رويترز – sy24
سقط زوج أولجا ماركلوفا السابق قتيلا قبل عامين أثناء مهمة سرية في سوريا لحساب الدولة الروسية.
وهي تريد الآن أن يعلن الكرملين المسؤولية عنه وعن عشرات من المقاتلين الآخرين الذين سقطوا أثناء الخدمة.
قالت ماركلوفا التي تعد الشفافية بالنسبة لها أساسية لضمان الحصول على تعويض مالي ”ليس من المعقول إطلاقا الآن إخفاء أنهم كانوا في سوريا في مهام قتالية“.
ويقول عشرات من المطلعين على هذه المهام إن زوجها السابق ديمتري وآلاف غيره من المتعاقدين شاركوا في الحرب سرا في سوريا بالتنسيق مع القوات النظامية الروسية.
وقالت ماركلوفا في شقتها التي تكاد تخلو من الأثاث والمكونة من غرفة نوم واحدة ”أود أن أطالب السلطات بالاعتراف بأن أزواجنا كانوا من رجال القوات المسلحة“.
وتعيش معها ابنتها كسينيا البالغة من العمر تسعة أعوام في مدينة تبعد 900 كيلومتر عن موسكو شرقا.
وساندت القوات الروسية منذ عام 2015 جيش النظام السوري المتهالك، ودعمته بأكثر من 45 ألف طلعة جوية حتى الآن، فضلاً عن آلاف الصواريخ والقنابل التي قدمتها دعماً للأسد.
وتم تدعيم القوات النظامية بالمتعاقدين حسب أقوال المقاتلين وأقاربهم وأصدقائهم ومسؤولين في مدنهم.
وتقول المصادر إن المتعاقدين تحملوا العبء الأكبر في بعض من أسوأ الاشتباكات. غير أن المسؤولين الروس ينفون إرسالهم ويقولون إن بعض المدنيين ربما سافروا إلى سوريا بمبادرات شخصية.
تتحدث ماركلوفا المعلمة (35 عاما) بحرارة شديدة عن القضية لكن عينيها تغرورقان بالدموع عندما تقعان على صور زوجها السابق.
ومن النادر أن يتحدث أحد الأقارب بصراحة عن هذه القضية. وقال آخرون لرويترز إن الشركة التي تعاقدت مع أقاربهم على السفر إلى سوريا نبهتهم لضرورة التزام الصمت.
إعلان
وقد قررت ماركلوفا الجهر بمطالبها لأنها تعجز هي وابنتها عن الحصول على امتيازات تحق لورثة من سقطوا قتلى في العمليات الحربية.
وتكشف حالتها كيف أدت الحملة السرية في سوريا إلى عواقب غير مقصودة في روسيا ومدى عزم البعض على كسر الصمت.
* المكالمة الأخيرة
روت ماركلوفا لرويترز كيف كان زوجها السابق، الذي كان في الماضي من رجال الجيش الروسي برتبة سارجنت، كثير الغياب في مهام. وقالت إنها توسلت إليه أن يقضى بعض الوقت في البيت غير أنها فقدت الأمل في نهاية الأمر وطلبت الطلاق.
وقالت إنه طلب منها الصفح ووعد بأن يهجر حياته العسكرية ويستقر. لكن ذلك لم يحدث قط وتم الطلاق قبل مصرعه.
وقبل عامين سافر ديمتري إلى سوريا كمتعاقد خاص مع مؤسسة تعرف باسم مجموعة واجنر وأبلغها أصدقاؤه أنه سقط قتيلا في انفجار لغم بعد أيام من وصوله.
وتبين نسخة من شهادة وفاته التي أصدرتها القنصلية الروسية في سوريا واطلعت عليها رويترز أنه توفي في 29 يناير كانون الثاني 2017 من جراء الإصابة بشظايا وبالرصاص.
وتقول ماركلوفا وهي تمسح دموعها ”آخر مرة اتصل فيها بي كانت في 21 يناير 2017. قال لي إنه سيغيب في الأسابيع الثلاثة المقبلة … وإنه عندما يعود سيتصل ويعود للوطن وإنه يفتقد ابنته بشدة“.
