ٢٤، إلى أن زيارة “شويغو” تاتي قبل أيام من قمة سوتشي لثلاثي أستانا، و كما أنها تأتي بعد اسبوع من زيارة قام بها وزير الدفاع التركي إلى روسيا.
ويرى الدكتور ” الحاج جاسم” أن كل الدلائل تشير إلى وضع اللمسات الأخيرة على ملفين ،الأول إدلب و الآخر ضرب المشروع الانفصالي الاستيطاني الذي قام بجرائم ضد العرب وصفتها منظمة العفو الدولية لجرائم حرب في مناطق شرق شمال سورية.
وتابع بالقول: إن أي عمل عسكري سيكون متزامن أو ليس بالضرورة مع الانسحاب الأميركي، فالمنطقة الأولى للتحرك حتما ستكون فارغة من أي تواجد أجنبي، كما أن هناك أكثر من استحقاق تجعل توقع العمل العسكري قريب جدا، سواء أيا كان المسمى ،تنفيذ اتفاق أضنة،او إقامة منطقة آمنة.
كما يرى الخبير السياسي، أن موسكو لا تضع في حساباتها حاليا مواجهة الجماعات الانفصالية التي تنشط داخل أراضي الجمهورية العربية السورية ،و هي تخدم مصالح واشنطن أكثر من موسكو، كما أنها تقفز على كل الحبال،لذلك تصرفت روسيا بحنكة عندما تركت هذه المهمة لأنقرة الدولة العضو في حلف الناتو.
وأضاف، أنه ليس بعيد عن الأجواء، إعادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طرح فكرة إحياء اتفاق أضنة بين دمشق و أنقرة، و الهدف الأبرز فيه بين أمور كثيرة أخرى، الحفاظ على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، و كذلك مراعاة مخاوف تركيا الأمنية تجاه المنظمات المصنفة إرهابية في حلف الناتو، و تحاربها منذ سنين داخل و خارج حدودها .