جريدة المدن – SY24
بدأت المليشيات الإيرانية، منذ مطلع شباط/فبراير،
بإخلاء مراكزها ومستودعاتها في مطار دمشق الدولي ومحيطه، بعد تعرّضها لقصف
اسرائيلي متكرر.
مصادر “المدن” أكدت أن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة،
في 11 كانون الثاني/يناير، أدت إلى أضرار كبيرة في ثلاثة مُدرجات مُخصصة للطائرات
الإيرانية التي تنقل مقاتلين وأسلحة ووفوداً سياحية دينية. كما تعرضت إحدى صالات
انتظار الركاب لأضرار مادية. وتسببت الصواريخ التي استهدفت المطار بتعطيل أجزاء من
الرادار، وأجهزة الملاحة الخاصة بحركة الطيران.
عسكرياً، دمرت الضربة الإسرائيلية مستودعين إيرانيين اثنين بشكل كامل،
بعدما أفرغت طائرة إيرانية حمولتها من الأسلحة فيهما قبل أقل من 48 ساعة، بحسب
مصادر “المدن”. كما تسببت الغارات بتدمير رادار صيني وقاعدة دفاع جوّي
روسية الصنع، استخدمتها المليشيات الإيرانية للتصدي للصواريخ الإسرائيلية.
مصدر خاص أكد لـ”المدن” أن المليشيات الإيرانية انهت في
شباط تفريغ مستودعاتها ومراكزها الاستخباراتية الواقعة على مسافة 3 كيلومترات من
حرم مطار دمشق الدولي، بناءً على تفاهم مع الجانب الروسي لتجيب المطار ضربات جديدة.
وشمل الاتفاق بين الجانبين الإيراني والروسي، بحسب مصدر
“المدن”؛ وقف إيران لعمليات نقل الأسلحة والذخائر غير المسموح بها،
كالصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى عبر مطار دمشق الدولي، واستمرار السماح لها بنقل
المقاتلين والمعدات العسكرية الخفيفة والدعم اللوجستي اللازم للمليشيات الشيعية
المقاتلة في سوريا.
وأكد مصدر “المدن” المقرب من إدارة المطار، أن الاتفاق
الإيراني–الروسي، جاء بتنسيق روسي-إسرائيلي لوقف القصف عن المطار ومحيطه طيلة فترة
عمليات التفريغ.
وشملت المواقع التي تم تفريغها، بحسب مصدر “المدن”، أكثر من
9 مستودعات كبيرة، تحوي أسلحة وذخائر، وصواريخ بعيدة المدى، فضلاً عن نقل مركز
استخباراتي في محيط المطار من جهة الغوطة الشرقية، ومركزاً للتجسس على الاتصالات
اللاسلكية وآخر لقيادة العمليات.
وتوزعت المستودعات التي تم نقلها إلى ثكنات عسكرية غربي دمشق وشرقها
وشمالها. وكان النصيب الأكبر من الصواريخ التي تم نقلها، وفقاً لمصدر خاص
بـ”المدن”، إلى مقرات “الفرقة الرابعة” الممتدة على سلسلة
جبلية واسعة في ريف دمشق الغربي. كما جرى نقل بعض الأسلحة والذخائر والمعدات
اللوجستية إلى ثكنات تابعة لـ”الفرقة الأولى”، التي تُعتبر أكثر الفرق
العسكرية في قوات النظام قرباً من إيران. فيما جرى نقل معدات وأسلحة متوسطة وخفيفة
إلى مطار المزة العسكري.
ومن المواقع التي تم إخلاؤها؛ “البيت الزجاجي”، أكبر قواعد
إيران في محيط مطار دمشق الدولي، خاصة بعد نشر إسرائيل لصور له رغم إنها قالت إنه
خالٍ منذ أشهر ولم تظهر فيه حركة تُذكر. لكن الإيرانيين، بحسب مصادر
“المدن”، ابقوا على مقر واحد، تحت أرضي، ضمن “البيت الزجاجي”،
وذلك لاستقبال الشخصيات الإيرانية القادمة إلى دمشق عبر المطار، بشكل مؤقت ريثما
يتم تأمين الطريق نحو الهدف المقصود.
وبالرغم من إفراغ عشرات المواقع العسكرية التابعة لإيران في محيط
المطار الدولي، لا تزال مجموعات مقاتلة تتبع لمليشيات شيعية محلية وأجنبية تتمركز
في مصانع حكومية وهنغارات ضخمة مهجورة في محيط المطار من جهة الغوطة الشرقية،
وتتخذ منها أماكن للمبيت ومراكز للتدريب فضلاً عن نشر مجموعة من قواعد الدفاع
الجوّي في محيطها.