وتضيف ”هذا كل شيء. ولم يتصل مرة أخرى قط“.
وبعد أن علمت بمقتله بدأت ماركلوفا رحلتها عبر دهاليز الإدارات الروسية للمطالبة بمدفوعات تعتقد أنها من حقها هي وابنتها.
وعندما يسقط أحد أفراد القوات المسلحة الروسية قتيلا تحصل أسرته على تعويض يبلغ ثلاثة ملايين روبل (44700 دولار) ومبلغ شهري قدره 14 ألف روبل (209 دولارات) وفقا للقانون الاتحادي الروسي الذي أصبح ساريا في 2011.
ويتم تقسيم مبلغ التعويض والمعاش الشهري بين أفراد الأسرة. ومنذ 2013 قررت الحكومة زيادة هذه المبالغ قليلا كل عام.
وتعامل أسر المتعاقدين معاملة مختلفة. إذ يحصل أحد الأقارب على دفعة غير رسمية من الشركة المتعاقدة قد تصل إلى 100 ألف دولار تقريبا حسب دور المقاتل القتيل.
غير أن الأسر لا تحصل على امتيازات أخرى حسب ما قاله عدد من أقارب القتلى الذين شاركوا في القتال في سوريا لحساب مجموعة واجنر.
وقالت ماركلوفا إنها لم تكن مؤهلة للتعويض من مجموعة واجنر بسبب الطلاق. وحصل أحد أقارب زوجها السابق على المال.
ويقول مسؤولون إن ماركلوفا لا يحق لها الحصول على التعويض لأن زوجها السابق لم يكن في الخدمة الرسمية عند مقتله.
* أطفال بلا مساعدة
طبقا لحسابات ماركلوفا فإنها ستحصل على ما يصل إلى عشرة آلاف روبل (149 دولارا) شهريا إذا ما اعترفت السلطات بأن ديمتري أحد رجال الجيش الذين فقدوا حياتهم أثناء القتال.
وهي تقول إن ذلك سيدعم بشدة دخلها الذي لا يكاد يكفي مصاريف تربية ابنتها.
وقالت ماركلوفا إن مرتبها الشهري كمدرسة يبلغ نحو 16 ألف روبل (239 دولارا) كما أنها تحصل على إعانة شهرية من الدولة قدرها 8232 روبلا (123 دولارا) باعتبارها أم لطفل فقد عائله. ولا صلة لهذه الإعانة بوضع زوجها السابق عند موته.
وسبق أن خدم ديمتري في شمال القوقاز مع قوات وزارة الداخلية الروسية. وقالت ماركلوفا إنها طلبت من وزارة الداخلية الاعتراف بأنه قتل أثناء القتال لكن طلبها قوبل بالرفض لأنها لم تكن تملك الوثائق اللازمة لإثبات أن زوجها السابق كان في سوريا في مهمة رسمية.وقالت في إشارة إلى ديمتري وغيره من المتعاقدين ”نتلقى ردودا من كل مكان أنهم كانوا مدنيين“.
وأكد مسؤول بوزارة الداخلية طلب عدم نشر اسمه أن الوزارة رفضت طلب ماركلوفا وفقا للقانون 306.
كما أكدت مسؤولة في إدارة الرعاية الاجتماعية بالحي الذي تعيش فيه ماركلوفا سبق أن تابعت قضيتها أنها طلبت الإعانة لكن طلبها قوبل بالرفض.
وأضافت أن الابنة تحصل على بعض الامتيازات باعتبارها ابنة أحد قدامى المقاتلين الراحلين.
ولم تستطع رويترز الاتصال بمجموعة واجنر أو أي ممن شاركوا في جلب مجندين لها.
وقالت ماركلوفا إنه إذا لم تحل قضيتها فإنها سترفع قضيتها وقضايا أقارب آخرين للكرملين. وأضافت ”أطفالنا تركوا بلا مساعدة“.