تدوير الملابس في إدلب.. مهنة تقي بعض النساء الحاجة وتؤمن معيشتهن

Facebook
WhatsApp
Telegram

سناء العلي - SY24

في غرفة صغيرة أنهكتها التشققات بسبب حربٍ وغاراتٍ لم تستثني أحد، تجلس سعاد (46 عاماً) من بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي، خلف آلة الخياطة البسيطة، بعد أن فاتها قطار الزواج لأنها كانت تعاني بوالدتها العجوز المقعدة منذ سنوات عديدة.

تعمل سعاد في مهنة راجت وانتشرت مؤخراً بسبب ظروف الحرب وهي مهنة تدوير الملابس القديمة، تقول سعاد: “كنت قبل قيام الثورة كالكثير من نساء مناطقنا الغير متعلمات أعمل في الأراضي الزراعية بشكل مأجور، وكانت تصطحبنا سيارات خاصة إلى مناطق أرياف حماة الشمالي الزراعية، أما بعد الحرب وما آل إليه حال ريف حماة الشمالي، فقد توقفت أعمال الزراعة هذه بشكل كامل تقريباً”.

انتشار محلات “البالة” والفقر وقلّة فرص العمل بشكل عام والتشرد والنزوح كلّها أسباب جعلت أغلب الناس تلجأ إلى تدوير ملابسها القديمة أو ملابس من البالة زهيدة الثمن بغية تصغيرها ليلبسها الأطفال.

وباتت مهنة تدوير الملابس مهنة منزلية، تكاد تكون معدومة التكاليف لبعض النساء خاصة اللواتي لا يملكن معيلاً، هذا الأمر دفع سعاد للالتحاق بإحدى دورات تمكين المرأة في مركز نسائي داخل بلدتها بهدف تعلم الخياطة، تميزت في دورتها ومن بعدها عملت على شراء آلة خياطة بسيطة مستعملة، وبدأت بالعمل في تدوير الملابس بأجور بسيطة تقيها وأمها العجوز حاجة الناس وسؤالهم.

تتابع قائلة: “أغلب زبائني هم من الأطفال دون العشر سنوات، ُصغّر لهم ملابس أهلهم وإخوتهم الأكبر التي لا يزال بها بعض الرمق، كما أعمل في ترقيع بناطيل الجينز طويلة العمر وتركيب السحّابات وأيضاً تقصير الملابس الجديدة للنساء اللواتي يشترين لباساً جديداً”، كما تعمل سعاد أيضاً بأيّ عمل يتسنى لها بين الحين والآخر كـ “قطاف الزيتون في موسمه وجمع الشفلح وبيعه”.

تتردد أم خالد (53 عاماً) على جارتها سعاد بشكل شبه دائم بهدف تدوير وترقيع وترميم الملابس القديمة لأبنائها وأحفادها الصغار، وقالت: “أسرتنا كبيرة العدد ولديّ أطفالاً صغاراً وأحفاد، المعيشة أصبحت صعبة في هذه الحرب وعلينا أن نتحايل عليها، لذلك أقدم على تدوير الملابس القديمة عند سعاد لأن الملابس الجديدة غالية الثمن”.

سعاد راضية وسعيدة بعملها هذا، وبلقبها الذي أصبحت تشتهر به “الخيّاطة سعاد” وهي تعلم – بحسب قولها – أنّ هذه المهنة لن تغنيها لكنها تسترها بمعدل دخل يتراوح ما بين (1000- 1200) ل.س يومياً قد يزيد قليلاً وقد ينقص.

مقالات ذات صلة