مصدر “المدن” أكد أن آخر طائرة أقلت شحنة معدات عسكرية
إيرانية حطّت في مطار دمشق، كانت في 21 كانون الثاني/يناير 2019، وهي التي تم
اعتراضها من قبل الطيران الاسرائيلي، ما أجبرها على مغادرة الأجواء السورية
والعودة بعد ساعات. ومع ذلك، فقد تم قصف الحمولة بعد تفريغها، وتدمير المستودع
بالكامل.
ومن المُفترض، بحسب المصدر، أن يتم نقل المعدات الإيرانية من الآن
فصاعداً إلى مطارات العراق، ومنها براً إلى سوريا، أو عبر مطار بيروت، ومنه عبر
المعابر الشرعية وغير الشرعية، التي تُسيطر عليها مليشيا “حزب الله”
ومجموعات تابعة لإيران.
عمليات التفريغ لمستودعات إيران في محيط مطار دمشق الدولي، تتزامن مع
حديث جدّي حول نيّة إيران، بموافقة روسية، إنشاء مطار عسكري جديد في الريف الغربي
لدمشق، بالقرب من بلدة الكسوة، حيث تتمركز معظم المليشيات الشيعية الإيرانية
واللبنانية. على أن يتم نقل أعمال مطار المزة العسكري إلى المطار الجديد، ليكون
تحت سيطرة إيرانية كاملة، يتم استخدامه لأغراض عسكرية عوضاً عن مطار دمشق الدولي.
مصادر “المدن” أكدت أيضاً تفعيل المليشيات الإيرانية لمطار
الديماس الشراعي، المتوقف عن العمل منذ الضربات الإسرائيلية العنيفة التي تلقاها
في العام 2014، قبل أن يتحول لمعسكر تدريب ومقر إقامة لمليشيات النظام المحلية
والأجنبية.
تفعيل مطار الديماس بدأ مطلع العام 2019، بالتنسيق مع وحدات من القوى
الجويّة. وخصصت إيران مطار الديماس، بحسب مصادر “المدن”، لتطوير طائرات
مُسيرة عن بعد تُستخدم لأغراض قتالية وتجسسية فوق الجولان والمواقع القريبة من
اسرائيل. هذا فضلاً عن استخدام المطار كقاعدة استخباراتية ومقرات للاجتماعات التي
يحضرها قادة في مليشيا “حزب الله” لأنها منطقة قريبة من الحدود
السورية–اللبنانية.
الجانب الروسي كان قد تقدم بطلب رسمي لإسرائيل، في 18 كانون الثاني/
يناير، بوقف القصف على مطار دمشق الدولي، في مسعى روسي لإعادة تأهيل المطار من
الناحيتين اللوجستية والفنّية. الرد الإسرائيلي جاء بعد أكثر من شهر ونصف، حيث نشر
موقع “واللا” الإسرائيلي في 2 آذار/ مارس، أن إسرائيل رفضت الالتزام
بالمطالب الروسية باستثناء مطار دمشق الدولي من الغارات التي تنفذها في سوريا.
وقال الموقع إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حاول خلال لقائه الأخير مع رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إعادة صياغة قواعد التنسيق بين الجانبين تضمن
عدم تنفيذ غارات جوية تستهدف المطار ومحيطه.
الموقع تابع، بأنه في حال حصلت إسرائيل على معلومات استخبارية دقيقة
تفيد بأن شحنات سلاح نوعي وصلت من إيران إلى مطار دمشق الدولي، فإنها لن تتردد في
قصف المكان.
إلا أن مصدراً ديبلوماسياً قال، السبت، لوكالة “نوفوستي”
الروسية، إن الخبراء الروس والإسرائيليين يعملون على وضع أول وثيقة مكتوبة حول
“تفادي الصدام” بين روسيا وإسرائيل في سوريا. وأضاف: “نواصل تطوير
الآلية (لتفادي الصدام). وهناك تعليمات مباشرة بإنجاز هذه الوثيقة”.
وأشار المصدر إلى أن هذا الموضوع نوقش خلال زيارة نتنياهو إلى روسيا،
لعقد أول لقاء له مع بوتين عقب حادثة اسقاط طائرة “إيل 20” الروسية فوق
سوريا في أيلول/سبتمبر 2018.